رسّخت انتخابات نقابة الصحافيين التي أغلق أمس الباب أمام تلقي طلبات الترشح على مقاعدها انقسام الجماعة الصحافية في مصر. وبدا أن الاقتراع المقرر أن يجري مطلع الشهر المقبل، سيشهد صراعاً لا سيما على مقعد النقيب بين كتلة المعارضة التي يمثّلها النقيب الحالي يحيى قلاش، وكتلة مؤيدي الدولة التي يمثّلها ستة مرشحين، أبرزهم عبدالمحسن سلامة. وأعلن النقيب السابق مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ضياء رشوان عدم الترشح، منتقداً «تغليب المصالح الشخصية على المصلحة العامة». وكانت اللجنة المشرفة على تلقي طلبات الترشح، برئاسة وكيل النقابة خالد ميري، أعلنت أمس غلق باب تلقي الطلبات، وأوضحت أنها تلقت 80 طلباً للترشح، بينها سبعة على مقعد النقيب. والمرشحون لهذا المنصب هم يحيى قلاش النقيب الحالي، وعبدالمحسن سلامة مدير تحرير «الأهرام»، وسيد الإسكندراني من «الجمهورية»، وطلعت هاشم من «مصر الفتاة»، ونورا رشاد من «الجمهورية»، وإسلام كمال من «روز اليوسف»، وجيهان شعراوي من «الأهرام». وأوضحت اللجنة أن هناك 73 مرشحاً على ستة مقاعد في مجلس النقابة، مشيرة إلى أن اللجنة ستبدأ اليوم ولمدة 5 أيام تلقي الطعون والتنازلات المقدمة من المرشحين، وستعلن اللائحة النهائية للمرشحين الاثنين المقبل. وأكدت أنه كما تمت إجراءات الترشح ب «نزاهة شديدة، ننتظر أيضاً أن تتم عملية الانتخابات (التي تجري في الثالث من الشهر المقبل) في نزاهة وشفافية». وأثارت الانتخابات مخاوف من اتساع الانقسامات داخل الجماعة الصحافية، والتي كانت حدثت في أعقاب دخول الشرطة مقر النقابة في منتصف العام الماضي، لتوقيف الصحافيَين عمرو بدر ومحمود السقا اللذين كانا مطلوبَين على ذمة قضية تظاهر، وما أعقبها من محاكمة للنقيب وعضوي النقابة جمال عبدالرحيم وخالد البلشي، بتهمة «إيواء مطلوبين»، وهو ما نبّه إليه نقيب الصحافيين السابق ضياء رشوان في بيان أصدره مساء أول من أمس وأعلن فيه عدم الترشح لمنصب نقيب الصحافيين. وعزا رشوان قراره إلى «عدم وجود توافق صحافي، ولتغليب بعض المرشحين لمصلحتهم الشخصية على المصلحة العامة». وقال في البيان: «فضّلت ألا أتقدم رسمياً بأوراق ترشيحي لمقعد النقيب منذ فتح باب الترشيح، لإعطاء الفرصة للجميع لكي يتم التحاور حول هذا التوافق الضروري، إلا أن أحداً لم يبادر أو يستجب لكل ما بذلته من جهود واتصالات مع الجميع مباشرة وغير مباشرة، وكانت المبادرة الوحيدة منهم هي تقديم أوراق الترشيح الرسمية. وتمسكاً مني بالصالح العام للصحافيين ونقابتهم وليس بمصلحة خاصة صغيرة، كنت قد عرضت عليهم أن أكون أول المنسحبين من السباق الانتخابي على مقعد النقيب، لمصلحة من يتوصّل الحوار إلى أنه هو الأصلح والأقدر على تحقيق التوافق وقيادة النقابة في المرحلة المقبلة في ظله، ولم يلق كل هذا أي استجابة، وتقدّم الخاص على العام وانهارت فكرة التوافق الضروري إلى القاع بينما احتلت المطامح الفردية والشللية قمة الاهتمام والحركة». وأضاف رشوان: «إن هذا الفشل للتوافق الحتمي في هذه المرحلة الخطيرة من تطور مهنتنا ونقابتنا وبلدنا يتحمل أسبابه ونتائجه الوخيمة من رفضوه بحجج لا يرقى أي منها الى مستوى المسؤولية والمصلحة العامة». ونبّه إلى أن المعركة الانتخابية المقبلة «وللأسف الشديد، وفي ظل هذه الظروف، ستؤدي إلى مزيد من الانقسام الداخلي بين صفوفنا، ما سيزيد من ضعفنا الشديد وصورتنا السلبية أمام المجتمع والرأي العام، وستؤدي هذه المعركة، أياً كانت نتائجها أو الطرف الفائز فيها، إلى وضع استقطاب خطير بداخل مهنتنا ونقابتنا». وتابع: «لكل هذا، فإنني فضّلت ألا أشارك في هذه المأساة - الملهاة، وأن أسحب ترشيحي». ولفت رشوان إلى «إنني في النهاية مشفق على نفسي وعلى كل أبناء مهنتي الكرام مما أوصلنا إليه البعض من اختيار مر على المستوى السياسي، ما بين العودة لماضٍ أهال عليه الشعب المصري العظيم التراب مرتين في 25 كانون الثاني (يناير) 2011 و30 حزيران (يونيو) 2013، وبين القفز للمجهول من دون رؤية ولا بصيرة في حال مراهقة سياسية ونقابية وانقياد لا قيادة، وكأننا نعيد في نقابتنا العريقة ما حاولنا أن ننساه من مشاهد اضطر بلدنا العظيم أن يعيشها في جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة عام 2012، ودفع بسببها أثماناً غالية حتى اليوم، وهو أيضاً اختيار مُر على المستوى النقابي بين متنافسين على المقعد، اختلفا في الشكل واتفقا في مضمون واحد من الإخفاق التام في خبرتهما النقابية السابقة في أداء المهمات الصعبة لمن يتولى القيادة، وظل الأداء التنفيذي الرتيب في الموقع الثاني أو الثالث هو المسيطر، وليس المبادرة والقدرة على الاقتحام المحسوب والهيبة وبناء الجسور التي يتطلبها مقعد المسؤول الأول».