16 يوماً على دخول تعديلات نظام العمل حيز التنفيذ    لاجامي يشترط 56 مليوناً لتجديد عقده مع النصر    %83 من أطفال المملكة يعيشون في بيئة محفزة للتعلم    أمير تبوك ونائبه يواسيان أسرة السحيباني في وفاة والدتهم    ريما بنت بندر تحضر تنصيب الرئيس ترمب وتنقل تهاني خادم الحرمين وولي العهد للرئيس الأمريكي    وزير الداخلية يعزّي أسرة المورقي    الطائي أمام النجمة على ذكرى الثلاثية.. نيوم يستقبل أبها.. البكيرية يواجه العدالة    «الجوال» يتصدّر مسببات حوادث المرور في نجران    برئاسة نائب أمير مكة.. لجنة الحج تستعرض مشاريع المشاعر المقدسة    أكسجين ووقود صيني في المدار    قطة تتقدم بطلب استقالة لصاحبتها    لأول مرة إنتاج شاي سعف النخيل    سيناريوهات اختفاء الأكسجين لمدة 60 ثانية    آلية تدمير التدخين الإلكتروني للرئتين    الفضة تغير لون الجلد    السعودية ورهان العرب..    الحرب على غزة وتفكيك السردية الإسرائيلية    وماذا بعد صفقة غزة؟    26.7 مليار ريال قيمة مبيعات NHC" وشركائها    تمكين الشباب ودعم الشركات الصغيرة    رتال تطلق مشروع نوبو في مدينة الخبر    مجلس الشورى في زيارة إلى الحدود الشمالية    في الجولة ال 18 بدوري" يلو".. نيوم يلتقي أبها لتأكيد الصدارة.. والنجمة يواجه الطائي    الحكم المحلي وعدالة المنافسة    الهلال ونيمار.. أزمة حلها في الإعارة    منافسة لدعم الشركات المحلية المتخصصة في تقنيات الفضاء    وزير النقل يستعرض خطط الوزارة في جلسة الشورى    متى تختفي ظاهرة اختلاف تفسير النظام من موظف إلى آخر    أداء «النقل» على طاولة «الشورى».. الاثنين    حتى لو    تحديات مبتعثي اللغة وحلول مقترحة لدعم رحلتهم الأكاديمية    ماراثون أقرأ    الفلسفة أفقا للنهوض الحضاري    الأدب الكلاسيكي وفلسفة القديم والجديد    كتاب الموتى الرقمي والحق في النسيان    روائع الأوركسترا.. واستقرت بها «الرياض»!    المواطن السعودي عبدالرحمن بن مساعد !    "التجارة" تعزز التشريعات بصدور وتطوير لوائح جديدة    محافظ جدة يطلع على برامج إدارة المساجد    آفة المقارنات    الحوار الصامت    «الخارجية الفلسطينية» تُطالب بفرض عقوبات على المستوطنين    إنستغرام تعيد ميزة إعجابات الأصدقاء    الحديث مع النفس    بريطانيا تفرض غرامة مالية على العطس أثناء القيادة    تقنية طبية سعودية لعلاج أمراض فقرات الرقبة    244 مليونا تعيق رحيل نيمار    وزير الحرس الوطني يستقبل وزير إدارة برنامج الاستحواذ الدفاعي في كوريا    نائب أمير مكة يرأس اجتماع لجنة الحج المركزية    أمير تبوك ونائبه يواسيان أسرة السحيباني    الأمير سعود بن نهار يستأنف جولاته لمراكز " قيا شقصان كلاخ والسديرة"    إدارة التحريات والبحث الجنائي بشرطة الرياض تقبض على 9 أشخاص ارتكبوا 33 حادثة احتيال مالي    عبدالعزيز بن سعد يستقبل رئيس جامعة حائل المكلف    نائب أمير تبوك يستقبل قائد حرس الحدود بالمنطقة    أمين القصيم يلتقي وكيل الوزارة المساعد للتخصيص    من القيد حتى الإغلاق.. المحاكم العمالية تختصر عمر القضية إلى 20 يوماً    أمير الرياض يعزي في وفاة المباركي    مركز الملك سلمان يواصل مساعداته الإغاثية للشعب السوري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«من الزيرو»: تلفزيون واقع بحلة ثقافية
نشر في الحياة يوم 26 - 05 - 2009

اعتاد المشاهدون في برامج تلفزيون الواقع في الشاشات العربية، منافسات الفن والغناء والجمال والأزياء كما الحال مع «ستار أكاديمي» و«ميشن فاشن» على «إل بي سي» أو «سوبر ستار» على «المستقبل» أو «اكس فاكتر» على «روتانا موسيقى» أو مسابقة ملكة جمال لبنان التي نظمت قبل سنوات وفق صيغة تلفزيون الواقع على شاشة «إل بي سي».
