يحمل إليّ البريد أصوات شكر كثيرة (تسعدني)، كما يحمل أصوات استغاثة تشعرني بالعجز وقلة الحيلة مع كثير من الحزن. أشكر بالطبع كل من يراسلني وكل من يخاطب بفكره فكري، وأستثني كل من يحوّل رسالته إلى وسيلة هجوم، مستخدماً آياتٍ من القرآن الكريم في غير محلها، لأنها لا تتفق مع الموضوع وبعيداً عن سياق هجومه وبعيداً عن الموضوع أصلاً، فأحد الأشخاص أرسل لي رسالة تحذيرية بأنني في النار وبئس المصير، لأنني أريد أن تقود الأنثى (وسيلة مواصلات في السماء كما عنونت مقالي)، ولا أدري ما الذي فهمه من المقال غير أنه طرح أسلوباً كوميدياً قد يوصل الفكرة وحجم المعاناة التي تتكبدها بعض النساء لتوصيل أولادهن أو للذهاب لعملهن... كنت سأتقبل كل ما قاله بصدر رحب كونه يدعوني إلى التوبة النصوحة قبل الموت الذي يريده لي سريعاً، ولكن ما استوقفني كلمة واحدة قلبت موازين عقلي ورغبتي في التوبة السريعة من كل أخطائي الكثيرة وكل كلماتي المعيبة وكل أفكاري المخجلة التي نالها بالتصريح والتلميح، وهي: «أدعوك لله أن تتركي الكتابة للذكور «الرجاجيل»، واذهبي إلى مطبخك واحتجبي يا قمر»، فهل يتسق ما كتبه مع الكلمة الأخيرة؟ لست أفهم وأعتقد أنني سأظل أكتب!! أحد الأشخاص لامني بشدة لتناولي، بحسب رأيه، موضوع جنسي الخاص في مقال (الليل وآخره)، لأنه يرى أن هذا الموضوع خاص فقط بالذكور ولا يجوز لأنثى مسلمة تناوله بأي شكل من الأشكال، وعجز عن ذكر السبب، في حين أن ما أعرفه أن الزواج علاقة بين رجل وامرأة وليس بين رجل ورجل، وتناول المتخصص الاجتماعي بالتحديد جانباً مهماً من جوانب الحياة أمر طبيعي ومطلب ملح جداً إلا إذا كانت الأنثى في نظره يجب أن تسكت ساكتة! مقال (الليل وآخره) لم يتناول العلاقة الخاصة، بل تناول الإعلانات المخجلة التي لا معنى لها... والأهم أنه ختم رسالته باقتراح أن أكتب مقالاتي الحساسة وأعطيها لزملائي الذكور (لكي أحافظ على اسمي)! اعترض أحد الأشخاص على الأستاذ الفاضل أبكر حمادي كونه أطلق علي لقب (سفيرة لبنات جنسها)، وكان اعتراضه ثلاثي الأبعاد فهو يكتب كل نهاية جملة ثلاث مرات، مثل: «الوصاية على المجتمع مرفوض مرفوض مرفوض»، ومثل: «ليس لك الحق أبداً أبداً أبداً»... ذكرني بكيفية (الطلاق) طالق طالق طالق! أسعدتني جداً رسالة الأخت عائشة القاسم وقبلها تفاعل الأستاذ بكر حمادي مع مقالاتي، خصوصاً مقال (في السماء) الخاص بقيادة السيارات، وأشكرهم من كل قلبي على ما كتبوه في حقي، فهي شهادة أعتز بها، وهي أكثر بكثير مما أستحقه، فما أنا إلا راصدة لمواقف ومشكلات يومية وما أكتبه لا يمثل ربع الحقيقة، وقبلهم أشكر مسؤولي العصر الرائع الشفاف ومناخ الحرية الذي نعيشه، والذي يزدهر يوماً بعد يوم بدءاً من الوالد أبي متعب نصير النساء والمستضعفين وانتهاء بالإعلام ورجاله الأفاضل. [email protected]