اقترحت الصين، الحليفة الرئيسية لكوريا الشمالية، تسوية لتجنب «اصطدام» بين الكوريتين تتمثل في تعليق بيونغيانغ برنامجها النووي في مقابل وقف المناورات العسكرية للولايات المتحدة في الجنوب، والتي بدأت الأسبوع الماضي. وقال وزير الخارجية الصيني وانغ يي، بعد ساعات على إدانة مجلس الأمن في اجتماع طارئ عقده ليل الثلثاء الاختبارات الصاروخية التي أجرتها كوريا الشمالية الإثنين الماضي واستدعت بدء نشر الولاياتالمتحدة منظومة صواريخ «ثاد» الدفاعية في كوريا الجنوبية، والذي تعارضه بكين بشدة: «نقترح في سبيل نزع فتيل أزمة وشيكة في شبه الجزيرة الكورية أن يعلق الشمال أولاً برنامجيه النووي والباليستي، في مقابل وقف المناورات العسكرية الواسعة النطاق للولايات المتحدةوكوريا الجنوبية». وشبّه الوزير الصيني طرفي الأزمة بأنهما «مثل قطارين يندفعان أحدهما في اتجاه الآخر من دون أن يحاول أي منهما فتح الطريق». وأضاف: «السؤال هو معرفة ما إذا كان أحد الطرفين يستعد فعلاً إلى اصطدام مباشر، لذا تعتبر الصين أن الأولوية هي إشعال الضوء الأحمر والضغط على مكابح القطارين». ويرى محللون أن الاقتراح الصيني الهادف إلى «إعادة الأطراف إلى طاولة المفاوضات»، لا يتمتع بفرص كبيرة للنجاح، إذ سبق أن اقترحت كوريا الشمالية في كانون الثاني (يناير) 2015 تعليق تجاربها النووية موقتاً إذا ألغت الولاياتالمتحدة مناوراتها السنوية في كوريا الجنوبية. لكن واشنطنوسيول رفضتا العرض. وتعارض الصين البرنامج النووي للشمال، وأوقفت في إطار العقوبات الدولية المفروضة على بيونغيانغ، وقف وارداتها من الفحم من كوريا الشمالية، ما حرم نظام بيونغيانغ من مصدر أساسي لوارداته المالية. لكنها حذرت سيول أيضاً من الدرع الأميركية المضادة للصواريخ. وقال وانغ: «يتجاوز مدى أنظمة ثاد للكشف والإنذار شبه الجزيرة الكورية الجنوبية، وهي تمس بالأمن الاستراتيجي للصين الذي يفرض ألا تتصرف الدول المجاورة بهذه الطريقة». لكن وزارة الخارجية الأميركية شددت على أن نشر منظومة «ثاد» إجراء دفاعي ضد كوريا الشمالية، ولا يهدد الصين أو أي قوة أخرى في المنطقة». ويعمل مساعدو الرئيس الأميركي دونالد ترامب على استكمال مراجعة استراتيجية قد تنتهي هذا الشهر حول كيفية التصدي لتهديدات بيونغيانغ الصاروخية والنووية. وكشف مسؤولون كبار في الإدارة أن كل الخيارات مطروحة، من تشديد العقوبات التي تهدف إلى دفع كوريا الشمالية لاستئناف محادثات نزع السلاح، إلى إعادة نشر أسلحة نووية أميركية إلى كوريا الشمالية، وأيضاً توجيه ضربات جوية استباقية إلى مواقع الصواريخ الكورية الشمالية. وأشاروا إلى أن إجماعاً بدأ يحصل على زيادة الضغوط الاقتصادية والديبلوماسية، خصوصاً على الصين، كي تبذل المزيد من أجل كبح جماح كوريا الشمالية، وفي الوقت ذاته نشر دفاعات متقدمة مضادة للصواريخ في كوريا الجنوبية وربما في اليابان أيضاً. ولم يستبعد مسؤول إعادة وضع كوريا الشمالية على اللائحة الأميركية للدول الراعية للإرهاب. وكان مجلس الأمن أظهر وحدته تجاه كوريا الشمالية، بعدما دان بإجماع أعضائه إطلاقها صواريخ سقطت في المياه الإقليمية لليابان. وقال في بيان إن «التجارب انتهاك خطير لقرارات الأممالمتحدة، وسنتخذ إجراءات مهمة أخرى لمعاقبة بيونغيانغ بسبب نشاطاتها التي تزيد التوتر في المنطقة وخارجها، وتهدد بسباق تسلح إقليمي». وردت كوريا الشمالية برفض الإدانة، مؤكدة أن المناورات العسكرية الأميركية- الكورية الجنوبية دفعتها إلى اتخاذ «أقسى الإجراءات». وقال الناطق باسم وزارة خارجيتها إن «سلوك الولاياتالمتحدة في مجلس الأمن هو سلوك لص يستغيث من لص آخر». اغتيال جونغ نام على صعيد آخر، نشرت مجهولة تحمل اسم «شيوليما سيفيل ديفانس» (شيوليما للدفاع المدني)، شريط فيديو على موقع «يوتيوب» لرجل قال إنه ابن كيم جونغ نام، الأخ غير الشقيق للزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون الذي اغتيل في ماليزيا في 13 شباط (فبراير) الماضي. وأكدت وكالة الاستخبارات الكورية الجنوبية أن الرجل في الفيديو هو فعلاً كيم هان سول، ما يجعل تصريحه الأول لأحد أفراد العائلة القتيل الذي تنفي بيونغيانغ أنه الأخ غير الشقيق لزعيمها. وقال الرجل في مقطع أول باللغة الإنكليزية: «اسمي كيم هان سول من كوريا الشمالية من أسرة كيم. والدي قتل قبل أيام. أنا حالياً مع شقيقتي وأمي. نحن ممتنون جداً...». ويعرض الرجل جواز سفره الديبلوماسي كي يثبت هويته، لكن الصفحة التي تتضمن كل التفاصيل مغطاة. وفي مقطع ثانٍ من 40 ثانية يقول الرجل: «نأمل في أن تتحسن الأمور قريباً». وكيم هان سول (21 سنة) تخرج من معهد العلوم السياسية في باريس، وعاش مع ولديه في المنفى في ماكاو، المنطقة الإدارية الصينية، قبل أن يختفي مع شقيقته ووالدته إثر اغتيال والده. وقالت مجموعة «شيوليما سيفيل ديفانس» إنها تحمي عائلة كيم جونغ نام بعدما نقلت أفرادها إلى مكان آمن بعد الاغتيال. وشكرت المجموعة دولاً على «المساعدة الإنسانية العاجلة التي قدمت لها في حماية هذه العائلة»، خصوصاً من هولنداوالصينوالولاياتالمتحدة ودولة رابعة لم تسمها. إلى ذلك، خفف رئيس الوزراء الماليزي نجيب عبد الرزاق اليوم الأربعاء من حدة نبرته تجاه كوريا الشمالية بعدما اتهمتها أول من أمس بمعاملة الماليزيين «كرهائن»، في خضم انهيار للعلاقات الديبلوماسية بين البلدين بعد مقتل جونغ نام. وبعدما تمسك بأولوية تأمين إطلاق 11 ماليزياً تقطعت بهم السبل في كوريا الشمالية، تحدث نجيب بلهجة أكثر استرضاء أمام البرلمان، وقال إنه «لا خطط لقطع العلاقات الديبلوماسية مع بيونغيانغ». ورفض نجيب توضيح الإجراء الذي سيتخذه لإعادة المواطنين. وقال: «إذا أجريت مفاوضات فلن تحصل عبر الإعلام».