تعهد الرئيس عبدالفتاح السيسي أمس «القضاء على الإرهاب من بلاده»، و «عدم السماح بتوجهات دينية داخل الجيش المصري»، مشدداً على أن ولاء الجيش «لمصر وشعبها فقط، وليس لرئيس أو توجهات دينية وطائفية». ونبه إلى أن بلاده تواجه «خطة كبيرة ومُحكمة هدفها تدمير الدولة»، وقال: «نخوض حرباً حقيقية للحفاظ على الدولة حتى لا تكون مثل دول المنطقة التي مزقها الإرهاب». وكان السيسي حضر أمس ندوة تثقيفية حملت شعار «مجابهة الإرهاب – إرادة أمة»، أقامتها المؤسسة العسكرية، وحضرها كبار قادة الجيش والشرطة وعدد من أركان الدولة، وعُرض في بدايتها فيلم تسجيلي حمل عنوان «حرب وجود»، ركز على الأزمات التي تعانيها دول في المنطقة، وحجم الدمار الذي أحدثه الإرهاب في سورية والعراق، والجرائم التي ارتكبها تنظيم «داعش» هناك. وأكد السيسي أن «أخبث وأدهى وسيلة لتدمير الدول وليس الأنظمة هي الإرهاب»، وتساءل: «من يستطيع أن يدمر سورية هكذا؟... من يستطيع أن يدمر ليبيا هكذا؟ من يستطيع أن يضرب العراق واليمن هكذا؟، الإرهاب فقط يستطيع... يستطيع أن يوجه ضربات لعام واثنين وثلاثة وأربعة». ووجه حديثه إلى قوات الجيش قائلاً: «علمتم حجم عِظم وشرف مهمتكم... علمتم ومعكم الشرطة حجم قدسية مهمتكم... أنتم لا تنتصرون على عدو، أنتم تحمون شعباً... تحمون دولة من الضياع... تحمون أمة من التشرذم... تحمون ديناً أو فكرة الدين». وانتقد السيسي عدم التعاون الدولي مع مصر في مواجهة الإرهاب، قائلاً: «مصر تخوض منذ ثلاثة أعوام ونصف العام هذه الحرب من دون أن ينظر إليها أحد، لأننا نخوض حربين: حرب لحماية بلدنا بالتزامن مع حرب أخرى لبناء البلد... نواجه ونعمر، لأننا لا يمكننا تأجيل البناء ونتفرغ للحرب ضد الإرهاب». وألقى الداعية اليمني الحبيب علي الجفري كلمة، توجه في ختامها بالدعاء ب «أنه إذا تساقطت من حولنا جيوشنا، فإن أملنا في حفظك لهذا الجيش (المصري)». وأشار إلى «انقسام جيوش في عدد من بلدان المنطقة وفق الولاءات، ما أدى إلى تمزيق تلك الدول»، مشيداً بفلسفة الجيش المصري «فهو ليس عدوانياً يقيم تطويره على أساس الاعتداء على الآخرين وإنما قام على أساسه بناء بلده والذود عنها، هو مسالم لا يعتدي، لكنه يهز العالم إذا اقترب أحد من أمر بلاده أو سيادتها»، ليتلقف بعدها السيسي الكلمة، مؤكداً أن الجيش والشرطة المصريين «ليس لديهما ولاء مذهبي أو طائفي أو سياسي أو حتى ولاء للرئيس... الولاء لمصر وشعبها فقط». وأشار السيسي إلى أنه خلال عهد جماعة «الإخوان المسلمين»، من دون أن يسمها، «طُلب السماح لعناصرها بدخول الجيش، لكنني رفضت بشدة دخول أي عناصر لها توجهات دينية إلى الجيش المصري، وهذا ما حمى مصر الآن». وأضاف: «تصوروا لو كان سمح بأناس لها توجهات، سيقفون مع توجهاتهم... من له توجه عليه الابتعاد عن الجيش والشرطة، وعن مؤسسات الدولة، لأن من لديه توجهات داخل مؤسسات الدولة سيميل إلى توجهاته، ولن يرى المصلحة الوطنية وإنما سينحاز إلى مصلحة الفئة التي ينتمي إليها، وهذا أخطر شيء... كنت حريصاً جداً على عدم استدعاء المواجهة مع أحد حتى يتم الحفاظ على ثبات مصر، إما أن يكون مع بلده فقط أو يبتعد». وتعهد «عدم السماح أبداً بوجود توجهات دينية داخل الجيش... ومن سيظهر عليه هنمشيه (سيتم فصله)». وأضاف: «هذه سياسة نعتمدها منذ أكثر من ثلاثين عاماً، وهذا السبب الحقيقي الذي جعل هذا الجيش، جيش مصر، يدافع عن البلد والمصريين، وليس جيش أحد»، مشيراً إلى أنه يقول للدول التي تطلب تدريب أبنائها داخل الجيش المصري، «أننا ندرب الجيش الوطني فقط، توجهات وطنية لا مذهبية ولا عرقية ولا طائفية». وبعدما ألقى الرئيس السابق لمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عبدالمنعم سعيد كلمة ركزت على استخدامات قوى الإرهاب لوسائل الإعلام والتواصل، تحدث السيسي مجدداً في مداخلة منبهاً إلى أن بلاده «تواجه ليس فقط العمليات الإرهابية، وإنما خطة محكمة كبيرة الهدف منها تدمير هذه الدولة». ولفت إلى أن «التحديات التي تواجه البلد ضخمة جداً، وتداعيات الثورة خلال السنوات الست الماضية كبيرة جداً، المؤسسات تأثرت بهذه الحالة، ما يستدعي التوحد لأن التحديات في مصر أكبر من الرئيس والحكومة، لكنها ليست أكبر من الشعب المصري». وأضاف: «نحن في حرب حقيقية للحفاظ على هذه الدولة حتى لا تكون مثل الدول التي تعاني في المنطقة». وأشار إلى أنه «راهن على وعي المصريين، وكان حائط الصد الحقيقي أمام محاولات التشكيك... المصريون قادرون على الفرز، وهذا هو السبب الذي جعلهم يتحملون إجراءات اقتصادية في منتهى الصعوبة، لم يتحملوا من أجل أحد، وإنما تحملوها بوعيهم كون هذا المسار ليس لدينا خيار غيره للخروج من الأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر». وتحدث أحد ضباط الجيش الذي أصيب في أعنف مواجهات جرت مع عناصر «داعش» شمال سيناء، وروى تفاصيل المواجهات التي جرت في تموز (يوليو) عام 2015، وعرفت باسم «معركة كمائن الرفاعي» في مدينة الشيخ زويد، كما تحدث السيسي مشيراً إلى أنه في هذا اليوم «كانت معركة فاصلة، كان الهدف منها إعلان ولاية سيناء، والهجوم جرى على جميع الكمائن في وقت واحد». وأشار إلى أن حجم الخسائر والقتلى بين صفوف الإرهابيين والتدمير الذي صاحب تلك المعركة «عكست بوضوح محورية وأهمية تلك المعركة»، قبل أن يتعهد «الاستمرار حتى يتم الإنهاء على الإرهاب تماماً».