لم يكن «حادث بقيق» الذي أدى إلى مقتل شخص وإصابة ثلاثة آخرين أمس (السبت)، بعد تسرب زيت من أحد خطوط الأنابيب التابعة إلى شركة أرامكو السعودية، الأول في تاريخ الشركة العملاقة، إذ شهدت حوادث عدة على مدى عقود، تنوعت أسبابها، وراح ضحيتها العشرات بين قتيل ومصاب. فقبل حوالى أربعة أشهر توفي عاملان وأصيب 16 آخرون إثر حريق اندلع في أحد خزانات محطة الوسيع لمعالجة النفط الخام بالقرب من الرياض، وأعلنت «أرامكو» حينها السيطرة على الحريق من دون أن تتأثر عمليات الإنتاج. وشهد الحادث موقفاً «بطولياً» من الموظف سطام العنزي الذي خاطر بحياته لإنقاذ ستة من زملائه كادوا يلقون حتفهم، فأصيب بحروق خطرة في وجهه ويديه ورجليه. إلا أن ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء رئيس المجلس الأعلى ل«أرامكو» الأمير محمد بن سلمان وجه بعلاجه في أفضل المراكز العالمية المتخصصة، إن تطلبت الحاجة، ومكافأته على بطولته. وبالعودة بالزمن حوالى عقدين، قُتل 12 سعودياً إضافة إلى بريطاني، وأُصيب ثمانية آخرون في حادث سقوط طائرة مروحية تابعة إلى «أرامكو» في مياه الخليج العربي شرق السعودية العام 1999. وكان من بين ضحايا الحادث الناتج عن عطل مفاجئ في محرك الطائرة، مساعد قائدها ابن شقيق وزير النفط السعودي آنذاك المهندس علي النعيمي. ووقع الحادث بعد اقلاع الطائرة من منصة معمل فرز الغاز عن الزيت في حقل أبو سعفة، متجهةً إلى رأس تنورة. وبعد أشهر قليلة اندلعت النار في مروحية حين ارتطمت بأرض مدرج مطار رأس تنورة، ما أدى إلى إصابة الطيار ومساعده وأحد الركاب لم يسفر عن وقوع ضحايا. وفي العام 2002 نشب حريق في خزان مياه حامضة غير معالجة في مصفاة بالجبيل الصناعية، وتمت السيطرة عليه وإخماده ولم تُسجل أي إصابة بين موظفي المصفاة أو عمال المقاولين أو عناصر الفرق المشاركة في السيطرة. لحق ذلك بعد أربع سنوات (2006)، وفاة موظفين وإصابة أربعة آخرين في حادث تسرب غاز من نوع كبريتيد الهيدروجين، من أحد الأنابيب في حقل «قطيف 1» غرب منطقة الجعيمة. وعادت رأس تنورة ليشهد في العام نفسه وفاة موظف بعد اندلاع حريق في رصيف داخل أحد أحواض التجميع، نتيجة لتسرب غاز أثناء القيام بأعمال التشغيل بعد انفجار أحد أغطية صمامات الغاز بسب الضغط، ما أدى إلى قذف المشغّل إلى مسافة بعيدة ونشوب الحريق. وسجل العام 2007 الرقم الأكبر في عدد الضحايا إذ شهد حادثاً «مأساوياً» توفي فيه 28 شخصاً، خمسة منهم موظفون في «أرامكو»، إضافة إلى عدد من الإصابات، بعد انفجار أحد أنابيب الغاز في منطقة نائية من خط أنابيب حرض - العثمانية شرق السعودية على بعد 30 كيلومتراً من معمل الغاز في الحويةجنوبالأحساء، خلال أعمال وصل لحام أنابيب. وأعلنت الشركة وقتها حال الطوارئ في المرافق الصحية في الأحساء، والتي استقبلت مستشفياتها عشرة مصابين من جنسيات آسيوية. وقبله ببضعة أشهر، اندلع حريق في مركز تعبئة الناقلات التابع إلى مرفأ الإنتاج الشمالي القريب من مصفاة رأس تنورة، أثناء إجراء عمليات صيانة في المرفأ، أصيب فيه 13 شخصاً بحروق مختلفة، ثم فارق خمسة منهم الحياة في وقت لاحق. وفي حادث من نوع آخر، غرقت منصة «أرامكو» البحرية «عربية 4» في منطقة السفانية التي تبعد عن رأس الخفجي حوالى 19 ميلاً بحرياً، وعلى متنها 27 موظفاً. ووقع الحادث بعد فقدان المنصة التوازن في أحد أعمدتها التي تعتمد عليها للوقوف، ما تسبب في غرقها، ووفاة ثلاثة عمال كانوا على متنها، ونجاة الباقين. وفي العام 2015 أدى حريق وقع في مجموعة أبراج سكنية ل«أرامكو» في الخبر، إلى وفاة 11 شخصاً، فيما أصيب 219 آخرون بإصابات متفاوتة. وأوضحت مديرية الدفاع المدني في المنطقة الشرقية وقتها، أن الحريق نشب في أقبية أحد الأبراج وانتقل سريعاً إلى المباني المجاورة. وكادت يد الإرهاب تطاول «أرامكو» في محاولات استهداف منشآتها. ففي العام 2006 حاولت مجموعة من الإرهابيين تفجير معامل بقيق لتكرير النفط بسيارتين مفخختين مموهتين بشعار الشركة، إلا أن حراسات المعامل تمكنت من قتلهم بعد اشتباكات عنيفة أدت إلى انفجار إحدى السيارتين، وتأثر «غلاية» خاصة بالمصافي واستشهاد رجل أمن. يذكر أن «أرامكو» تباشر تحقيقات موسعة بعد كل حادث يقع في أحد منشآتها لمعرفة الأسباب وتلافي تكرار وقوعه، وتؤكد دائماً على «حرصها التام بتطبيق أعلى معايير السلامة» من خلال التفاعل اليومي مع اشتراطات السلامة وإطلاق مبادرات لتحسين أدائها وأداء مقاوليها وتعريف موظفيها على المخاطر وكيفية التخفيف من آثارها، إلا أن الشركة لا تعلن غالباً عن نتائج تلك التحقيقات. وسجلت الشركة في تقريرها السنوي للعام 2015 معدل إصابات مهدرة للوقت بلغ 0.06 لكل 200 ألف ساعة عمل، وبالنسبة إلى عدد الإصابات، سُجلت إصابة بالغة واحدة في مقابل كل 22 إصابة طفيفة.