تأهل الشاعر السعودي طارق صميلي إلى المرحلة الثانية في «أمير الشعراء» بعد أن منحته لجنة التحكيم 47 في المئة، ليبقى المتنافسون الثلاثة إباء الخطيب من سورية ونوفل السعيد من المغرب وأفياء أمين من العراق على قلق حتى الأسبوع المقبل موعد إعلان نتائج التصويت. وكان على الشعراء الأربعة مجاراة أبيات ابن زيدون وولادة بنت المستكفي، ومن ثم إلقاء قصائدهم التي خضعت لآراء أعضاء لجنة التحكيم. وكان أول من قابل اللجنة طارق صميلي، الذي لا يزال يبحث عن أسلوبه الخاص، فجارى بداية أبيات الشاعر الأندلسي ابن خلدون، ثم انتقل إلى قصيدته «حِضْنٌ لِتَعَبِ الأَشْرِعَة» التي استهلها بالأبيات الآتية: يَمُرُّ من لغةٍ عليا إلى لُغَتِي/ كما يَمُرُّ نسيمٌ داخلَ الرِّئَةِ/ وكُلَّمَا يمَّمَتْ روحي لخَاتِمَةٍ/ ألقاهُ يقرأُ للآفاقِ فاتِحَتِي/ ولو تَوَارَتْ وراء الغيمِ أجْوِبَةٌ/ لَسَالَ نَهْرا عَلَى بَيْدَاءِ أَسْئِلَتِي/ مِنْ أجْلِهِ نَبَتَتْ فِي الرُّوحِ نَرْجِسَةٌ/ ومِنْ هَوَاهُ عَلَى آثَارِهِ مَشَتِ/ لَهُ الحَيَاةُ تُعَرِّي ثَوْبَ فِتْنَتِهَا/ مِنَ الخَلَاخِيلِ حَتَّى عَضَّة الشَّفَةِ». الدكتور صلاح فضل كان أول المتحدثين من لجنة التحكيم، فقال لطارق: «أراك تعبّر عن لحظة حميمة جوانيّة». في حين أشار الدكتور علي بن تميم إلى طلة طارق البهية، وإلى البيت «مِنَ الخَلَاخِيلِ حَتَّى عَضَّة الشَّفَةِ». أما افتتاحية النص فتذكر ابن تميم إيقاعياً بمفتتح محمود درويش «أمر باسمك إذ أخلو إلى نفسي كما يمر دمشقي بأندلس»: «وفي البيت إيقاع استطاع طارق إخفاءه، يشي بروح الشعر، والقصيدة بعمومها فيها غموض شفيف جميل، والشعر لغة داخل اللغة، والبراعة في القصيدة تكمن في تتبع الشاعر تشكيلات الشعر وماهيتيه وجوهره بإبداع لا حدود له، منوهاً إلى جبل «الجودي» الذي يطلب اللجوء إلى الشعر، وختم بأن النص جميل لغةً وتسلسلاً في المعنى، في حين أن التجربة متماسكة. أما الدكتور عبدالملك مرتاض، فبدأ من العنوان بما فيه من غموض وإبهام وغرابة، وأشار إلى أن الشاعر لا يمكنه تركيب الكلام وينتهي إلى غيره، «والشاعر يفلت من اللغة العليا إلى اللغة الدنيا، ومن المقدس إلى المدنس، وقد جاءت القصيدة كماء المسيل، مستوياتها غير متناشزة، وفيها صور كأنها غجرية، وصور فنية بديعة، لكنها غير ثابتة الوجود، فصورة واحدة في البيت الثالث قامت على افتراضية الوقوع، ولذلك جاءت طافحة الجمال، وهي أجمل الأبيات تصويراً، وفيها إصرار الشخصية الشعرية على الرنو لتفتيح أردية المدى». وشهدت الأمسية تقريراً عن مجلس محمد بن زايد لأجيال المستقبل، وتقريراً آخر عن واحة مدينة العين، أما الفنانة غادة شبير فقدمت إحدى روائعها بصوتها الرائق والعذب والقوي. كما شهدت الأمسية مجاراة رائعة موضوعها الأب، بين شاعرين أقل ما يمكن أن يقال عنهما إنهما أبدعا كلٌ في ما يعشق، فقدمت الشاعرة زينب البلوشي نصاً نبطياً ينضح ألماً أهدته إلى روح والدها الذي غادر دنيانا، في حين ألقى الشاعر محمد العزام نص «أبي» المترع حناناً وحنيناً، وجاء شفيفاً كروحٍ عاشقة ونبيلة.