تعد المبادرة اليمنية طريقاً لإيجاد حل عملي للانقلاب الذي قامت به حركة حماس في قطاع غزة خلال شهر يونيو من العام الماضي 2007م. كان وفدان احدهما من منظمة التحرير الفلسطينية والآخر من حركة حماس وصلا إلى صنعاء لاجراء مباحثات حول المبادرة اليمنية، ولوحظ منذ البداية أن حركة فتح تشترط عودة قطاع غزة إلى مظلة سيادة السلطة الوطنية الفلسطينية قبل البدء في الحوار والمباحثات، وحملت حركة حماس الرئيس الفلسطيني محمود عباس "ابو مازن" المسؤولية كاملة في فشل المبادرة اليمنية. من جانب آخر أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس "ابو مازن" في بيان أصدره يذهب فيه إلى اعلان قبول منظمة التحرير الفلسطينية المبادرة اليمنية من دون تحفظات أو قيد أو شرط ينسف هذه المبادرة من أساسها، وأعلن عن استعداد منظمة التحرير الفلسطينية بدء الحوار على هذا الأساس، غير أنه اضاف في البيان أن وفد حماس في أثناء وجوده في صنعاء ولقائه المسؤولين اليمنيين لم يقبل الصيغة التفاوضية وقدم تحفظات وشروط ينسف التفاوض من أساسه، وأعلن البيان بأن وفد منظمة التحرير الفلسطينية سوف يعود إلى أرض الوطن فلسطين مع الاستعداد للرجوع إلى اليمن عندما تتخذ قيادة حركة حماس موقفاً بقبول المبادرة اليمنية كما هي ومن دون أي تحفظ عليها. أشار المتحدث باسم حماس سامي ابوزهري إلى تصريحات الرئاسة الفلسطينية التي جاءت في البيان وذهبت إلى فشل المبادرة اليمنية لا تتفق مع ما يجري في صنعاء التي تؤكد موافقة حركة حماس على المبادرة، وقال سامي ابوزهري اعلان الرئاسة الفلسطينية فشل المبادرة اليمنية يعني عدم جدية الرئيس محمود عباس "ابو مازن" في الدخول بأي حوار مع حركة حماس وتهربه من كل الالتزامات التي تفرضها المبادرة. وأضاف سامي أبوزهري إذا فشلت المبادرة اليمنية فإن مسؤولية ذلك تقع على الرئيس الفلسطيني محمود عباس "ابو مازن" الذي يريد أن يضع شروطاً مسبقة على بدء التفاوض بين منظمة التحرير الفلسطينية وحركة حماس. هذا الفشل أياً كانت أسبابه يلغي الحوار تماماً بين السلطة الوطنية الفلسطينية وحركة حماس وبالتالي يتعذر الوصول إلى انهاء الانقسام وعودة التوافق الوطني الفلسطيني ويقضي على البحث عن إيجاد صيغة جديدة لاستعادة حكومة الوحدة الوطنية. هذا الفشل في اليمن ليس بالظاهرة الجديدة فلقد قامت عدة أطراف عربية بالتدخل من أجل تسوية الصراع الفلسطيني الفلسطيني وكلها فشلت لانعدام الثقة بين الطرفين الفلسطينيين المتصارعين على السلطة والحكم وذلك بسبب غياب الرؤية الشاملة للقضية الفلسطينية وهذا يستدعي تحديد الرؤية في منظمة التحرير الفلسطينية التي تستطيع ضم حركة حماس اليها لتقوم على هذه القواعد حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية. إن فشل المباحثات بين منظمة التحرير الفلسطينية وحركة حماس تصب في خدمة إسرائيل التي تواصل ضرب حركة حماس داخل قطاع غزة بحجة أنها ترسل إليها صواريخ تضرب جنوبي إسرائيل، وقال المستشار السياسي لوزارة الدفاع الإسرائيلية عاموس جلعاد إن تل أبيب ستواصل ضرب قطاع غزة حتى تقضي تماماً على القدرة القتالية لحركة حماس. الموقف الإسرائيلي يعبر بدقة عن دوره في تفعيل المحادثات الفلسطينية الفلسطينية قبل أن تبدأ، وأعلن الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة في بيان رسمي أن حركة حماس رفضت المبادرة اليمنية للمصالحة الفلسطينية، وفي قطاع غزة أكدت حركة حماس أنها وافقت على المبادرة اليمنية. يدعم هذا الموقف الإسرائيلي المعادي للصلح بين منظمة التحرير الفلسطينية وحركة حماس الولاياتالمتحدةالامريكية، وجاء هذا الاتهام صريحاً من وزير الإعلام اللبناني غازي العريضي بقوله إن واشنطون تحرض تل أبيب على فلسطين وتقف بكل قوتها ضد أي قرار يصدر من مجلس الامن يدين إسرائيل وذلك بالإسراف في استخدام الاعتراض "الفيتو". وأعرب وزير الإعلام اللبناني غازي العريضي عن استنكاره المجازر الإسرائيلية والدعم الامريكي لها، وأردف قائلاً إن الإسرائيليين لا يريدون اتفاقاً فلسطينيا وإنما يريدون أن تصبح إسرائيل دولة يهودية لاحق للفلسطينيين على أراضيها وامريكا تؤيد ذلك، وتعد كل ما تقوم به إسرائيل من موبقات قتالية دفاعاً عن النفس. قال وزير الإعلام اللبناني غازي العريضي مخاطباً الإسرائيليين والأمريكيين إذا كانت الأعمال القتالية التي تقومون بها لمحاربة الإرهاب فالسياسة المتبعة اليوم ستزيد من العنف والتوتر والكفاح؛ لأنه لا يستطيع أحد أن يمنع الشعب الفلسطيني عن الدفاع عن حقوقه ونفسه، وإذا كانت واشنطون وتل أبيب تتصوران أن في قدرتهما مواجهة هذه الحالات، فالسياسة المتبعة سوف تولد حالات أخرى أخطر وأكثر تشدداً. بالأمس كانت فتح العدو اللدود لإسرائيل ثم عقدت اتفاقاً معها ولكن تل أبيب اسقطت كل الاتفاقيات، وأتت حماس، وسيأتي بعد حركة حماس من هو أشد قدرة على قتال إسرائيل بعد أن تمتلك السلاح الأكثر تطوراً. وعلى الرغم من المعوقات التي تحول دون التوقيع على المفاهمة بين السلطة الوطنية الفلسطينية وبين حركة حماس إلا أن الدولة المضيفة استطاعت أن تضغط عليهما وتم التوقيع على وثيقة صنعاء التي تنظر اليها السلطة الوطنية الفلسطينية على أنها اتفاق واجب النفاذ فوراً بينما تنظر اليها حركة حماس على أنها مجرد نية للصلح وهذا ما يستدعي فتح باب الحوار بين حركة حماس والسلطة الوطنية الفلسطينية.