«عواصف رفع الجدران» التي تجتاح الولاياتالمتحدة وترخي بثقلها جراء قرارات الرئيس دونالد ترامب الأخيرة، يخشى متابعون أن تنعكس سلباً على حظوظ لوس أنجليس لتنظيم دورة الألعاب الأولمبية الصيفية عام 2024، والمقرر أن تُحسم في 13 أيلول (سبتمبر) المقبل. هذه التطورات يعتبرها الفرنسيون إيجابية كون عاصمتهم مرشّحة بدورها لاستضافة الألعاب، ويجدون في سلوك الرئيس الأميركي أفضل لوبي يعمل في مصلحة «مدينة الأنوار». خلال الصيف الماضي، أعلن عمدة لوس أنجليس الديموقراطي إيريك غارسيتي أن فوز ترامب بالرئاسة قد يُحدث مشكلات للمدينة. وحين حصد البليونير الانتخابات مقصياً منافسته الديموقراطية هيلاري كلينتون، سارعت لجنة الترشّح إلى إيفاد العداءة الأولمبية أليسون فيليكس إلى الدوحة لتتحدّث أمام «كونغرس» اللجان الأولمبية الوطنية (أكنو) حاملة رسالة معبّرة مفادها أن «التنوّع في أميركا هو قوتنا الكبرى». غير أن قرارات ترامب بعد توليه سدة الرئاسة تحرج تماماً اللجنة الأولمبية الدولية، وإن كان «أركان لوزان» يتجنّبون الفخاخ السياسية والتصويب على قرارات سيادية، فقد اعتبر العضو الدولي ريتشارد بيتركن، رئيس اللجنة الأولمبية في سانت لوسي، إجراءات ترامب «الحمائية» مناقضة للشرعة الأولمبية ومُثلها، لا سيما أن لوس أنجليس لطالما كانت ملاذاً وملجأ لمضطهدين وجدوا فيها فرص إنقاذ مثالية. هكذا، قد تكلّف سياسة ترامب لوس أنجليس غالياً، خصوصاً إذا تمادى في تصعيده، فيوم التصويت الموعود في العاصمة البيروفية ليما، قد تخسر المدينة الأميركية أصوات ممثلي البلدان العربية، باعتبار أن القرار الرئاسي يمنع رعايا ستة بلدان منها من دخول أراضي الولاياتالمتحدة، فضلاً عن تعاضد بلدان في أميركا اللاتينية مع «الشقيقة» المكسيك المهددة ب «جدار فاصل» ستشيّده واشنطن. في الحسابات الأولية، ستخسر لوس أنجليس خمسة أصوات ثمينة. لذا سارع العمدة غارسيتي إلى جس نبض اللجنة الدولية، موحياً أن المدينة الأميركية جاهزة للتقدّم بالترشّح إلى تنظيم ألعاب عام 2028 أيضاً، مؤيّداً اقتراح قد يطرحه رئيس الأولمبية الدولية الألماني توماس باخ، يسمح بالتصويت لاستضافة دورتين تباعاً. وكأن غارسيتي مدرك سلفاً أن الرياح ستجري في أيلول المقبل بعكس ما تشتهي سفن لوس أنجليس. وفي كواليس لوزان ترقّب وانتظار لمعرفة مدى مفاعيل القرارات الأميركية وتأثيراتها في الأشهر الثلاثة المقبلة، علماً أن المُثل الديموقراطية لم تُحترم مرات عدة في إطار منح الاستضافة الأولمبية (بكين 2008 وسوتشي 2014). كما أن ترامب قد يهدّئ اللعبة حتى أيلول. غير أن عوامل رئاسية «معاكسة» قد ترخي بثقلها سلباً مجدداً، إذ تعزى خسارة باريس في عام 2005 استضافة ألعاب عام 2012 إلى موقف الرئيس السابق جاك شيراك من الاستفتاء على الدستور الأوروبي ورأيه السلبي بالمطبخ الفنلندي، فطارت أصوات من معقله إلى «الجارة اللدودة» لندن. وعموماً، العاصمة الفرنسية ليست في منأى حالياً من هبوب عواطف تطيح بآمالها وأحلامها، لا سيما إذا فازت رئيسة حزب الجبهة الوطنية (اليمين المتطرّف) مارين لوبن بالانتخابات الرئاسية المقبلة، وفق ما أورده شين أنغلز في صحيفة «ذي غارديان»، خصوصاً أن التفوّق الاقتصادي بين البلدين والمدينتين يصب في مصلحة الأميركيين.