«الأرجح أنه من كبار الباحثين في الكيمياء الطبية، ومن الأكثر نجاحاً واحتراماً، إذ لا تجاريه سوى قلّة من العلماء في وفرة براءة الإختراع المتصلة بالأدوية وعلوم الصيدلة». بهذه العبارة المقتضبة اختصر بيتر دوكاس عميد كلية الصيدلة في جامعة تامبل بولاية بنسلفانيا، مسيرة العالِم المصري مجيد أبو غربية (مواليد 1947) العلمية. فبعد أن عمل معيداً في كلية الصيدلة بجامعة القاهرة، حاز الدكتوراه من جامعة بنسلفانيا في علوم الكيمياء الطبية وتطبيقاتها في حقل اكتشاف العقاقير. وبعدها حصل على منحة من «معاهد الصحة الوطنية» National Institutes of Health في الولاياتالمتحدة، ما مكّنه من الخوض في بحوث متخصصة في كيمياء الطب، على مدار 3 سنوات. ثم استقطبته شركة «وييث» Wyeth، وهي من عمالقة صناعة الأدوية، فصار من بحّاثتها. وبفضل كفاءته علمياً، استطاع أن يصل إلى منصب رئيس مركز بحوث الأدوية في «وييث»، حيث قاد فريقاً من 600 عالِم في كيمياء الأدوية. ويشرف المركز على برامج لتدريب علماء في الولاياتالمتحدة والهند، على التقنيات الأكثر حداثة في اكتشاف العقاقير وتصنيعها. وفي سجّلات الشركة أن أبو غربية أمضى في صفوفها ما يزيد على ربع قرن، وأنه حقق للشركة 99 براءة اختراع سُجّلت في «المكتب الأميركي للعلامات التجارية». وتضاف هذه المجموعة إلى ما يزيد على 350 براءة مماثلة حققها أبو غربية وسجّلها باسمه. في خضم الأكاديميا تقاعد أبو غربية من شركة «وييث»، لينتقل إلى صفوف الأكاديميا الأميركية في جامعة تامبل، فتولى الإشراف على مناهجها التعليمية المتصلة بكيمياء الأدوية. وأخيراً قاد فريقاً أكاديمياً من الجامعة، في عملية إنشاء مركز أساسي لبحوث الأدوية. وإضافة إلى ذلك، عملت شركة «لاكسي» Laxai، المتخصصة في بحوث كيمياء العقاقير، على استقطابه كي يعمل مستشاراً علمياً لديها. وتملك هذه الشركة عقد شراكة استراتيجية مع جامعة تامبل، وعقوداً مماثلة مع شركات للأدوية في الولاياتالمتحدة وإيطاليا وإنكلترا والهند. وفي تصريح ل «الحياة» عبر الإنترنت، كشف أبو غربية أنه استطاع استخدام التقنيات المتقدمة في الكيمياء، لابتكار عشرات الأدوية لمعالجة الأمراض المزمنة والأورام الخبيثة التي تفتك بحياة الملايين من البشر. وسرد بعضاً من أسماء الأدوية التي ابتكرها، مثل «تورسل» Toersil المستخدم في علاج الأورام الخبيثة في الثدي والدم والكلي، وعقار «إفكسور» Effexor لمعالجة الاكتئاب وأمراض نفسية اخرى، ودواء هشاشة العظام عند المسنين «فيفيانت» Viviant وغيرها. وأوضح أنه ساهم في اكتشاف مواد كيماوية فعّالة، استعملت في صنع عقاقير إضطرابات الجهاز الهضمي وأمراض الجهاز العصبي المركزي، وضمنها مرض ألزهايمر. وبلغ رصيد أبو غربية عشرات الجوائز العلمية منها «ميدالية العلوم والتكنولوجيا» التي نالها عام 2008، وجائزة ألفريد برغر للكيمياء الطبية التي تمنحها «الجمعية الكيميائية الاميركية»، و «وسام العلوم والتكنولوجيا والبحث والتطوير» من ولاية نيوجرسي، ووسام التميّز من ولاية فيلادلفيا، وجائزة الريادة من «المعهد الاميركي للكيميائيين» وغيرها. ونشر أربعة كتب حول استخدام المصادر الطبيعية لاستخراج الأدوية، ووضع ما يزيد على 210 ابحاث، نُشِرت في مجلات علمية متخصصة. وترأّس أبوغربية مؤتمرات عالمية، مثل مؤتمر سانت بطرسبورغ في روسيا حول تقدّم الكيمياء الطبية. وساهم في تحرير مجلات علمية مثل «الكيمياء الطبية» و «المجلة الأوروبية لعلم الكيمياء الطبية» و «مجلة الكيمياء العضوية» و «مجلة علوم الصيدلة»، إضافة إلى كونه استاذاً زائراً في «جامعة لندن كينغ» و «بوسطن» (أميركا) و «فرارا» (إيطاليا) وغيرها. على الصعيد العربي، بذل أبو غربية جهوداً كبيرة في نسج شبكات التعاون بين جامعة تامبل وجامعات ومراكز بحوث في الدول العربية، مثل مصر وقطر والسعودية وإمارة الشارقة. ويتضمن عمل هذه الشبكات زيارات أكاديمية متبادلة وإلقاء محاضرات وورش عمل مشتركة ودورات تدريبية واتفاقات مشتركة حول تقنيات التعليم وتعزيز البحوث وغيرها.