رفض الاتحاد العام التونسي للشغل التعديل الوزاري الجزئي الذي تم بمقتضاه تغيير وزير الوظيفة العامة المحسوب عليه، عبيد البريكي وسط تحذيرات من انعدام الاستقرار السياسي بعد فقدان الحكومة أحد أهم شركائها الاجتماعيين في البلاد. ودعا «اتحاد الشغل» بعد اجتماع طارئ لمكتبه التنفيذي أمس، إلى «مراجعة هذا التعديل الوزاري المتسرع وإجراء تقييم شامل يشمل كل الوزارات قبل اتخاذ هكذا قرار»، معتبراً أن ذلك يُعدّ «تنصلاً من وثيقة قرطاج»، وهو بالتالي لم يعد معنياً بهذه الوثيقة التي تُعتبر أساس المرجعية السياسية للحكومة. وكان رئيس الوزراء يوسف الشاهد أجرى أول من أمس، تعديلاً وزارياً عُيِّن بمقتضاه أحمد عضوم وزيراً للشؤون الدينية، ورجل الأعمال خليل الغرياني على رأس وزارة الوظيفة العامة والحوكمة، إضافة إلى تعيين عبد اللطيف حمام وزيراً للدولة لدى وزير الصناعة والتجارة مكلفاً بملف بالتجارة. وقال الناطق باسم اتحاد الشغل سامي الطاهري في مؤتمر صحافي أمس، إن قرار إقالة البريكي «عبثي ومفاجئ للأحزاب الحاكمة والشعب»، معبراً عن رفض المركزية النقابية تعيين رجل أعمال على رأس وزارة الوظيفة العامة. وأوضح الطاهري أنه «لم تتم استشارة الاتحاد في هذا التعديل، وفي ذلك تجاوز كبير لوثيقة قرطاج»، معتبراً أن ما أقدم عليه رئيس الحكومة لا يتجاوب مع الواقع الصعب الذي تعيشه البلاد وفيه تهرب من قضايا عدة على رأسها الاحتقان بين نقابات التعليم ووزير التربية ناجي جلول. وتُعتبر إقالة البريكي، أحد أبرز الوزراء والقيادي السابق في اتحاد الشغل (أكبر منظمة عمالية في البلاد) مؤشراً إلى علاقة جديدة بين الحكومة والاتحاد الذي أحد أبرز داعمي الحكومة، بخاصة وأن خلفه على راس وزارة الوظيفة العامة هو أحد قيادات «اتحاد أرباب العمل» الغريم التقليدي للمركزية النقابية. وحذر الناطق باسم اتحاد الشغل من أن حكومة الشاهد «تستعد لاتخاذ إجراءات خطيرة مثل التفويت في البنوك العامة الثلاثة وخصخصة قطاعات حيوية عَلى غرار المياه والكهرباء والغاز والصحة خدمةً لرجال الأعمال ولوبيات الفساد». وبهذا التعديل يبدو أن رئيس الحكومة يواصل تمسكه بوزير التربية على رغم الأصوات المطالبة بإقالته ما يفتح الباب أمام موجة جديدة من الصراع بين المركزية النقابية والحكومة. تزامن ذلك مع احتجاجات غير مسبوقة لنقابات التعليم، وهي من أكبر نقابات البلاد، التي تطالب بإقالة وزير التربية، القيادي في حزب «نداء تونس» الحاكم ناجي جلول. ويهدد المدرسون ب «سنة دراسية بيضاء» في حال لم يتم إبعاد جلول من الوزارة. من جهته، أوضح وزير الوظيفة العامة المقال عبيد البريكي، بأن «إقالته أتت استباقاً لاستقالته وإهانة له بسبب عدم إعلامه بهذا القرار»، مشيراً إلى أنه تعرض لانتقادات «من شخصية مؤثرة في الحكومة» (رفض ذكر الاسم) بسبب لقاءاته المتكررة مع شخصيات بارزة على غرار أمين عام اتحاد الشغل ونقيب الصحافيين. وقال البريكي في حوار تلفزيوني إنه تحمل مسؤوليته الكاملة في إقناع رئيس الوزراء بضرورة التوافق مع اتحاد الشغل، معتبراً أنه «إذا أراد الرئيس يوسف الشاهد من خلال إقالتي تحجيم دور الاتحاد العام التونسي للشغل فإن هذا تقدير خاطئ».