اندلعت أمس، معارك بين «قوات سورية الديموقراطية» المدعومة من الأميركيين وفصائل سورية معارضة مدعومة من الأتراك في ريف منبج، شمال سورية، بعد يوم من تأكيد الرئيس رجب طيب أردوغان أن الوجهة المقبلة لفصائل «درع الفرات» بعد تحرير الباب ستكون منبج. وتزامن ذلك مع استعادة الجيش النظامي السوري قلعة تدمر والجبال الاستراتيجية المحيطة بالمدينة، وسط معلومات عن دخوله المدينة وطرد تنظيم «داعش» منها للمرة الثانية في أقل من عام (للمزيد). وبرز أمس، تطور سياسي تمثّل بإعلان المعارضة السورية أن المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا أبلغها خلال مفاوضات جنيف، أن الحكومة السورية رضخت لضغط روسي للقبول بجعل «الانتقال السياسي» موضوعاً رئيسياً على جدول أعمال المفاوضات، بعدما كانت تُصر على أن الأولوية لمكافحة الإرهاب. كما كان لافتاً أن وسائل الإعلام الروسية أعلنت تحديد موعد الجولة المقبلة من مفاوضات آستانة في 14 آذار (مارس) الجاري، وستشارك فيها دمشق وفصائل مسلحة، بالإضافة إلى روسياوتركيا وإيران. وقد يعني ذلك تكريس مسارين للمفاوضات، أحدهما يركّز على وقف النار ومكافحة الإرهاب في آستانة، والثاني على العملية السياسية ويرعاه دي ميستورا في جنيف. واتهمت لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة أمس، كل الأطراف التي قاتلت في حلب بارتكاب «جرائم حرب»، إن عبر القصف العشوائي، أو الأسلحة المحظورة أو اتخاذ السكان دروعاً بشرية. ويغطي تقرير اللجنة المرحلة بين تموز (يوليو) 2016، الشهر الذي حاصرت فيه القوات النظامية الأحياء الشرقية في حلب، وكانون الأول (ديسمبر)، الشهر الذي سيطرت فيه على كامل المدينة. في غضون ذلك، قال شرفان درويش الناطق باسم «مجلس منبج العسكري» إن القوات التركية وجماعات سورية مسلحة متحالفة معها، هاجمت قرى تسيطر عليها فصائل تدعمها الولاياتالمتحدة قرب منبج. ولم يرد تعقيب فوري من تركيا التي قال رئيسها هذا الأسبوع، إن منبج هي الهدف المقبل لحملة «درع الفرات» بعد السيطرة على الباب. وقال درويش ل «رويترز» إن الهجوم الجديد يركز على سلسلة قرى يسيطر عليها «مجلس منبج العسكري»، وهو جزء من تحالف «قوات سورية الديموقراطية» المدعوم من الولاياتالمتحدة. وتابع أن هناك «هجوماً كبيراً جداً لعملية درع الفرات والجيش التركي» على القرى والمناطق التي يسيطر عليها «مجلس منبج العسكري»، مشيراً إلى «اشتباكات شرسة... وقصف شديد بالمدفعية». وقال: «نتمنى أن تكون تركيا دولة جارة لا دولة عدوة، ونحن بقدر الإمكان نحاول أن نضبط أنفسنا، ولكن في حال التعرض لهجوم، فقرارنا بالتأكيد الدفاع عن المدينة». وفي واشنطن، قلل قائد القوات الأميركية في العراق الجنرال ستيفن تاونسند، متحدثاً عبر مؤتمر بالفيديو، من احتمالات أن تنشر الولاياتالمتحدة أعداداً إضافية كبيرة من قوات التحالف لمحاربة «داعش». وتابع: «لكن في حال جلبنا قوات إضافية، فسنرتب ذلك مع شركائنا المحليين هنا في العراق وفي سورية، لضمان تفهمهم أسباب قيامنا بذلك وللحصول على دعمهم». وقال إن الأكراد يشاركون في عملية عزل الرقة، لكن تحرير المدينة سيضم فصائل عدة من مكونات الشعب السوري، لافتاً إلى نقاش مع الأتراك حول دورهم المحتمل في العملية. وكشف أن طائرات روسية أو سورية قصفت خطأ أول من أمس «قوات سورية الديموقراطية» في ريف منبج، وأن الأميركيين اتصلوا بالروس فتوقف القصف. وقال إن الجيش الأميركي يناقش كيف يمكن أن تُقام مناطق آمنة في سورية، قائلاً إن هدف هذه المناطق، إذا أقيمت، أن تكون «آمنة من داعش». على صعيد آخر، أفاد «الإعلام الحربي» ل «حزب الله» اللبناني بأن القوات السورية والمناصرين استعادوا السيطرة على قلعة تدمر التاريخية على الأطراف الغربية لمدينة تدمر، كما استعادوا مجمعاً فخماً يقع شمال غربي تدمر، وسلسلة من الجبال الاستراتيجية المحيطة بها، ما يشير إلى قرب اقتحام المدينة وطرد «داعش» منها. وخلال مفاوضات جنيف، التقى مبعوث الأممالمتحدة إلى سورية ستيفان دي ميستورا صباح أمس وفد «الهيئة العليا للمفاوضات» المعارضة، والتقى لاحقاً وفد الحكومة السورية برئاسة بشار الجعفري. وقال رئيس وفد المعارضة إلى المفاوضات نصر الحريري إثر لقاء دي ميستورا: «نلاحظ الآن أن موضوع الانتقال السياسي أصبح الموضوع الرئيس الموجود على الطاولة». وأضاف: «سمعنا من السيد ستيفان أن هناك وبسبب الضغط الروسي - وهذه إشارة قد تكون كذلك مشجعة من الناحية المبدئية - قبولاً لتناول القضايا المطروحة في القرار 2254، وطبعاً يهمنا منها تحقيق الانتقال السياسي، لأنه السبيل الوحيد لتحقيق القضايا الأخرى في هذا القرار». ومن المتوقع أن يكون وفد المعارضة التقى لاحقاً غينادي غاتيلوف نائب وزير الخارجية الروسي.