طفت على السطح في الأيام الأخيرة ملامح أزمة بين السلطة الفلسطينية، وكل من قطروتركيا على خلفية دعم الدولتين لحركة «حماس» التي تدير قطاع غزة. جاءت هذه الأزمة بعد إعلان السفير القطري، رئيس لجنة إعادة إعمار غزة، محمد العمادي اتصالات يجريها مع إسرائيل بهدف حل مشكلات قطاع غزة، بما في ذلك اقتراحه على الجانب الإسرائيلي إقامة مطار وميناء في القطاع، وإعلانه توفير مبلغ 100 مليون دولار لإقامة سلسلة مشاريع في غزة، موجهاً انتقادات للسلطة التي قال إنها لا تبدي تعاوناً لحل مشكلة الكهرباء في القطاع. وتزامن هذا التطور مع الإعلان في تركيا عن استضافة مؤتمر شعبي لفلسطينيي الشتات يشرف عليه ناشطون من «حماس»، من دون تنسيق مع منظمة التحرير التي عادة ما تتولى مثل هذه الأنشطة. ودأبت القيادة الفلسطينية على تجنب توجيه انتقادات مباشرة إلى كل من قطروتركيا على خلفية دعمهما «حماس» في إدارة قطاع غزة المنفصل عن السلطة الفلسطينية، لكنها خرجت أخيراً عن هذا التقليد، وأصدرت بياناً باسم حركة «فتح» التي يتزعمها الرئيس محمود عباس، حملت فيه بشدة على الدولتين. وجاء البيان الحاد اللهجة عقب الانتقاد الذي وجهه السفير العمادي، في مقابلة مع الموقع الإخباري الإسرائيلي «واللا»، إلى السلطة الفلسطينية، قائلاً إنها ترفض التعاون من أجل حل مشكلة الكهرباء في القطاع. وأضاف أنه اقترح على الإسرائيليين إنشاء ميناء ومطار في قطاع غزة، واتخاذ الإجراءات اللازمة لحل أزمة الطاقة المستفحلة هناك. وقال إن حكومة بلاده رصدت مبلغ مئة مليون دولار لحل مشكلة الكهرباء وبناء مستشفى في رفح وتأهيل الطرق ومشاريع أخرى. وأثارت تصريحات العمادي غضباً واسعاً في السلطة، لكنها آثرت في هذه المرحلة إصدار بيان باسم «فتح» ضد ما وصفته بتدخل قطروتركيا في الشؤون الفلسطينية. وقالت «فتح» في بيانها: «نستغرب من سلوك بعض الأطراف الإقليمية التي تجاوزت من خلالها عن سابق إصرار السلطة الفلسطينية، بما يعزز سلطة الانقلاب في قطاع غزة على حساب الشرعية». وأضافت: «نستغرب ما جاء على لسان العمادي لموقع (واللا) الإسرائيلي، إذ وجه من خلال هذا المنبر اتهامات للسلطة الوطنية بعدم التعاون في حل أزمة الكهرباء في قطاع غزة»، واصفة هذه الاتهامات بأنها «افتراءات» تشكك بالتزام السلطة مسؤولياتها حيال شعبنا في قطاع غزة». واتهم البيان قطر بالقيام بحملة لتبرير استمرار الانقسام. ووجهت «فتح» أيضاً انتقادات إلى تركيا على دورها في دعم «حماس» على نحو يكرس الانقسام، وقالت إن آخر هذا الدعم تمثل في استضافة مؤتمر شعبي لفلسطينيي الشتات في اسطنبول أواخر الشهر المقبل من دون تنسيق مع منظمة التحرير الفلسطينية، ما يعني «مد النهج الانقسامي إلى الشتات»، وخلق «كيانات سياسية موازية» و «بديلة» لمنظمة التحرير. وقالت «فتح» إنها «لن تسمح بتجاوز ممثلها الشرعي والوحيد والالتفاف على السلطة الشرعية الفلسطينية تحت أي ذريعة». وتجنب الرئيس محمود عباس حتى وقت قريب توجيه انتقادات مباشرة لتركياوقطر على رغم «امتعاضه» الشديد مما يصفه في اللقاءات الداخلية بتدخل الدولتين المباشر في الشؤون الفلسطينية. وأوقفت قطر منذ سنوات غالبية دعمها للسلطة وحولته على قطاع غزة على شكل مشاريع بنية تحتية وخدمات، الأمر الذي قوبل بعدم رضى في السلطة الفلسطينية. وقال مقربون من الرئيس عباس إن هذا التدخل وصل إلى درجة يصعب السكوت عنها. وأوضح مسؤول كبير في «فتح»: «نرفض التدخل في شؤون الدول الأخرى، لكننا نتوقع من تلك الدول عدم التدخل في شؤوننا»، مضيفاً: «تركياوقطر دولتان شقيقتان نحترمهما ونحترم دورهما الإقليمي، لكننا نتوقع منهما مساعدة الفلسطينيين على تجاوز الانقسام وليس تكريسه».