حذر الرئيس الكوري الجنوبي لي ميونغ باك من «رد حاسم وأقوى» على كوريا الشمالية إذا واصلت استفزازاتها، بعد القصف المدفعي الذي شنته على جزيرة يونبيونغ الواقعة جنوب الحدود البحرية بين البلدين، وأسفر عن مقتل جنديين كوريين جنوبيين وجرح 13 آخرين و4 مدنيين. لكن الرئيس الكوري الجنوبي أكد ضرورة إدارة الوضع بحذر لمنع تصعيد المواجهة، في وقت اعتبرت الولاياتالمتحدة انه «من السابق لأوانه» التفكير في عمل عسكري ضد بيونغيانغ. ولم ينعقد مجلس الأمن بصورة عاجلة أمس لبحث هذا التطور، أو مناقشة رد فعل آخر. ورأى خبراء أن استعراض القوة من جانب كوريا الشمالية يهدف الى توجيه تحذير إلى دول أخرى بعدم التدخل في شؤونها، ومحاولة توحيد مواطنيها وراء الخليفة المرتقب للزعيم كيم يونغ إيل، نجله الأصغر كيم يونغ اون، من أجل تجنب الخلافات في الوسط السياسي النخبوي في بيونغيانغ بعد «توريث» الحكم. وفي بكين، أعلن المبعوث الأميركي الخاص الى كوريا الشمالية ستيفن بوسوورث على هامش محادثات عقدها لمناقشة المعلومات الجديدة عن نشاطات بيونغيانغ الجديدة في تخصيب اليورانيوم في مجمع يونغبيون النووي، ان بلاده تتفق مع الصين والولايات على ان الاعتداء الكوري الشمالي «غير مرغوب فيه»، وعلى «ضرورة ضبط النفس». وتزامن الهجوم الذي شنته بيونغيانغ وهو الاول من نوعه منذ انتهاء الحرب الكورية العام 1953، مع زيارة بوسوورث المنطقة لبحث استئناف المفاوضات السداسية المجمدة منذ مطلع 2009، واستطلاع آراء حلفاء بلاده بعد كشف العالم الأميركي سيغفريد هيكر انه شاهد خلال زيارته الأخيرة لكوريا الشمالية أكثر من ألف جهاز طرد مركزي لتخصيب اليورانيوم في مجمع يونغبيون النووي. ورد الشطر الجنوبي بقصف مدفعي محدود على إطلاق الشمال 200 قذيفة مدفعية على جزيرة يونبيونغ التي تبعد نحو ثلاثة كيلومترات الى جنوب الحدود البحرية و 120 كيلومتراً الى غرب العاصمة الكورية الجنوبية سيول، وأفاد شهود أن النار اندلعت في نحو 70 منزلاً في الجزيرة الجنوبية التي يقطنها حوالى 1600 شخص. وسقطت في الرد الجنوبي أكثر من 80 قذيفة على مواقع المدفعية الشمالية على الساحل الغربي. وعلى الأثر، أبدت الصين قلقها من تصعيد التوترات بين شطري الجزيرة الكورية. وقال الناطق باسم وزارة خارجيتها هونغ لي: «يجب أن يبذل الجانبان مزيداً من الجهد لاقرار السلام». ورأت روسيا «خطراً عظيماً» في التصعيد الكوري. وقال وزير خارجيتها سيرغي لافروف: «من الضروري وقف كل الضربات فوراً. هناك خطر عظيم يجب تلافيه. التوتر في المنطقة يتصاعد ويمكن أن يتطور هذه المرة الى نزاع مفتوح، لذا نحتاج الى مشاورات عاجلة». وطالب الرئيس الأميركي باراك أوباما مسؤولي أجهزة الاستخبارات بإعداد تقرير عن المواجهات التي أقرّت سيول بأنها تلت مناورات عسكرية روتينية لقواتها، احتجت عليها بيونغيانغ سابقاً، علماً أن واشنطن أكدت «التزام الولاياتالمتحدة القوي، بالدفاع عن حليفتها كوريا الجنوبية، والحفاظ على السلام والاستقرار الاقليميين». وفي اجتماع طارئ عقده مع مسؤولين أمنيين، قال الرئيس الكوري الجنوبي: «سنتعامل بحزم مع الهجوم، وسنبذل في الوقت ذاته كل الجهود لعدم تدهور الوضع». وزاد: «لا نستطيع ان نصفح عن القصف المتهور الذي نفذته كوريا الشمالية لأهداف مدنية في جزيرة يونبيونغ»، داعيا «السلطات الكورية الشمالية الى تحمل مسؤوليتها». وأكد وزير الدفاع الكوري الجنوبي كيم تيه يونغ استعداد الجيش لمواجهة اي استفزازات جديدة من كوريا الشمالية، من خلال تعزيز حال التأهب وتشغيل نظام إدارة الأزمة بالتنسيق مع الولاياتالمتحدة التي تنشر 28 ألف جندي في الجنوب، علماً ان سيول اتهمت في آذار (مارس) الماضي بيونغيانغ بإغراق بارجة حربية تابعة لها بطوربيد، ما أدى الى مقتل 46 بحاراً. الى ذلك، أعلنت وزارة الوحدة في سيول ان كوريا الجنوبية تفكر في سحب مواطنيها من كوريا الشمالية بعد الاشتباكات، وإلغاء محادثات للصليب الأحمر في البلدين مقررة غداً الخميس في بلدة مونسان الكورية الجنوبية على الحدود الغربية.