دخلت القوات العراقية أمس مطار الموصل، بدعم جوي من طائرات حربية وأخرى مسيّرة، في ما يعد خطوة كبرى لاستعادة ما تبقى من معقل الإرهابيين في الجانب الغربي من المدينة، بعد ان شقت طريقها عبر جنوب الموصل في هجوم بدأ قبل خمسة أيام. واقتحمت قوات الرد السريع التابعة، وبعدها الشرطة الاتحادية المطار انطلاقاً من قرية واقعة الى الشمال من البوسيف، وسيطرت على معسكر الغزلاني. وقال هشام عبد الكاظم، قائد فوج «العقرب»: «الحمد لله، حالياً نحن داخل مطار الموصل وأمام مدرجه، قوات تقوم بتحريره». ولم تنتشر القوات الأمنية حتى بعد ظهر أمس في الأقسام الشمالية من مجمع المطار المترامي الأطراف، حيث يواصل سلاح الهندسة تمشيط المنطقة للتأكد من وجود عبوات ناسفة. ولم تسجل مقاومة عنيفة خلال عملية الاقتحام. وانتشر العناصر على مدرج كان مخصصاً لإقلاع الطائرات، لكنه بدا مهملاً تناثرت فيه الأوساخ، فيما معظم مباني المطار مدمرة بالكامل. وكان في الإمكان رؤية جثة أحد الإرهابيين ملقاة قرب دراجة نارية، على الطريق الجنوبي المؤدي إليه. ونقل بيان لخلية الإعلام الحربي (تتولى توزيع اخبار العملية العسكرية) عن قائد عمليات «قادمون يا نينوى» الفريق الركن عبد الأمير رشيد يارالله، قوله إن «قوات مكافحة الارهاب تقتحم معسكر الغزلاني» القريب. وتمثل سيطرة القوات العراقية على المطار خطوة رئيسية لاقتحام الجانب الغربي من المدينة التي سيطر عليها الإرهابيون منذ حزيران (يونيو) 2014، والتي اعلن منها زعيم التنظيم ابو بكر البغدادي «الخلافة» في مناطق تمتد في العراق وسورية. ودمرت كل الجسور المؤدية الى غرب الموصل بضربات جوية خلال المعارك التي تدور في المدينة منذ اربعة اشهر. وتلعب قوات التحالف بقيادة الولاياتالمتحدة دوراً رئيسياً في دعم الجيش العراقي، من خلال ضربات جوية ومستشارين على الأرض. وشوهدت أمس قوات اميركية تتقدم بآليات مدرعة الى جانب القوات العراقية في اتجاه المطار. وقال المتحدث باسم قوات التحالف الكولونيل جون دوريان خلال مؤتمر عبر الفيديو من بغداد ان الجنود الأميركيين «تعرضوا لإطلاق النار في أوقات مختلفة وردوا على مصادر النيران، داخل الموصل وحولها». ورفض توضيح إن كان أي من الجنود أصيب في الهجمات، لكن مصدراً عسكرياً قال لاحقاً لشبكة «سي إن إن» إن عدداً منهم تطلبت حالاتهم إجلاء طبياً من ساحة المعركة. وتأتي العملية التي اطلقتها القوات العراقية الأحد، لاستهداف معاقل الإرهابيين في غرب الموصل، في اطار عملية واسعة يشارك فيها آلاف المقاتلين انطلقت في 17 من تشرين الأول (اكتوبر)، لاستعادة السيطرة على ثاني مدن البلاد. وبدأت القوات العراقية محاصرة المطار منذ اربعة ايام، ولم يتضح حتى الآن عدد المسلحين الذين يحاولون الدفاع عن مواقعهم، فيما أفاد مسؤولون اميركيون الاثنين أن هناك حوالى ألفي مسلح ما زالوا في الموصل. وتشير التقديرات الى وجود 750 الف مدني محاصرين داخل القسم الغربي الذي تعتبر مساحته أصغر نسبياً مقارنة بالقسم الشرقي. ومن المرجح ان تكون المعركة اكثر دموية في هذه المنطقة لضيق الطرق في المدينة القديمة. ويعيش الأهالي منذ أشهر ظروفاً قاسية تتدهور بشكل مستمر. وأفاد عدد منهم في اتصالات هاتفية أن المواد الغذائية شبه مفقودة ما يجعل عائلات تقتات وجبة واحدة بسيطة في اليوم. وأكدت مصادر طبية حصول حالات وفاة بسبب نقص الغذاء والرعاية الصحية، فيما يسيطر الإرهابيون على المستشفيات. وألقت طائرة عسكرية مساء الأربعاء آلاف الرسائل التي كتبت بخط اليد وقعها أهالي الجانب الشرقي موجهة الى سكان القسم الغربي من الموصل. جاء في إحداها «اصبروا وتعاونوا وساعدوا بعضكم بعضاً (...) الخلاص من الظلم بات قريباً». وكتب في اخرى «ابقوا في منازلكم وتعاونوا مع القوات الأمنية هم اخوانكم جاؤوا ليحرروكم». ونزح عدد محدود من اهالي شرق الموصل عندما اطلقت القوات العملية العسكرية قبل اربعة أشهر. وتوقعت مصادر دولية نزوح اكثر من 250 ألفاً عن منازلهم في الجانب الغربي، ما دفع المنظمات الدولية وغير الحكومية الى الإسراع في اقامة مخيمات جديدة حول الموصل.