لكن برنامج الواقع «من الزيرو» الذي يعرض على شاشة «أبو ظبي الأولى» كسر هذه القاعدة عبر فكرته الجديدة القائمة على وجود ستة متسابقين يعيشون في شقة معزولة عن العالم الخارجي ولا يتاح لهم حتى الاطلاع على توقيت الساعة، فلا يعرفون ليلهم من نهارهم على مدى 40 يوماً هي فترة المسابقة التي تتمحور حول حصد وتوفير اكبر مقدار ممكن من عملة «من الزيرو» الخاصة بالبرنامج والتي يجنيها المتبارون من طريق تنافسهم في مسابقة المعلومات العامة الأسبوعية التي يديرها مقدم البرنامج الإعلامي الإماراتي ناصر الجهوري. وبما يكسبونه من كل حلقة يتدبرون أمورهم ويلبون حاجاتهم من مأكل وملبس ومشرب ويراكمون بما تبقى أرصدتهم. وفي حين تزخر سهرات برامج الواقع الأسبوعية عادة باللوحات الفنية والغنائية وعروض الأزياء والحسناوات المتمايلات رقصاً وطرباً تقوم سهرة «من الزيرو» على التنافس في الإجابة على حزمة من الأسئلة المنوعة من شتى حقول المعرفة والعلوم. أي أن المتسابق الأكثر ثقافة والأوسع اطلاعاً والأوفر معلومات هو الذي يحصد مبالغ اكبر «من الزيرو» ما يخوله شراء ما يريد من «سوبر ماركت» البرنامج الذي يتوافر على مختلف أنواع الطعام والشراب والكماليات على اختلافها. حتى أن ثمة سيارة هي بمثابة الجائزة الكبرى التي يتسابق المتبارون لتوفير المبلغ لشرائها، هذا إن لم تظهر السوبر ماركت عن معروضات أثمن من السيارة خلال الحلقات المقبلة.
وهكذا وسط هذه المنافسة المحمومة والمشوقة والتي لا تخلو من القسوة والإرهاق النفسي والجسدي للمشتركين يستمر البرنامج الذي يغادره كل أسبوع المتسابق الأقل رصيداً وحصداً للإجابات الصحيحة في مسابقة المعلومات العامة ليحل محله متسابق جديد. فالبقاء والحال هذه هو للأكثر صبراً وإرادة وثقافة، ذلك أن التحدي الأكبر أمام المتسابقين هو التغلب على نهم الاستهلاك والرغبات في ظل شح مواردهم ومداخيلهم من عملة «من الزيرو» التي تسعر بها كل محتويات «السوبر ماركت». فمن يطلق العنان لرغباته الاستهلاكية سيعرّض نفسه لخطر الإفلاس والخروج من اللعبة ما ينمي ويحفز القدرة لدى المتبارين على تحمل الجوع ومقاومة المغريات المادية لمصلحة إعمال العقل وترويض الغرائز والتوفير والاقتصاد في المصروفات للادخار واقتناء المعروضات الثمينة في «سوبر ماركت الزيرو».
فالغاية من البرنامج وعبر رصده الكم الهائل من الضغوطات النفسية والجسدية الناجمة عن عدم الإفراط في استهلاك الطعام والتقليل من أطايبه والبقاء في الشقة المغلقة على مدى أسابيع من دون الخروج إلا مرة أو مرتين (على شكل رحلة جماعية ترفيهية ينظمها البرنامج) في ظل فراغ مطبق لا يكسره إلا دردشات المشتركين وثرثراتهم ومناكفاتهم بين بعضهم البعض هي تأكيد أن بمقدور الإنسان متى ما وضع نصب عينيه غاية ما التخلي في سبيل تحقيقها عن كثير من عاداته وأنماط سلوكه وطرائق عيشه اليومية وصولاً إلى تغيير نمط حياته بالكامل وبرمجته مجدداً وفق القابليات والمهارات التي اكتسبها خلال سعيه وراء غايته المعنية تلك كما هي الحال مع مشتركي «من الزيرو».
ومع تفاوت مستوى الأسئلة المطروحة خلال الحلقات لجهة عمقها وغناها وسهولتها التي تلامس أحياناً تخوم السذاجة ينبغي ألاّ نغفل أن البرنامج ليس مسابقة ثقافية بحتة وأن المشتركين ليسوا بالضرورة «مثقفين» بالمعنى الاحترافي أو الموسوعي. فهم ينحدرون من بيئات ومستويات اجتماعية ومهنية وثقافية مختلفة ومتفاوتة، ما يقتضي من باب الإنصاف والتوازن أن تكون الأسئلة إلى حد ما بعيدة من التخصص والتعقيد بحيث تكون مرنة ومبسطة يتاح لكل من له ولو إلمام بسيط بهوامش الثقافة العامة الإجابة عنها والتفاعل معها.
وكم كان لافتاً قيام احد المشتركين بشراء كتاب موسوعي في الثقافة العامة من «سوبر ماركت» البرنامج للاطلاع عليه والاستعانة بمعلوماته للإجابة عن أسئلة البرنامج. قد يقول قائل أن الدافع ليس حب البحث والاطلاع بمقدار ما هو جني المال والأرباح عبر «تسليع» الثقافة.
لكن الثابت أن البرنامج بصورة عامة يعنى بالثقافة والمعرفة والحضّ عليهما، وهو خطوة واعدة على طريق مزج الثقافة وحقنها في شرايين برامج الواقع والمنوعات. فعبر هذا المثل البسيط المتمثل في اقتناء المشترك لكتاب معلومات عامة يمكن تبين الرسالة التي يريد «من الزيرو» إيصالها للجمهور، وهي أن الثقافة التي تشكل القراءة عمودها الفقري والتي هي سمو بالنفس وارتقاء بالروح وتحفيز لطاقات الجسد وجمالاته، يمكنها أن تعود على الإنسان بالخير والنفع معنوياً ومادياً، فهي تبقى بعد كل حساب الرأسمال الحقيقي الأبقى للإنسان وعبرها يمكن الانطلاق «من الزيرو» والبناء عليه.
* «أبو ظبي الأولى»، 17 بتوقيت غرينتش.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.