في كل يوم تكتشف 38 إصابة بالسرطان في السعودية، وتتصدر المنطقة الشرقية في الإصابات، إلا أن البلاد تخوض حرباً على هذا المرض كما تشارك بنشاطات عدة في إحياء يومه العالمي في شباط (فبراير) من كل عام. وبدأت الجهود الرسمية والأهلية تؤتي أكلها، خصوصاً على صعيد تطوير طرق الكشف المبكر لخفض عدد الإصابات. وحققت في ذلك رقماً «مبشراً» بإحصاءات عُدت «الأفضل» و«الأقل» مقارنة بدول عربية وعالمية، إضافةً إلى دعم جهود الباحثين السعوديين والكوادر الطبية الذين سجلوا أكثر من براءة اخترع في القضاء على المرض. وقبل أيام، كشف استشاري جراحة الأورام في مستشفى الملك عبدالعزيز في الظهران رئيس اللجنة العلمية في جمعية السرطان السعودية التي تنشط في المنطقة الشرقية الدكتور إبراهيم الشنيبر، أن المملكة سجلت 14 ألف إصابة بالسرطان خلال عام، منها 1033 حالة في الشرقية، أبرزها سرطان الثدي، والبروستات، والأمعاء الغليظة. وأشارت إحصاءات أصدرتها مراكز طبية سعودية عدة، إلى انخفاض تدريجي في نسبة المصابين من الأطفال بالمرض، وصلت إلى سبعة في المئة خلال الأعوام الأخيرة، عزتها إلى «ارتفاع مستوى الوعي لدى الأسرة»، بحسب الموقع الإلكتروني لقناة «سكاي نيوز عربية». ويعتبر سرطان الثدي ثاني أكثر السرطانات انتشاراً في السعودية، بنسبة بلغت في السنوات الأخيرة 22 في المئة من إجمالي الحالات، بحسب تقارير وإحصاءات منظمة الصحة العالمية. وتتصدر الشرقية في نسبة الإصابة بسرطان الثدي ب41 إصابة لكل 100 ألف سيدة بمتوسط عمر 50 عاماً، تليها الرياض ب29.3 إصابة، ثم نجران 26.9، ومكةالمكرمة 25.3، وأخيراً المنطقة الشمالية 25. وتشهد المملكة تطوراً ملحوظاً في محاربته والكشف المبكر عنه، لاسيما بعد انتشار العيادات المتنقلة، إضافة إلى دعم وتدريب الفرق الطبية وتأهيلها لاستئصال الأورام السرطانية، فضلاً عن مساهمات الجمعيات الخيرية المعنية في الأمر. وفي هذا الصدد، سجل الباحث السعودي سعيد الجارودي العام الماضي، براءتي اختراع عن اكتشاف علاجين لاثنين من أكثر السرطانات فتكاً بالبشر، من خلال تقنية جديدة تعتمد مركبات الذهب. وأبان الجارودي أن الدواء تم اختباره على نوعين من الخلايا السرطانية هما «البروستات» و«المعدة»، واتضحت فاعليته بالنسبة إلى الثاني، ليتفوق بذلك على الدواء المستخدم حالياً Cisplatin. والجارودي ليس السعودي الأول الذي يخترع علاجاً للسرطان، إذ سبقته المخترعة نوال المالكي المنحدرة من محافظة الطائف، بابتكارها منذ أعوام علاجاً للسرطان باستخدام «تقنية النانو» والعلاج الكيماوي والتصوير بالرنين المغناطيسي، عبر إعطاء المريض جرعة مركزة عالية موضعية من العلاج لتستهدف الخلايا السرطانية، وتجنيب السليمة التعرض إلى العلاج الكيماوي بنسبة عالية. ومن بين الإنجازات السعودية أيضاً، تمكن فريق طبي في مستشفى الملك فهد الجامعي في الخبر التابع إلى جامعة الإمام عبدالرحمن، بقيادة استشاري جراحة الروبوت والمناظير للجهاز الهضمي العلوي وأورام المعدة في قسم الجراحة في المستشفى الجامعي الدكتور سعيد الشميمي، من إزالة أورام سرطانية مبكرة في المعدة لمريضة من طريق جراحة كبرى ودقيقة، تحتاج إلى خبرة ومهارة عالية. وحصل مركز الأورام التابع إلى مدينة الملك عبدالله الطبية في مكةالمكرمة على عضوية الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان لتوسعه في إقامة دورات تدريبية للكوادر الطبية ومواكبة كل جديد في مجال نشر الوعي ومكافحة المرض. وتعمل وزارة الصحة السعودية ضمن مجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون الخليجي، للتعاون مع المجتمع الدولي في مواجهة ومكافحة والوقاية من السرطان، من خلال تعزيز الوعي الصحي لدى المجتمع السعودي، وتعزيز دور برامج الاكتشاف المبكر والرعاية الصحية المتكاملة. وفي هذا الصدد، كشف وكيل وزارة الصحة الدكتور عبدالعزيز بن سعيد أن حوالى نصف الحالات يتم تشخيصها في مراحل متقدمة، الأمر الذي يحد من الخيارات المتوافرة للتداخلات العلاجية والنتائج المتوقعة. وقال إن «الدلائل والبحوث العلمية تُشير إلى أن 40 في المئة من أمراض السرطان يُمكن تفاديها إذا اكتشف المرض في مراحله الأولية، وهذه النسبة يمكن أن تصل إلى أكثر من 90 في المئة في بعض أنواع السرطان، مثل الثدي والقولون». وبالمقارنة مع إحصاءات دول عربية، يبلغ عدد الإصابات بالسرطان في مصر حوالى 100 ألف حالة جديدة سنوياً، بحسب تقارير صحافية أوضحت أن أكثر أنواع الأورام السرطانية شيوعاً في مصر «الثدي» المتفشي بين بنسبة تتجاوز 20 في المئة، مقارنة ب10 في المئة في السعودية. وفي لبنان، أشارت رئيسة برنامج الترصد الوبائي في وزارة الصحة العامة الدكتورة ندى غصن في تصريح إلى إحدى الصحف المحلية إلى أن لبنان يسجل أكبر نسبة للإصابة بالأمراض السرطانية بين الدول العربية، بمعدل 197 حالة لكل 100 ألف شخص. يُذكر أن السرطان يُعد ثاني سبب رئيس للوفاة في العالم، وحصد أرواح 8.8 مليون شخص في العام 2015، وتُعزى إليه وفاة واحدة تقريباً من أصل كل ست وفيات في العالم، بحسب منظمة الصحة العالمية، ويأتي الرقم السعودي في ظل توقعات بتزايد حالات الإصابة به عالمياً بحوالى 70 في المئة خلال العقدين المقبلين.