توقعت مصادر حزبية مشاركة مئات الآلاف من الرعايا المغاربة في أكبر تظاهرة سلمية تنظم الأحد في الدارالبيضاء، احتجاجاً على مواقف الحزب الشعبي الإسباني إزاء قضية الصحراء. وانضمت أحزاب المعارضة، وفي مقدمها «العدالة والتنمية» الإسلامي و «الأصالة والمعاصرة» الذي أسسه الوزير السابق المنتدب في الداخلية فؤاد عالي الهمة إلى دعوات التعبئة لحض المواطنين على المشاركة في التظاهرة المرتقبة. وقال رئيس الوزراء المغربي عباس الفاسي في ختام اجتماعه إلى الزعامات السياسية إن الحزب الشعبي الإسباني «مارس التدليس» في عرضه لأحداث العيون أمام البرلمان الأوروبي، واتهمه بتقديم «وثائق مزورة» حول مزاعم ربطت أحداث العيون باستخدام العنف من طرف القوات المغربية، مؤكداً أن ذلك «لا أساس له من الصحة». وانتقد الفاسي صمت الحزب الإسباني حول ما وصفه ب «الخروقات الجسيمة لانتهاكات حقوق الإنسان في مخيمات تندوف»، في إشارة الى تبني موقف سلبي إزاء اعتقال المفتش السابق للشرطة مصطفى سلمى (الذي أعلن تأييده الحكم الذاتي في الصحراء)، ورفض الجزائر رسمياً السماح لمفوضية اللاجئين بإحصاء المقيمين في المخيمات المتحدرين من أصول صحراوية. ووصف الفاسي تحركات الحزب الشعبي الإسباني بأنها تندرج في سياق أجندة انتخابية تستخدم العلاقة بين الرباطومدريد كورقة للتأثير على الناخبين، بخاصة في ضوء تزايد المطالب المغربية بتحقيق جلاء إسبانيا عن مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين شمال البلاد. ونددت الزعامات السياسية في الغالبية والمعارضة، في بيان مشترك، بتصرفات الحزب الشعبي الإسباني. وانتقدت عدم قيام البرلمان الأوروبي بتحريات كافية حول أحداث العيون، في ضوء تقديم السلطات المغربية توضيحات كافية إلى العواصم الأوروبية المعنية. وكان البرلمان الأوروبي أقر توصية أكدت ان الأممالمتحدة وحدها المؤهلة لإجراء تحقيق دولي مستقل في أحداث العيون، على رغم قرار مجلس النواب المغربي تشكيل لجنة تقصي الحقائق. لكن البرلمان الأوروبي دان أيضاً استخدام العنف، ما جعل بعض الأوساط المغربية يقول إن المتورطين في الأحداث هم المعنيون بالإدانة والاستنكار، بخاصة أن الضحايا كانوا من بين صفوف القوات المغربية التي قال وزير الاتصال (الإعلام) خالد الناصري إنها لم تطلق عياراً نارياً واحداً. بيد أن وزيرة خارجية إسبانيا ترينيداد خمينيث نأت بنفسها بعيداً عن مواقف المعارضة الإسبانية، وقالت إن المغرب «ليس قوة احتلال» في الصحراء، بل يمارس سلطته على الإقليم نتيجة اتفاق مدريد المبرم عام 1975. وأوضحت أن بلادها «لا تستطيع فعل أي شيء في المحافظات الصحراوية بعد أن انسحبت منها». وجاءت هذه التأكيدات في أعقاب تزايد الجدل حول الموقف الإسباني الرسمي الذي يميل في اتجاه المغرب. وكانت مدريد وباريس وواشنطن أقرت العام الماضي بأن القوانين المغربية «وحدها سارية المفعول في المحافظات الصحراوية». في غضون ذلك، صرّح السكرتير العام لرئاسة الحكومة الإسبانية بيرنار دينوليون بأن التهديد الخطير الذي تواجهه إسبانيا «ليس صادراً عن المغرب، بل من تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي»، فيما رجحت مصادر ديبلوماسية أن تكون لقضية اختطاف رعايا فرنسيين وإسبان في منطقة الساحل جنوب الصحراء علاقة بتوافقات حول القرار الأخير الذي يتبناه البرلمان الأوروبي وذلك بهدف «الإفساح في المجال أمام نجاح مفاوضات الإفراج عن الرهائن». وشددت الرباط، في بيان موجّه، إلى البرلمان الأوروبي على أنها ماضية في التزاماتها الدولية في الحرب على الإرهاب والتصدي للهجرة غير الشرعية، وأبدت الرباط مزيداً من الانشغال بتدهور الأوضاع الأمنية في منطقة الساحل، وقد سبق للاتحاد الأوروبي في قمة غرناطة أن دعم جهود الرباط في «الحرب على الإرهاب»، واعتبر أن المخاطر الحقيقية التي تواجه الأمن الأوروبي تكمن في تنامي الظاهرة الإرهابية في الساحل.