جدد البنك الدولي دعوته دول شمال افريقيا الى تسريع دمجها، وتطبيع العلاقات بينها وفتح الحدود التجارية والبرّية وتسهيل تنقّل الاشخاص والاستثمارات، وهي الدعوة الدولية الثانية بعد تلك التي اطلقها صندوق النقد في اغادير مطلع الشهر الجاري. واعتبر البنك ان «تعثّر بناء اتحاد المغرب العربي يكلّف اقتصاداته خسارة نسبتها 2 في المئة من النمو الاجمالي». وأشارت مديرته العامة سري مولياني - إندراواتي التي زارت المغرب، الى ان دول المنطقة تعاملت بنجاح مع تداعيات الازمة الاقتصادية العالمية، وأحرزت نتائج جيدة، وأثنت خلال اجتماع مع وزير الخارجية المغربي، الطيب الفاسي - الفهري، على «نجاعة الخيارات المغربية في التوازنات الماكرو - اقتصادية وتطوير المخططات القطاعية ومحاربة الهشاشة والفقر وتحقيق نمو مرتفع، على رغم الظروف الاقتصادية العالمية الصعبة. وأعربت عن رغبة البنك الدولي في مواصلة دعمه للاقتصاد المغربي في تنفيذ مشاريع التنمية الاجتماعية والتجهيزات الاساسية، بخاصة تلك التي تستهدف تحسين مستوى المعيشة. ومَنح البنك الدولي الرباط قروضاً بلغت 700 مليون دولار هذا العام، في اطار مشروع «برنامج الدعم الاستراتجي للدول»، منها قروض لتمويل مشاريع «المبادرة الوطنية للتنمية البشرية» التي اطلقها الملك المغربي محمد السادس قبل خمسة سنوات، وحسّنت معيشة اربعة ملايين شخص من سكان الارياف والمناطق المعزولة والجبلية. ويعتبر البنك الدولي ثاني أكبر ممول للمشاريع في المغرب، بمجموع 25 في المئة من القروض الاجنبية، البالغة 13 بليون دولار. وتساهم تلك القروض في تمويل برامج شبكات مياه الشرب والسدود والطرق والزراعة والصحّة والتربية والتعليم والبنية التحتية والطاقة. ويبلغ مجموع ديون المغرب، الداخلية والخارجية، نحو 44 بليون دولار، أي 48 في المئة من الناتج، وكان آخرها إصدار سندات بقيمة بليون يورو في السوق المالية في لندن. ولفت الفاسي - الفهري، بعد لقاء مسؤولين في البنك الدولي، الى ان المنظمة الدولية تشاطر الرباط وجهة نظرها حول «اهمية الاندماج المغاربي الذي طال انتظاره»، لافتاً الى ان البنك الدولي سجل انفتاح المملكة المغربية واستعدادها للتعاون مع بقية دول الاتحاد المغاربي، من اجل رفع تحديات القرن الحادي والعشرين. ورحب البنك الدولي بتطوير العلاقات المغربية مع كل من الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة ودول «اعلان اغادير» العربية، ما يساعد في تعزيز التبادل التجاري وتدفّق الاستثمارات الخارجية ونقل التكنلوجيا الى دول المنطقة. وكانت اطراف دولية واقليمية طلبت من دول المنطقة المغاربية «العمل على تجاوز الخلافات وتسريع وتيرة الاندماج الاقليمي، لمواجهة تحديات الازمة العالمية والتغيرات المناخية، وتعزيز النمو الاقتصادي وتحسين مستوى معيشة السكان، عبر تفعيل الاتفاقات التي تعود الى تأسيس الاتحاد المغاربي في مراكش عام 1989. يذكر ان الناتج المحلي في دول المغرب العربي الخمس (الجزائر والمغرب وليبيا وتونس وموريتانيا) سيناهز 400 بليون دولار نهاية العام الجاري. ويشكل المغرب والجزائر نحو ثلثيه، وهما دولتان كبيرتان في المنطقة بكثافة سكانية وسوق استهلاكية مجتمعة تصل إلى 70 مليون نسمة، لكن، بينهما خلاف قديم حول الصحراء، التي كان ضمّها المغرب عام 1975، بعد قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي، وتنظيم المسيرة الخضراء.