نيالا (دارفور) - أ ف ب - في «المعسكر الانتقالي» في نيالا، عاصمة جنوب دارفور، ينتظر صبية ونساء حوامل ورجال وشيوخ العودة الى ديارهم، على أن يكون هؤلاء أول النازحين الذين يعودون الى قراهم بمساعدة الأممالمتحدة. وأدى النزاع في دارفور منذ اندلاعه قبل أكثر من سبع سنوات الى نزوح 2,7 مليون شخص اضطروا للإقامة في مخيمات حيث يعيشون على المساعدات الإنسانية الدولية. ونجح عدد محدود للغاية من النازحين الذين فروا من ديارهم بسبب العنف في العودة الى قراهم من دون مساعدة وكالات الأممالمتحدة. واثر أعمال عنف دامية وقعت داخل معسكر كالما الضخم الذي يؤوي 80 ألف شخص في ضاحية نيالا، أكبر مدن دارفور، ذهبت مجموعة صغيرة من النازحين الى مكاتب الأممالمتحدة حيث طلبوا المساعدة للعودة الى قراهم. وتقول اشا محمد، وهي امرأة شابة كانت تغسل ملابس رضيعها في آنية بلاستيكية عند مداخل واحد من ثلاثة «معسكرات انتقالية» في نيالا «إنني أعيش في كالما منذ ست سنوات، ولكن بسبب أعمال العنف الأخيرة أريد العودة الى قريتي، أريد أن يتمكن طفلي الذي بلغ الآن شهره السادس من رؤية أجداده». ويؤكد ابابكر بخيت «أن بعض أفراد عائلتي عادوا الى قريتنا لاستكشاف الأمر وقالوا إن الوضع هناك أكثر أماناً من كالما ونصحونا بالعودة». وأمام منزل مشيد من الطوب اللبن يستخدم كمعسكر انتقالي، يضيف الرجل: «إنني أنتظر العودة بفارغ الصبر». وتعد مسألة العودة موضوعاً حساساً في دارفور حيث يرى المتمردون في معسكرات النازحين شواهد على استمرار النزاع. ويعتقد المتمردون أن العودة مرادف للاستسلام. ويتردد بعض العاملين في مجال الإغاثة الإنسانية في مساندة عودة النازحين لأنهم يعتقدون أن الحكومة تسعى لتفكيك المعسكرات وإرغام الناس على العودة بالقوة. وصرح منسق الأممالمتحدة للمساعدات الإنسانية في السودان جورج شاربنتييه أن «هذه هي المرة الأولى التي نساند فيها عملية عودة طوعية لنازحين. ولهذا فالناس تنتظر في هذا المعسكر منذ شهرين». ويتابع: «كان لزاماً علينا أن نتحقق من رغبتهم في العودة وتنظيم زيارات لأماكن إقامات بعضهم الأصلية للتأكد من أن الوضع فيها يسمح بالعودة». وستتلقى هذه الدفعة الأولى من النازحين العائدين مساعدة لتغطية مصروفات الانتقال ومعونات غذائية تكفي لثلاثة أشهر ومستلزمات زراعية لتسهيل إعادة استيعابهم في قراهم. وأدى النزاع في دارفور الى تغير في طبيعة هذه المنطقة شبه الصحراوية التي يقطنها ثمانية ملايين سوداني إذ تسارعت معدات تحولها الى منطقة حضرية. وأصبحت مخيمات النازحين بأغطيتها المرسوم عليها شعار الأممالمتحدة أشبه بضواح من الأكواخ المشيدة من الطوب اللبن. ويعرف مسؤولو الحكومة السودانية والأممالمتحدة أن نسبة كبيرة من النازحين لن تعود أبداً الى ديارها إذ انها اعتادت بسبب النزاع على حياة الحضر. وبالتالي فان التحدي الذي يواجههم هو القطع التدريجي للمساعدات الإنسانية. ويقول شاربنتييه: «انه ليس وضع صحي أن يعيش هذا العدد الكبير من النازحين في حالة اعتماد كامل لفترة طويلة على المساعدات في الحصول على المياه والخدمات الصحية والتعليم والغذاء». ويتابع: «إن العديد من النازحين الشباب كبروا في هذه المخيمات وبالتالي فان هناك خطراً يتمثل في خلق ناس اعتادوا الاعتماد» على المساعدات الإنسانية.