دهمت الشرطة الألمانية اليوم (الأربعاء) شقق أربعة أئمة يشتبه في قيامهم بأعمال تجسس لصالح الحكومة التركية تستهدف أتباع رجل الدين المقيم في الولاياتالمتحدة فتح الله غولن، والذي تتهمه أنقرة بالتخطيط لمحاولة انقلاب في تموز (يوليو) الماضي. ومن شأن عمليات الدهم التي تمت في ولايتي نورد راين فستفاليا وراينلاند بلاتينيت أن تزيد من توتر العلاقات بين ألمانياوتركيا العضوين في «حلف شمال الأطلسي». ويحتاج كل من البلدين للآخر في التعامل مع قضايا تتراوح من هجمات المتشددين إلى أزمة المهاجرين في أوروبا. وقال مكتب الادعاء العام الاتحادي في بيان إن الأئمة عملوا بناء على أمر صادر في 20 أيلول (سبتمبر) من العام الماضي من إدارة الشؤون الدينية في تركيا التي قالت إن حركة غولن كانت وراء محاولة الانقلاب الفاشلة. وقال وزير العدل الألماني هايكو ماس إن الأئمة الأربعة أعضاء في «الاتحاد الإسلامي التركي للشؤون الدينية» (ديتيب) وهو أكبر اتحاد للمساجد في ألمانيا ويأتي بالأئمة من تركيا لخدمة الجالية التركية في البلاد والتي يبلغ عدد أفرادها حوالى ثلاثة ملايين. وقال ماس في بيان «من الواضح جداً أن تأثير الدولة التركية على ديتيب كبير. يتعين على الاتحاد أن ينأى بنفسه عن أنقرة». وبدأ مكتب الادعاء الاتحادي الشهر الماضي تحقيقاً في عمليات للاستخبارات التركية على الأراضي الألمانية بعد أن قدم أحد المشرعين شكوى جنائية. وتحقق النمسا كذلك فيما إذا كانت تركيا تدير شبكة من العملاء الذين يستهدفون أتباع غولن على أراضيها من طريق سفارتها في فيينا. واتهمت تركياألمانيا بإيواء عناصر من حزب «العمال الكردستاني» وحزب «التحرير الشعبي الثوري- الجبهة» اليساري المتطرف الذي نفذ هجمات في تركيا. وينفي مسؤولون ألمان ذلك. وقال مكتب الادعاء إن عمليات الدهم اليوم كانت تهدف إلى جمع المزيد من الأدلة التي تربط المشتبه فيهم بأعمال تجسس. قال إن «المشتبه فيهم متهمون بأنهم جمعوا معلومات عن أعضاء فيما يطلق عليه حركة غولن وقاموا بنقلها للقنصلية العامة في كولونيا». ويتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، غولن بتدبير محاولة الانقلاب التي قتل فيها 240 شخصاً على الأقل ويريد من الولاياتالمتحدة تسليمه. وينفي غولن أي دور له في محاولة الانقلاب. ومنذ تموز (يوليو) الماضي اعتقلت تركيا عشرات الآلاف من الأشخاص للاشتباه في صلاتهم بحركة غولن في إطار حملة واسعة النطاق انتقدتها ألمانيا دول أخرى من الاتحاد الأوروبي. وفي سياق متصل، حذّر «مجلس أوروبا» اليوم في تقرير تضمن انتقادات حادة موجهة إلى أنقرة، من أن تركيا تسير على طريق خطر جداً مع تبني تدابير غير مبررة بنظره للتضييق على حرية التعبير. وقال المفوض الأوروبي لحقوق الإنسان نيلز مويزنيكس في مذكرة خصصها لحرية التعبير وحرية الإعلام في تركيا، إن «محاولة الانقلاب والتهديدات الإرهابية التي تتعرض لها تركيا لا تبرر إجراءات تسيء بصورة خطرة إلى حرية الإعلام ودولة القانون». وحذّر من أن تركيا «انتهجت مساراً خطراً جداً من خلال الاستخدام المفرط لمفاهيم، الدعاية الإرهابية، ودعم منظمة إرهابية، بما في ذلك لدى التعامل مع تصريحات ومع أشخاص هم، بشكل واضح، لا يحرضون على العنف، ومن خلال اللجوء بشكل مفرط إلى الآليات التي تعاقب التشهير». وقام مويزنيكس بزيارتين إلى تركيا في نيسان (أبريل) وأيلول (سبتمبر) 2016. وذكر المفوض بأن فرض السلطات التركية حال الطوارئ عقب المحاولة الانقلابية يعطيها سلطات استنسابية ويتيح لها تطبيق تدابير قصوى بما في ذلك ضد وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني من دون تقديم أدلة أو انتظار قرار قضائي، وإنما فقط على أساس مزاعم بوجود صلات مع منظمة إرهابية. وأوضح أن السلطات أغلقت حوالى 158 وسيلة إعلامية وصحيفة وقناة تلفزيونية وإذاعة ووكالة أنباء، ووضعت 151 صحافياً في السجن. وطالب المفوض السلطات التركية «برفع حال الطوارئ (...) ووقف الانتهاكات المتعددة غير المقبولة لحرية التعبير ولا سيما حرية وسائل الإعلام والحرية الأكاديمية». وأوصى من جهة ثانية، بإجراء «تعديلات معمقة للقانون الجزائي وقانون مكافحة الإرهاب لكي تتماشى النصوص والممارسات مع قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان».