تداعى الأرمن اللبنانيون الى ساحة الشهداء في قلب بيروت ظهر أمس، لاعتصام احتجاجي على زيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان للبنان. وعلى مدى ساعة احتشد المئات بينهم أطفال جاؤوا باللباس المدرسي بعدما أقفلت المدارس أبوابها لتلبية الدعوة، ونساء ورجال ومسنون الى جانب وزراء ونواب أرمن من الأكثرية كما من المعارضة، تحلقوا حول نصب الشهداء، «دليل ما اقترفه العثمانيون بحق اللبنانيين الذين يتناسون تاريخهم»، على ما قال الخطباء الذين توالوا على الكلام. حمل المعتصمون أعلاماً لبنانية ورايات أحزابهم ولا سيما «الطاشناق» الذي شكل أنصاره الحشد الأكبر بين المعتصمين، ولوح آخرون بعلم أرمينيا وآخر يوناني ومجموعة أخرى براية حزب «العمال الكردستاني» المحظور في تركيا، توسطتها صورة زعيم الحزب المعتقل عبد الله أوجلان. ورفعت معتصمات قمصاناً حملت دعوة الى مقاطعة البضائع التركية واستبدالها بلبنانية، ولوح آخرون بلافتات تشدد على أن «الحقيقة والكرامة أغلى من مال العالم». ووسط إجراءات أمنية من عناصر الجيش اللبناني وقوة مكافحة الشغب في قوى الأمن الداخلي، لم يتردد شبان متحمسون من الإقدام على تمزيق صورة كبيرة لأردوغان مرفوعة في الساحة قبالة ضريح الرئيس السابق للحكومة اللبنانية رفيق الحريري، ما أدى الى تدافع مع القوى الأمنية، ما دفع عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النيابي هاغوب بقرادونيان الى التدخل واتصل بوزير الداخلية زياد بارود الذي طالب القوى الأمنية بترك المعتصمين يعبرون عن رأيهم. وأوضح بقرادونيان لاحقاً أنه طلب إزالة صورة أردوغان من ساحة الشهداء «حفاظاً على كرامة الشهداء واحتراماً لأرواحهم والقوى الأمنية لم تتفهم الاعتراض». وساهم شخصياً في تهدئة المعتصمين. وتخلل الاعتصام كلمات لممثلي أحزاب «الهنشاق» و «الرامغافار» و «الطاشناق» وأخرى للمرجعيات الروحية للطوائف الأرمنية. وعلى خلفية علم تركي كبير كتب عليه «تاريخ تركيا كله أسود»، علق على نصب الشهداء، توالت المواقف المذكرة ب «جرائم السلطنة العثمانية» والمنتقدة علاقة تركيا مع إسرائيل واحتلالها لقبرص التركي، وتدرجت المطالب التي رفعت من «الاعتذار الى الشعب الأرمني، وقطع العلاقة مع إسرائيل وصولاً الى التعويض على الأرمن وإعادة أراضيهم في الأناضول التي هجروا منها بقوة السلاح والتنكيل والاغتصاب والقتل الجماعي وطمس المعالم التاريخية». وحذر المتحدثون من «أن الندبة التي خلفها العثمانيون تنذر بإيذاء جديد إذا لم يتراجع المتسبب بالجرح عن فعلته ويعترف بالخطأ الذي اقترفه».