طرح الزعيم الديني مقتدى الصدر أمس مشروعاً لمرحلة ما بعد استعادة الموصل، داعياً إلى تعزيز الجيش وإغلاق مكاتب الفصائل المسلحة، وإخراج كل «القوات الصديقة» من العراق، وإشراف دولي على العملية السياسية في المناطق المستعادة، وتلك المتنازع عليها مع كردستان وفتح حوار مع الإقليم. وحصلت الحملة العسكرية لاستعادة غرب الموصل على دعم قوي من واشنطن في أول زيارة لوزير الدفاع جيمس ماتيس الذي التقى رئيس الحكومة حيدر العبادي، وقال قبيل وصوله إلى بغداد: «إن الجيش الأميركي ليس في العراق للاستيلاء على نفطه»، داحضاً تصريحات سابقة للرئيس دونالد ترامب الذي قال أنه كان على الولاياتالمتحدة وضع يدها على النفط «قبل سحب جنودها عام 2011». وجاء في بيان للعبادي أنه قال لماتيس أن العراق في «اللحظات الحاسمة» لتحرير مدنه، مؤكداً: «عدم وجود قوات أجنبية تقاتل على الأرض، وهناك مستشارون فقط، وقواتنا تقاتل وتحقق الانتصارات». وجدد ماتيس «دعم بلاده الكامل للعراق في حربه على الإرهاب وفي المجالات الأخرى»، متابعاً أن «مجيئنا من أجل دعم العراق وتأكيدنا استمرار العلاقة والدعم بعد داعش». ودعا قائد قوات التحالف الدولي الجنرال ستيفن تاونسند إلى بقاء هذه القوات في العراق حتى بعد استعادة السيطرة على الموصل. وأضاف، خلال مؤتمر صحافي في اختتام زيارة ماتيس بغداد: «لا أتوقع أن تطلب منا الحكومة العراقية المغادرة فوراً بعد التحرير». وجاءت الزيارة وسط انشغال الأوساط السياسية بمبادرة طرحها الصدر لما بعد «داعش»، ولاقت ترحيباً من مختلف القوى السياسية. وتلا الصدر مبادرته عبر قناة «إن آر تي العربية»، بالتزامن مع اليوم الثاني لانطلاق الحملة العسكرية لاستعادة غرب الموصل، ودعا إلى «فتح صندوق دولي لدعم الإعمار في كل المناطق المتضررة وإيصال المساعدات بصورة عاجلة وفورية لإغاثة المناطق المنكوبة، وتشكيل خلية دولية تُعنى بحقوق الإنسان والأقليات مهمتها الإشراف على إزالة الانتهاكات والتعديات الطائفية والعرقية، بالتنسيق مع الجهات الحكومية والبرلمانية المختصة». وأكد «ضرورة تمكين الجيش والقوات الأمنية حصراً من مسك الأرض في المناطق المحررة والمناطق المتنازع عليها، وفتح حوار جاد وفاعل مع الأطراف في كردستان للتوصل إلى حلول تنفع واقع العراق وشعبه ولا مانع من أن يكون في رعاية أممية». ودعا إلى «السعي الحثيث على المستوى الدولي لإنهاء أزمة التدخلات التركية عبر الطرق الديبلوماسية». وطالب بدمج «العناصر المنضبطة في الحشد الشعبي مع القوات الأمنية، وبخروج كل القوات المحتلة بل والصديقة، إن جاز التعبير، من الأراضي العراقية للحفاظ على هيبة الدولة وسيادتها». ولفت إلى «ضرورة العمل على فتح حوارات تتولاها الجهات الشعبية من الوجهاء وشيوخ العشائر والنخب الاجتماعية لإزالة التوترات الفئوية والطائفية». وشدد على «ضرورة تأمين الحدود بواسطة الجيش وقوات حرس الحدود حصراً»، و «فتح دورات تربوية وتثقيفية في المناطق المحررة لإزالة القلق والخوف وإبعاد الأفكار المتشددة». كما دعا إلى «فتح حوار شامل للمصالحة على أن لا يكون محدداً بالطبقة السياسية، بل يكون حواراً للمصالحة الشعبية والوطنية يشمل كل الأديان والمذاهب والأقليات والتوجهات في رعاية علمائية، ولا يشمل البعث والإرهاب ولا يكون قائماً على أسس سياسية انتخابية، بل أسس تضمن السلم الأهلي والاجتماعي». وأشار إلى «ضرورة جمع السلاح المتناثر في العراق وتسليمه إلى الدولة» و «غلق كل مقار الفصائل المسلحة أو تحويلها إلى مؤسسات ثقافية أو مدنية أو اجتماعية أو إنسانية، والعمل على تصفية السلك الأمني كله من العناصر غير المنضبطة ووضع قوانين صارمة تعيد إلى الجيش والمؤسسات الأمنية الأخرى هيبتها واستقلالها». ميدانياً، قال قائد الشرطة الاتحادية الفريق رائد شاكر جودت قوات: «تواصل التقدم وباتت تبعد كليومتراً واحداً عن تلال البوسيف، بغطاء مدفعي كثيف يستهدف مقار داعش ودفاعاته». وأفاد قادة ميدانيون بأن القوات العراقية استعادت 15 قرية في جنوب الموصل، على الطريق المؤدي إلى المطار الذي يشكل أحد أهدافها الرئيسية.