ناقش البرلمان الإسرائيلي حتى ساعة متقدمة من مساء أمس مشروع قانون يلزم أي حكومة إسرائيلية إجراء استفتاء عام في حال توصلت إلى اتفاق يقضي بالانسحاب من القدسالشرقية أو الجولان السوري المحتلين اللذين تم ضمهما إلى إسرائيل قبل 40 و30 عاماً، مضيفاً بذلك شرطاً مسبقاً لأي اتفاق سلام. ويتوقع ان يكون الكنيست صادق، بعد جلسة ماراثونية شملت قراءتين ثانية وثالثة، على القانون بتأييد أكثر من 60 نائباً على الأقل، علماً بأن عدد نواب أحزاب اليمين والمتدينين الذين أكدوا تأييدهم القانون يصل إلى 62 نائباً في حال حضر جميعهم التصويت. وكان متوقعاً أن يؤيد معظم نواب حزب «كديما» المعارض القانون علماً بأنهم أيدوه في القراءة الاولى. لكن زعيمة الحزب تسيبي ليفني أعلنت مساء أمس أن نواب الحزب سيصوتون ضد القانون «لأننا بصدد مسألة مبدئية لا تتعلق بالرغبة بالتنازل عن أجزاء من البلاد من عدمه. فهذه مسائل مصيرية تتطلب من القيادة أن تحسمها، والجمهور ليس البديل من هذه القيادة». وهاجمت ليفني رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو ووصفته بأنه «ضعيف يريحه تطويقه من اليمين». ولفتت الى أن «الحديث هنا ليس عن سؤال رأي الشعب إنما على إعطاء حق الفيتو على قرارات حكومة وكنيست منتخبيْن. هذه قرارات تتعلق باعتبارات لا ينبغي كشفها كلها للجمهور أو التوقع بأن يفهمها». واعتبرت ان «القانون يكبل قدرة القادة على اتخاذ القرارات ويمنح هذه القدرة للجمهور، علماً بأنه ليس لدى الأخير الوسائل لاتخاذ مثل هذه القرارات». وينص القانون على وجوب المصادقة على أي انسحاب من أراض تخضع للسيادة الإسرائيلية بأصوات 60 نائباً على الأقل، من أصل 120 عضواً، يتم بعدها التوجه إلى استفتاء عام لإقرار الانسحاب. أما في حال حظي الانسحاب بتأييد 80 نائباً فلا يتم إجراء الاستفتاء. ويهدف القانون عملياً الى تكبيل يدي الحكومة في التوصل إلى اتفاق ينطوي على انسحاب من القدس والجولان المحتلين. ويقف وراء مشروع القانون نواب متشددون من «ليكود» لكنه يحظى بدعم أحزاب صهيونية باستثناء حزب «ميرتس» اليساري وبعض نواب حزب «العمل» الوسطي وحزب «كديما». وقال أحد المبادرين النائب من «ليكود» يريف ليفين إن الغرض من سن القانون «ضمان ان لا يتم حسم قضايا مصيرية مثل التنازل في صفقات سياسية وحزبية عن أجزاء من الوطن تم فرض السيادة الإسرائيلية عليها، مثلما حصل في السابق». من جهتها أعلنت النائب من حزب العمل عينات وولف أنها لا تعتزم احترام قرار الائتلاف الحكومي بالتصويت إلى جانب القانون «لأنه يشكل مساً خطيراً وغير عادل بنظام الحكم في إسرائيل، إذ ان الاستفتاء أداة خطيرة في دولة لم تلجأ إلى الاستفتاءات من قبل». وكان الكنيست السابق، في عهد حكومة ايهود اولمرت، صادق في قراءة تمهيدية على مشروع القانون لكن تم تجميد إجراءات إقراره نهائياً في ظل المفاوضات مع السلطة الفلسطينية وتلك غير المباشرة مع سورية بوساطة تركية. يذكر ان الكنيست الحالي، المؤلف من غالبية يمينية مطلقة، صادق قبل عام على مشروع القانون في قراءة أولى بغالبية 68 نائباً ومعارضة 22 نائباً فقط. وقبل أسابيع قليلة صادقت على المشروع اللجنة الوزارية لشؤون التشريع. ولم يتبين كيف صوت زعيم حزب «العمل» وزير الدفاع ايهود باراك الذي دعم في المرة الماضية القانون وتعرض لانتقادات شديدة في أوساط حزبه واليسار الإسرائيلي لكنه أعلن لاحقاً أن مشروع القانون «يفرض قيوداً لا لزوم لها على رئيس الحكومة عندما يذهب للتفاوض مع سورية، وهي مفاوضات مهمة»، كما أنه يتعارض ومبنى النظام البرلماني في إسرائيل.