أسواق تبيع الموت من دون مراعاة للشعور، ومن دون فوارق زمنية وفواصل، نجد منذ أيام قليلة مضت سيناريو يتكرر بكل أسف وبكل خجل بشكل مستمر، بل بات من المستحيل أن نستريح من سماع بعض التحذيرات حول بعض المنتجات الخطرة القاتلة التي تفتك بصحة الإنسان، التي تُباع وتُشترى على مرأى من الجهات المختصة التي لا يسعها في كثير من الأحيان سوى الصمت. السؤال المهم الذي نرغب في طرحه للجهات ذات الاختصاص الدقيق في حماية المستهلك، ليس من أجل الأسعار الباهظة الارتفاع هذه المرة، ولكن لأجل عمر الإنسان بأكمله، السؤال هو: كيف نجد سلعاً استهلاكية مهمة في حياة الإنسان بشكل يومي داخل المتاجر وهي تحمل في ثناياها الموت للمستهلك من دون رقابة من تلك الجهات؟ كيف تمت الموافقة على تداولها من دون فحص مخبري وتحاليل غذائية دقيقة تقوم بها في العادة الجهات الموكلة لحماية الغذاء التجاري على أرفف المحال المنتشرة في أنحاء بلادنا؟ يبقى ذلك السؤال في حيرة بين حماية المستهلك من جهه وبين هيئة المواصفات والمقاييس من جهه ثانية، تلك المقاييس التي نجد شعارها دوماً على السلع التجارية والمهمة كافة وهي «التموين الغذائي»، ذلك الشعار الذي يبعث الطمأنينة، ولكن بكل أسى سرعان ما تتحول تلك الثقة والطمأنينة إلى تخوف وشكوك جراء ما يتم إثباته من فحوصات للكثير من المنتجات الفعالة في يوميات الإنسان والمستهلك، الذي لا حول ولا قوة له، الذي لا يملك سوى الاستخدام فقط بعد أن وثق ووضع ثقته الكاملة في تلك الإدارات الرسمية، ووضع ثقته أيضاً في قبضة الشركات والمؤسسات المنتجة والجريئة بلا رقابة، أو إن صح التعبير التي امتلكت الأسواق في ظل غفلة بعض المسؤولين الذين حملوا الأمانة ولم يعطوها حقها في رقابة كل صغيرة وكبيرة تتداولها السوق. من اللافت للانتباه والمخزي في ذلك الموضوع البالغ الأهمية أن يثبت بما لا يدع للشك مجالاً أن تكون بعض الأغذية المحظورة والمميتة من الانتاج المحلي داخل السوق المحلية التي تعمل بالمملكة، ولعل ما تناقله الناس أخيراً حول بعض منتجات الحليب والسكر المكرر خير دليل دامغ على غفلة بعض الجهات المسؤولة، مع الأسف، التي وفرت لها حكومتنا الرشيدة كل الإمكانات وسخرت لها كامل السبل لمصلحة المواطن والمقيم، ومن أجل حمايته على الدوام من الابتزاز والغش التجاري والصحي وهو الأهم، ومع ذلك نجد السوق المحلية تزخر بالملوثات والسموم القاتلة كافة من دون رقيب... كلنا أمل ورجاء أن تتابع الجهات العليا تلك الأحوال المقلقة، وذلك السيناريو الذي سئم الجميع تكراره وإعادته بصورة مزعجة ولافته للانتباه، كلنا أمل أن تتم الرقابة على أكمل وجه وأحسن حال لنحقق جميعاً أهدافنا المرجوة التي تطمح اليها بلادنا الغالية. عبدالله مكني - الباحة [email protected] مناهج الهدم التعليم هو حجر الزاوية لتقدم أي مجتمع، ولذلك تحرص كل الأمم على تجويد التعليم، ومن التجويد مناهج التربية، إذ تعطيها أشد الاهتمام، والوزارة لا تمل من ترديد تحديث المناهج وضرورة مواكبة العصر، لكن كتاب الفقه والسلوك للمرحلة الأولية لا يصلح أن يُدرس في العصور الوسطى، ناهيك عن القرن ال «21»، كيف تتجاهل الوزارة عظماء الأمة الإسلامية أمثال ابن رشد وابن خلدون وتأتي بيوسف الأحمد صاحب الفتوى الشهيرة لا فض فوه «هدم الحرم». إنها نموذج فذ لاختلاط الملهاة بالمأساة، وهو في النهاية ليس مثالاً يُحتذى به، أو نموذج يقتدي به، إلا إذا كنا نسعى إلى إعلاء قيم التطرف والهدم، الدرس ببساطة يؤكد ما ذكرناه وكررناه دائماً، وهو أن الجهل يتقدم بخوف العقلاء، والردة الحضارية تقوى بقدر تراجع المتحضرين، من أين يبدأ مثلث الفزع «الاندفاع - التطرف - الإرهاب». لاشك عندي في أن نقطة البدء كامنة في مناهجنا التعليمية التي يتلقاها النشء، وأننا بالتالي أصحاب الفضل، «إن سمي ذلك فضل»، في غرس جذور التطرف في نفوسهم، وهذا نموذج حي على ذلك. إن الإيمان بالعقل مرشد للعمل، نعم فسوف يستقر في ذهن النشء أن مدخلهم للحاق بالحضارة ومواجهة تحديات العصر يبدأ بالنصيحة وينتهي بالبركة، أما العلم والعمل والتدريب فتأتي جميعاً في النهاية أو لا تأتي، فلا ضرر ولا ضرار. تطوير المناهج يتم من خلال إبراز دين الإسلام، دين التسامح، دين العلم ودين الحوار، دين العقل وليس دين الجمود والنقل، دين المحبة وليس دين التطرف، وأن على الوزارة أن تسند تطوير المناهج إلى التربويين المتخصصين، ووزارة التربية لاشك أن لديها تربويين فضلاء أهل علم وفضل. خالد الحميد – الرياض [email protected]