عقب محادثات أجرتها مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة مطلع الشهر الجاري، قالت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل إنه «ليس مسموحاً أن ينشأ انطباع بأن هناك حالات تجسس في ألمانيا». لم يتوقف كثيرون حينها عند مغزى كلامها، إلى أن نفذت الشرطة الألمانية أمس، حملة دهم في ولايتين ألمانيتين استهدفت منازل أربعة أئمة أتراك يتبعون اتحاد «ديتيب» التركي الذي يشرف عليه أردوغان مباشرة، ويحصل على تمويل من رئاسة الشؤون الدينية التركية المعروفة باسم «ديانة». وكانت النيابة العامة الاتحادية طلبت في الأساس اعتقال الأئمة، لكن قاضي التحقيق رفض طلبها الذي قدمته منذ أواخر كانون الثاني (يناير) الماضي، قائلاً إنه لم يجد في الدوافع المذكورة ما يبرر الاعتقال، كما أفاد موقع «شبيغل» الإلكتروني. وبعد حملة التفتيش، ربط مراقبون بين رفض قاضي التحقيق تنفيذ اعتقالات وزيارة مركل أنقرة مطلع الشهر الجاري، ذلك أن توقيف أي من الأربعة كان سيفجر اجتماعها مع أردوغان ويؤدي إلى تدهور العلاقات بين البلدين. واكتفت الأجهزة أمس، بعمليات التفتيش التي حصلت في ولايتي شمال رينانيا وويستفاليا وراينلاند- بفالتس، بهدف معرفة دور الأئمة الأربعة في «التجسس» على أنصار الداعية فتح الله غولن المقيم في أميركا، والذي تتهمه أنقرة بالوقوف وراء محاولة انقلاب عسكري فاشلة في تموز (يوليو) الماضي. واستندت النيابة العامة في الاشتباه بالائمة الأربعة، إلى وثائق قدمها النائب عن حزب الخضر فولكر بك في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، تتضمن مراسلات إلى موفدي «ديتيب» في الخارج. وقال وزير العدل الألماني هايكو ماس إن «تأثير الدولة التركية على ديتيب كبير جداً»، ناصحاً الاتحاد «بالعمل على تغيير نظامه الداخلي الذي ينص على إقامة علاقة وثيقة مع رئاسة الشؤون الدينية التركية». وصرح ناطق باسم الاتحاد التركي أمس، بأن «بعض الأئمة تلقوا إيعازاً فهموه بصورة خاطئة». وكان رئيس مكتب حماية الدستور الألماني في ولاية شمال رينانيا وويستفاليا أعلن أمام البرلمان المحلي قبل بضعة أسابيع أن 13 إماماً هناك أرسلوا إلى أنقرة لوائح بأسماء 33 تركياً في الولاية و11 مؤسسة دراسية محلية، يعتقد بأنها تابعة لأنصار غولن. في غضون ذلك، أوردت وكالة أنباء «الأناضول» أمس، أن السلطات التركية اعتقلت 27 من ضباط الشرطة في ثمانية أقاليم في أنحاء تركيا في إطار حملة أمنية موسعة تلت محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة. واستهدفت الاعتقالات التي تركزت في إقليم أضنة (جنوب) أتباع غولن وشملت ثلاثة من قادة الشرطة. وفي وقت طاولت الاعتقالات منذ محاولة الانقلاب آلاف العسكريين والمدنيين، حذر مجلس أوروبا في تقرير تضمن انتقادات حادة لأنقرة أمس، من أنها «تسير في طريق خطر جداً مع تبني تدابير غير مبررة للتضييق على حرية التعبير». وقال المفوض الأوروبي لحقوق الإنسان نيلز مويزنيكس إن «محاولة الانقلاب والتهديدات الإرهابية التي تتعرض لها تركيا، لا تبرر إجراءات تسيء بصورة خطرة إلى حرية الإعلام ودولة القانون». في الوقت ذاته، طلب محامٍ من المحكمة الجنائية التابعة للأمم المتحدة أمس، إحالة تركيا على مجلس الأمن لرفضها الإفراج عن القاضي آيدن صفا أكاي المعتقل للاشتباه بتورطه في محاولة الانقلاب. أتى ذلك بعدما أمرت المحكمة تركيا «بوقف كل الإجراءات القانونية ضد أكاي» وهو أحد قضاة «الجنائية الدولية» التي تتخذ من لاهاي مقراً لها.