رحب إمام وخطيب المسجد الحرام في مكةالمكرمة الشيخ عبدالرحمن السديس بحجاج بيت الله، وقال مخاطباً ضيوف الرحمن: «حقَّق الباري سُؤْالكم ومُناكم تشرف بكم بلاد الحرمين حرسها الله، رُعاةً ورعايا، أرضاً ووهاداً، سهلاً ومُنْآداً، يستبشرون بكم ضيفاً عزيزاً مرقوباً، ووفداً كريماً محبوباً، فخدمتكم تاج فخار يتلألأ على صدور أهلها ووسام شرف يتألق في عقد جيد أبنائها. فليكن شعاركم تلبية مجلجلة بالتوحيد لرب العبيد»، ودعاهم إلى تعظيم هذه البقاع الشريفة، تأدُّباً وتوقيراً وصَيانة وتطهيراً، ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ، وحذرهم من كل ما يعكِّر أمنها وأمانها وسكينتَها واستقرارَها، وطالبهم بالتحلي بالأخلاق الكريمة والآداب القويمة، وحذرهم من الأذى والخصال الذميمة. وأضاف: «ها أنتم أولاء بحمد لله في رِحاب الحرمين الشريفين تعيشون أجواءً مفعمة بالروحانية في أجلّ مناسبة إسلامية عالمية، فَلِلَّه دَرُّكم من إخوةٍ متوادين متراحمين، وأحبة على رضوان الله متآلفين متعاونين، وصفوةٍ لنسائم الإيمان متعرِّضين، ذَوَتْ في جليل مقصدكم زينةُ الأثواب، وعزَّة الأنساب، وزخارفُ الألقاب والأحساب». وأوضح إمام وخطيب المسجد الحرام، أنه في هذه المواكب المهيبة، والحشودِ المباركة الحبيبة، التي اتَّحَدت زماناً ومكاناً شعائر ومشاعر، يَعقِد الإسلام - وفي أحكم ما يكون العَقْد - بإحدى منافع الحج الجُلىَّ، مناطِ الوحدة الإسلامية والروحية الصُّلبة، التي تنحسر دونها كلُ المحن والمآسي يقول سبحانه: (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ). وأضاف أن كبرى القضايا التي قام عليها ركن الحج الركين، بل وقامت عليها جميع الطاعات والعبادات هي تجريد التوحيد الذي هو حق الله على العبيد، وإفرادهُ - سبحانه - بالعبادة من دون سواه، فأعظم مقاصد الحج ومنافعِه تحقيقُ التوحيد الخالص لله، كما قال جل شأنه: (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ). وأفاد السديس بأن «شعيرة الحج في جوهرها البديع، ومظهرها الأَلِقِ المَنيع، لتدعونا لاتخاذها منعطفاً عملياً ومَنَاراً، ووَثْبة جادةً لحلِّ قضايانا ومَثَارَاً. فحتَّام الشَّتاتُ والاختلافُ حَتَّام وإلى مَا التناثرُ والتنافرُ إلى مَا، لقد حَلَّ الأوان وَحَان الآن في اغتنامٍ لشرف الزمان والمكان لمعالجة محن الأمة وَنِزاعاتها، ووَحَرِ صُدُورها وخِلافاتها، إقليمياً ودولياً وعالمياً، وأن يكون هذا الاجتماعُ الربانيُّ، مسباراً للأعمال، ورائداً للآمال، وعهداً للتناصر، وتثبيتِ الأواصر، ومستأنفاً لنبذ التراخي، وتأكيد التآخي (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا)، لاسيما في أُوْلَى قضايانا الكبرى قضيَّةُ إخواننا في الأرض المباركة فلسطين، الذين جرَّحتهم ظلماتُ الحصار والخطوب، وانقساماتُ الإخوة على شتى أهواء ودروب، وإخوانِنا في بلاد الرافدين الذين قرَّحتهم مآسي الحروب، إن هذه الشعيرة المباركة لَلمناسبة العظيمة لأن نزجي للعالم أكتع، الهدايات الربانية، والرحمات المحمدية، التي تهتف بالحق والعدل والأمن والسلام، وترفرف بالرحمة والتسامح والصفاء والوئام، وتنبذُ الظلم والفساد والعنف والإرهاب مهما كانت الدوافع والأسباب». وقال: «ليهنأ الحجاج الأكارم بمنظومة الخدمات المتألقة، والمشاريع العملاقة المتكاملة، ولعل ما يطرّز سناها هذا العام مشروع قطار الحرمين والمشاعر المقدسة الهمام، جعله الله في موازين الحسنات التمام. وسال الله أن يوفق حجاج بيته الحرام، وأن يعينهم على أداء مناسكهم، وأن يجعل حجهم مبروراً، وذنبهم مغفرواً، وسعيهم مشكوراً، وأن يعيدهم إلى بلادهم سالمين غانمين مأجورين غير مأزورين». وفي المدينةالمنورة، قال إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ صلاح البدير، إن الله سبحانه وتعالى جعل الكعبة البيت الحرام قياماً للناس ومثابة، وجعله لأمة محمد صلى الله عليه وسلم قبلة حرم الله الذي أوسعه كرامة وبهاء وعظمة وقداسة وجلالاً. وأضاف في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس، أن حجاج بيت الله الحرام تكاملت وفودهم واجتمعت حشودهم والإيمان يحدوهم والشوق يدعوهم يؤمون البيت العتيق ويلبون من كل فج عميق ويغدون من كل ناحية وطريق ويأتون من كل طرف سحيق يرجون ما عند الله من الثواب قد سعوا لكرمه ونزلوا بحرمه وهو الكريم الوهاب الرحيم التواب لا يخيب من رجاه ولا يرد من دعاه.