قال ثلاثون من أكبر المحامين والقضاة وخبراء القانون الدولي، إن الأممالمتحدة لديها أساساً قانونياً لإيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى السوريين من دون موافقة السلطات السورية، مشيرين إلى ثلاثة شروط تضفي «الشرعية» على ذلك، بينها أن رفض السلطات السورية هو «تعسفي وغير مبرر». ونشر المحامون نداءهم عبر صحيفة «الحياة» وصيحفتي «لوموند» الفرنسية و «غارديان» البريطانية اليوم إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ورؤساء المنظمات الدولية المعنية بالمساعدات الإنسانية، عشية مناقشة مجلس الأمن تقرير بان إزاء مدى تطبيق القرار الدولي 2139 بعد مرور شهرين على تطبيقه. ومن المقرر أن يقدم رؤساء منظمات دولية، بينهم مساعدة الأمين العام للشؤون الإنسانية فاليري آموس، إفاداتهم عن الوضع الإنساني في سورية. وكان بين الموقعين على الرسالة القاضي ريتشارد غولدستون رئيس المحكمة الدستورية السابق في جنوب أفريقيا، والمدعي العام السابق للمحكمة الجنائية الدولية للأمم المتحدة في شأن يوغوسلافيا السابقة، حيث انتقد المحامون الأممالمتحدة على «فرط احترازها» في تفسيرها القانون الدولي الإنساني، وطالبوا الأممالمتحدة ب «تطبيق القانون الدولي الإنساني، الذي يهدف إلى التمكين من إيصال المساعدات الإنسانية الضرورية لإنقاذ الحياة إلى محتاجيها، لا أن يمنع إيصالها لهم». ووفق إحصاءات متطابقة، في سورية 9.3 مليون شخص في حاجة ماسة إلى المساعدات و6.5 مليون شخص نازح ولاجئ و3.5 مليون يعانون صعوبة إيصال المساعدات إليهم، بينهم 250 ألفاً تحت حصار مطبق من القوات النظامية في حمص وسط سورية ومخيم اليرموك جنوبدمشق ومناطق أخرى. وقال بان في تقرير قدمه قبل أيام إلى مجلس الأمن أن وصول المساعدات الإنسانية إلى من هم بأمسّ الحاجة إليها في سورية «لا يسجل تحسناً». وكان التقرير الثاني منذ تبني مجلس الأمن القرار 2139 الذي يدعو أطراف النزاع في سورية إلى السماح بدخول المساعدات الإنسانية ورفع الحصار الذي يفرضونه على الكثير من مدن البلاد، إذ خلص الأمين العام في تقريره إلى أن «أياً من أطراف النزاع لم يحترم مطالب المجلس». وأضاف أن «المدنيين ليسوا محميين، والوضع الأمني يتدهور»، لكنه حمّل النظام المسؤولية الأكبر عن ذلك. وقال المحامون في رسالتهم إن الأممالمتحدة لم تقم بإيصال المساعدات إلى المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري من دون موافقة السلطات السورية، في وقت يقول مسؤولون في «هيئات العمل الإنساني أن هناك مئات الآلاف من الذين يمكن الوصول إليهم بالمساعدات، هذا إن قامت الأممالمتحدة بعمليات عبر الحدود، بالإضافة إلى دعمها المباشر منظمات المجتمع المدني لمجاراة حجم الجهود المبذولة في العمليات العابرة للحدود». وقال القاضي غولدستون: «الحكومة السورية ترفض الموافقة على عمليات الأممالمتحدة عبر الحدود لأسباب تعسفية، وفق القانون الدولي، وبينما يتم حجب الموافقة لأسباب تعسفية، فإن عمليات الإغاثة مشروعة حتى من دون موافقة. نحكم أنه بموجب القانون الدولي، أن وكالات الأممالمتحدة لديها بالفعل الصلاحيات القانونية لتقديم المساعدة عبر الحدود». وانتقد بعضهم عدم حصول القرار 2139 الخاص بالمساعدات الإنسانية على الرعاية ذاتها التي حصل عليها القرار 2118 الخاص بنزع الترسانة الكيماوية السورية. وقال أستاذ القانون الدولي في جامعة ميدلسكس في لندن ويليام شاباس: «إنه أمر مخز أن ينجح مجلس الأمن في إخراج 90 المئة من مخزون الأسلحة الكيماوية من داخل سورية، بينما يفشل في حشد الإرادة السياسية اللازمة لتأمين إدخال المساعدات الإنسانية إليها. لكن هيئات الأممالمتحدة لا يجب أن تنتظر، فهي قادرة على إيصال المساعدات الإنسانية بمنتهى المشروعية عبر الحدود وإنقاذ حياة الكثيرين الآن. إن العقبات أمام المساعدات الإنسانية العابرة للحدود هي سياسية وليست قانونية بالمرة». وجاء في الرسالة: «بوصفنا تحالفًا لمحامين دوليين وخبراء قانونيين بارزين، نرى أنه لا يوجد عائق قانوني أمام اضطلاع الأممالمتحدة مباشرةً بعمليات إنسانية عبر الحدود الدولية»، إذ نطبق عليها ثلاثة شروط أساسية تضفي عليها «الشرعية»، وهي: «أن الأممالمتحدة إن فعلت، فإنما تفي بذلك، وفي شكل واضح، بأول شروط مشروعية العمل الإنساني، والتي توجب احترام مبادئ الإنسانية، والحياد، وعدم الانحياز، وعدم التمييز عند تقديم المساعدات». كما أشاروا إلى أنه «في العديد من تلك المناطق تفرض جماعات المعارضة المختلفة، وليس الحكومة السورية، سيطرتها على الأرض، وبالتالي فموافقة تلك الأطراف التي تسيطر فعلياً على المنطقة التي ستمر بها المساعدات، هي المطلوبة من أجل تقديم تلك المساعدات». وأشارت الرسالة إلى أن «القانون الدولي الإنساني يعطي الحق للأطراف في أن تمتنع عن الموافقة لأسباب مشروعة وحقيقية وليس لأسباب تعسفية، فقد يحق للأطراف، على سبيل المثال، أن ترفض الموافقة مؤقتاً بسبب «الضرورة العسكرية»، عندما تكون هناك عمليات عسكرية وشيكة قد تجري على الطرق المقترحة لإيصال المساعدات. ولكنها لا تستطيع، قانوناً أن تحجم عن الموافقة من أجل إضعاف مقاومة العدو، أو تجويع المدنيين، أو حرمانهم من المساعدات الطبية. وحيثما كان الامتناع عن الموافقة لهذه الأسباب التعسفية، باتت عمليات الإغاثة مشروعة قانوناً من دون الحصول على موافقة»، قبل أن تقول إن الأممالمتحدة «قالت بصراحة إن الحكومة السورية رفضت في شكل تعسفي الموافقة على طائفة واسعة من عمليات الإغاثة الإنسانية المشروعة منذ أن صدر قرار مجلس الأمن رقم 2139 بإجماع الدول الأعضاء». وكانت آموس قالت إن «الامتناع المستمر عن الموافقة على تنفيذ عمليات إغاثة عبر الحدود الدولية وعبر خطوط النزاع تعسفي وغير مبرر».