يرصد الأوروبيون ردود أسواق المال على حزمة القروض التي ستقدمها الدول الأوروبية إلى إرلندا بعد مصادقة وزراء المال أمس في بروكسيل عليها. وتبلغ قيمة الصفقة 85 بليون يورو يقدمها صندوق الاستقرار المالي الأوروبي في شكل قروض بأسعار معتدلة دون تلك التي واجهتها دبلن في أسواق المال. وعقد وزراء منطقة اليورو (16 عضواً) اجتماعاً بحثوا فيه تفاصيل خطة الإنقاذ المالية التي تم التوصل إليها في نهاية مباحثات مكثفة مع الحكومة الإرلندية على مدى الأسبوع الماضي. وصودق على الخطة في اجتماع موسع لوزراء المال في دول الاتحاد الأوروبي. وسعى المسؤولون إلى استكمال الإجراءات قبل موعد افتتاح أسواق المال في آسيا والتي تستبق الأسواق الأوروبية بست ساعات. وأجرى كبار الزعماء مشاورات قبل بدء الاجتماع تهدف إلى تحصين منطقة اليورو. وأعلنت المفوضية بأن مشاورات أجريت من طريق الهاتف، قبل بدء اجتماع وزراء المال بين رئيس المفوضية خوسيه مانويل باروسو ورئيس المجلس الأوروبي هيرمان فان رومبوي ورئيس مجموعة اليورو جان كلود يونكير ورئيس المصرف المركزي الأوروبي جان كلود تريشيه والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الألمانية أنغيلا مركل. وصرح باروسو بأن الاتحاد الأوروبي «يمتلك أدوات الرد إذا واجهته أزمات أخرى». ورفض الرد على الأسئلة المتعلقة باحتمال انتشار العدوى الإرلندية ورأى أن «بعض الزعماء يتحدثون كثيراً. ويجب على الزعماء السياسيين التزام الهدوء عندما تكون الأسواق متوترة». وقال ان «الدول التي يشار إليها في صدد اتخاذ إجراءات شجاعة»، في إشارة إلى برامج التقشف الشديدة الجارية في كل من البرتغال وإسبانيا. وشدد باروسو على ان الاتحاد «يمتلك الأدوات الضرورية لمواجهة أزمات أخرى إذا تفجرت. ويمكنه الرد سواءً من طريق صندوق الاستقرار المالي أم من خلال إجراءات أخرى». وتبلغ قيمة صندوق الاستقرار المالي 750 بليون يورو منها مساهمة صندوق النقد الدولي. واستبعد رئيس المفوضية سيناريو تفجر منطقة اليورو بالقول: «لا يمكن ببساطة تخيل مغادرة إحدى الدول منطقة اليورو. فتكلفة خروجها سيصعب تحملها. وما يحدث هو العكس حيث ستستقبل المنطقة إستونيا مطلع عام 2011. فعملة اليورو مستقرة للغاية ولا وجود لاتجاه ضدها». وذكرت وزيرة المال الفرنسية كريستين لاغارد عند وصولها إلى مبني الاتحاد في بروكسيل بأن الاتفاق جاهز باستثناء «بعض التفاصيل المتعلقة بأسعار الفائدة». وذكر رئيس مجلس وزراء المال وزير المال البلجيكي ديدييه رايندرس بأن الاجتماع يسعى إلى استكمال تفاصيل حزمة القروض التي ستقدم لإرلندا و «تقويم الوضع المالي في منطقة يورو وقدرتها على اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة الأزمة والتدابير الضرورية للمستقبل». وأضاف رايندرس أن منطقة اليورو «أثبتت التضامن في ما بين الدول الأعضاء والقدرة على الصمود تجاه الصدمات الخارجية». ورفض الوزراء الإجابة على الأسئلة المتعلقة باحتمال انتقال العدوى إلى البرتغال وإسبانيا وكذلك الاقتراحات التي ترددت في الأيام القليلة حول احتمال لجوء منطقة اليورو إلى زيادة موارد صندوق الاستقرار المالي لمواجهة خطر عدوى الأزمة إلى دول أوروبية أخرى. وقال رايندرس: «لا ضرورة لذلك اليوم بدليل التقويمات التي أجرتها المفوضية». وتركزت جهود الوزراء على مراجعة الوضع المالي للدول التي تواجه ضغط أسواق المال وقدرات صندوق الاستقرار المالي على مواجهة طلبات المساعدات الإضافية. وقال المفوض الأوروبي للشؤون المالية والاقتصادية أولي ريهن ان المباحثات المكثفة «تهدف إلى حماية فرص استعادة النمو حيث سيصادق الوزراء على الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع إرلندا» ويبحثون أيضاً «الوضع المالي في منطقة اليورو والردود المنتظمة لمواجهة الأزمات». وذكرت مصادر ديبلوماسية ان الخطة تشمل 85 بليون يورو، منها 35 بليون ستُنفق لإنقاذ القطاع المصرفي. ونقلت مصادر إرلندية ان الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد طلبا من حكومة دبلن تأميم المصارف الثلاثة التي كانت تدخلت الحكومة وأنقذتها وحازت على غالبية من أسهمها. لكن دبلن تريد حلاً مالياً من دون خيار التأميم، خصوصاً أنها أنفقت نحو 50 بليوناً لإنقاذ القطاع المصرفي خلال الأزمة المالية، ما أدى إلى ارتفاع عجز الموازنة إلى 32 في المئة. والخطة هي الثانية التي يقدمها الصندوق الأوروبي بمشاركة صندوق النقد بعد حزمة قروض بقيمة 110 بلايين يورو قُدمت إلى اليونان في الربيع الماضي. ورفضت وزيرة المال الإسبانية ايلينا سالغادو الخوض في احتمال انتقال العدوى الى البرتغال واسبانيا. وقالت ان الاجتماع «يبحث في إرلندا فقط». ووصل وزير المال الإرلندي براين لينان متأخراً بنحو ساعة إلى اجتماع بروكسيل. وقال وزير الخزانة البريطاني ديفيد اوسبورن ان مصلحة بريطانيا تقتضي «الاستقرار المالي في إرلندا وفي منطقة اليورو بأكملها». ولا تنتمي بريطانيا لعضوية العملة الواحدة، ويُنتظر ان تقدم قروضاً لمساعدة إرلندا على الصعيد الثنائي وكذلك في نطاق صندوق الاستقرار المالي الأوروبي، مثلما ستفعل كل من السويد والدنمارك وكلاهما لا تنتمي إلى منطقة اليورو.