تبني الكويت أحد أطول الجسور في العالم لربط العاصمة بشمالها النائي، حيث مشروع «مدينة الحرير» الذي تخطط الحكومة لضخ بلايين الدولارات فيه أملاً في إحياء روح «طريق الحرير» التجاري التاريخي. وتتطلع الكويت إلى تحويل منطقة الصبية، في أقصى شمالها قرب الحدود العراقية، إلى منطقة حرة ضخمة تربط الخليج بوسط آسيا وأوروبا، بكلفة تقدر ببلايين الدولارات. ويبلغ طول «جسر الشيخ جابر الأحمد الصباح»، أمير البلاد السابق الذي توفي في كانون الثاني (يناير) 2006، نحو 36 كيلومتراً، معظمها فوق البحر. ويفترض أن يقلص الجسر البحري زمن القيادة بين مدينة الكويت ومنطقة الصبية من 90 دقيقة حالياً إلى ما بين 20 و25 دقيقة. وفي حين يُتوقع أن تبلغ قيمة الاستثمارات في مشروع «مدينة الحرير» نحو 100 بليون دولار، فإن كلفة عملية بناء الجسر التي دخلت مراحلها الأخيرة، تقدر بنحو 3 بلايين دولار. وعلى رغم التراجع الحاد في أسعار النفط في السوق العالمية، وإجراءات التقشف غير المسبوقة التي اعتمدتها دول الخليج منذ العام 2014 لمواجهة العجز في موازناتها، فإن الكويت، التي يشكل النفط 95 في المئة من إيراداتها، تعهدت بعدم المس بالمشاريع الاستثمارية الكبرى. وتملك الكويت صندوقاً سيادياً خارج الدولة تبلغ احتياطاته من النقد الأجنبي 600 بليون دولار، وتدير خطة تنمية خمسية تبلغ قيمة الاستثمارات فيها نحو 115 بليون دولار. وقال الوكيل المساعد في قطاع شؤون هندسة الطرق التابع لوزارة الأشغال العامة احمد الحصّان في تصريح إلى وكالة «فرانس برس»، إن «الجسر البحري يؤمن رابطاً استراتيجياً بين الكويت والمنطقة الشمالية». وأشار إلى أن «خطة تنمية منطقة الصبية تشمل، إلى جانب بناء قطاع سكني في مدينة الحرير، مشاريع اقتصادية أخرى، من بينها بناء مرفأ في جزيرة بوبيان القريبة»، أكبر الجزر الكويتية. ويشكل الجسر عنصراً رئيساً في خطة إنشاء المنطقة الاقتصادية الحرة في الشمال الكويتي وتطويرها، والتي من المفترض أن تقام على خمس جزر قرب شواطئ العراق وإيران. ويضم مشروع بناء الجسر الفرع الرئيس الرابط بين مدينة الكويت ومنطقة الصبية، وفرعاً آخر إلى جهة الغرب يُعرف باسم «وصلة الدوحة». ويبدأ الجسران من ميناء الشويخ، المرفأ الرئيس في البلاد. وقال الحصّان إن «الجسر، بفرع الصبية، هو رابع أطول جسر في العالم». ومن المقرر أن تُنجز أعمال فرعي المشروع في تشرين الثاني (نوفمبر) 2018، وفقاً للمهندسة العاملة في المشروع مي المسعد. وأكدت أن «نسبة إنجاز المشروع بلغت 73 في المئة، ونأمل أن ننتهي من الأعمال في الوقت المحدد». ويُبنى «جسر الشيخ جابر الأحمد الصباح» فوق أكثر من 1500 دعامة يبلغ عرض كل منها نحو ثلاثة أمتار، وثبّت بعضها على عمق 72 متراً في قاع البحر، وفقاً للمسعد، بينما يبلغ ارتفاع الجسر عن سطح البحر بين 9 و23 متراً. ووتيرة العمل في مشروع «مدينة الحرير» بطيئة، ولكن الحكومة أرسلت أخيراً مشروع قانون إلى البرلمان لإنشاء هيئة خاصة تُشرف على الأعمال في المنطقة، على أن يباشر البرلمان دراسته قريباً. وبحسب مسودة المشروع، فان موعد الإنجاز حُدد عام 2030، ويشمل بناء برج بطول 1001 متر، على أن تتسع المدينة ل700 ألف شخص. وكانت الحكومة منحت نهاية عام 2015 الضوء الأخضر لإنشاء المنطقة الحرة على الجزر، آملة في أن تتحول هذه المنطقة فور إنجازها إلى بوابة اقتصادية لشمال منطقة الخليج. وتبني مجموعة «هيونداي» الكورية الجنوبية للإنشاءات الجسر، على رأس كونسورتيوم يضم أيضاً شركة «المجموعة المشتركة للمقاولات» الكويتية، كما تعمل شركة «جي أس إنجينييرينغ أند كونستراكشن» على إنشاء «وصلة الدوحة».