«الحياة»، رويترز، أ ف ب - تبدأ اليوم في جنيف جولة جديدة رابعة من المفاوضات بين وفدي الحكومة السورية وقوى المعارضة برعاية المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، وسط شكوك كبيرة بنجاحها في تحقيق اختراق، نتيجةَ عدم وجود تفاهم أميركي- روسي واستمرار شكاوى المعارضين من خرق القوات النظامية السورية وقف النار الساري منذ نهاية العام الماضي. وتواصلت في غضون ذلك المعارك ضد تنظيم «داعش» حيث توغلت «قوات سورية الديموقراطية» الكردية- العربية داخل حدود محافظة دير الزور في إطار خطة عزلها عن الرقة، بالتزامن مع سيطرة فصائل «درع الفرات» التي يدعمها الجيش التركي على نصف مدينة الباب وعشية بدء المفاوضات السورية، قال دي ميستورا للصحافيين، بعد اجتماع للفريق المعني بوقف إطلاق النار: «هل أتوقع اختراقاً؟ لا، أنا لا أتوقع اختراقاً». لكنه أعرب عن الأمل في أن تؤدي هذه الجولة إلى «زخم» في محادثات الحل السياسي للنزاع المستمر منذ ست سنوات. ولفت دي ميستورا إلى أن «روسيا أعلنت للجميع اليوم أنها طلبت رسمياً من الحكومة السورية عدم شن ضربات جوية أثناء المحادثات». لكنه أضاف أن صياغة الدستور «امتياز خالص للشعب السوري ولم يحصل أن دولة سمحت لأخرى بصياغة دستورها»، في انتقاد كما يبدو لمسودة الدستور التي أعدتها موسكو وقدّمتها إلى الأطراف السورية خلال مفاوضات آستانة الأخيرة. وجاء كلام دي ميستورا في وقت شدد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، على أن التدخل العسكري الروسي وضع حداً لمحاولات تغيير النظام بدعم خارجي، و «أنقذ سورية» من احتمالات التفكيك، كما أنهى «حرباً أهلية» كادت تفتك بها، فيما أكدت موسكو أن «أي مشروعات لإقامة مناطق آمنة يجب أن تناقش مع الحكومة السورية»، في إشارة إلى الاقتراح الذي قدمته أخيراً إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب. ووصل وفد الحكومة السورية برئاسة مبعوثها الدائم لدى الأممالمتحدة بشار الجعفري أمس، إلى جنيف التي وصلها أيضاً وفد المعارضة الأساسي الذي يضم ممثلين عن المعارضة السياسية وآخرين عن الفصائل المقاتلة. ويشارك أيضاً في جولة المفاوضات الرابعة برعاية الأممالمتحدة في جنيف وفدان من مجموعتين معارضتين أخريين تعرفان باسمي «منصة موسكو» و «منصة القاهرة». وفي نيويورك، أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في تقرير إلى مجلس الأمن، أن وقف النار في سورية، على هشاشته، «سيساهم في إيجاد بيئة مواتية لانطلاق مفاوضات» جنيف. وتوقع أن تكون الخطوات المقبلة «عقد مفاوضات بين الأطراف السوريين في جنيف للتوصل إلى حل سلمي استناداً إلى بيان جنيف وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة». وأكد ضرورة أن «تأتي الأطراف إلى جنيف من دون شروط مسبقة وبنيّة جدية لإنهاء النزاع». وشدد على ضرورة البدء في تنفيذ اتفاق خطة إيصال المساعدات إلى كل المناطق السورية، لا سيما المحاصرة منها، مشيراً إلى أن القوات الحكومية لا تزال تحاصر الجزء الأكبر من هذه المناطق. وجدد غوتيريش تأكيد ضرورة إجراء المحاسبة على الجرائم المرتكبة في سورية وإحالتها على المحكمة الجنائية الدولية. وكما في سابقاتها، تواجه الجولة الجديدة معوقات عدة، لكنها تأتي وسط تطورات ميدانية وديبلوماسية أهمها الخسائر الميدانية التي منيت بها المعارضة خلال الأشهر الأخيرة وأبرزها في مدينة حلب، والتقارب الجديد بين تركيا الداعمة للمعارضة وروسيا، أبرز داعمي النظام، فضلاً عن وصول الجمهوري دونالد ترامب إلى الرئاسة في واشنطن. وعدد رئيس الدائرة الإعلامية في «الائتلاف الوطني السوري» المعارض أحمد رمضان معوقات عدة، أبرزها فشل تثبيت وقف النار الساري منذ كانون الأول (ديسمبر)، و «عدم وضوح موقف واشنطن من العملية السياسية»، إضافة إلى «عدم وجود توافق أميركي- روسي حول استئناف العملية السياسية». ومن شأن ذلك، وفق قوله، أن «يجعل الموقف الدولي ضبابياً بعض الشيء في ما يتعلق بحماسة الأطراف الإقليمية للدفع باتجاه إنجاز حل سياسي عادل في سورية». وتركز جولة المفاوضات الحالية أيضاً على عملية الانتقال السياسي، بما فيها وضع دستور وإجراء انتخابات. ميدانياً، قال وزير الدفاع التركي فكري إشيق، إن عدد عناصر «داعش» الذين لا يزالون في مدينة الباب هم «أقل من مئة»، وأكد أن القوات التركية وفصائل «درع الفرات» في «الجيش السوري الحر» سيطرت على «أكثر من نصف» المدينة. وأعلن إبراهيم كالين الناطق باسم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن انتزاع السيطرة على الباب مهم لطرد التنظيم المتشدد من معقله في الرقة. وأضاف أن الحديث عن عدم وجود بديل ل «وحدات حماية الشعب» الكردية السورية في القتال ضد «داعش» غير صحيح.