كشفت المبادرة الوطنية للوقاية من السلوك العدواني داخل المنشآت الصحية (مسالم)، عن تعرض 67.4 في المئة من العاملين الصحيين إلى اعتداءات، 24 في المئة منها ضد أطباء، و76 في حق ممرضين. وذكرت مبادرة «مسالم» بتغريدة في حسابها على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، أن الإساءات تنوعت بين «لفظية» بنسبة 81 في المئة، و«جسدية» ب10 في المئة، ومعاً تسعة في المئة، وتطوّر الأمر في بعض الاعتداءات إلى استعمال السلاح والشروع في القتل. وتفاوتت مبرراتها من جانب المعتدين بين «الإهمال» و«المعاملة السيئة»، وحتى «الغيرة» وغيرها. وسُجلت أعلى نسبة سلوك عدواني في المنشآت الصحية من فئة الزوار والأقارب ب49 في المئة، تليها المرضى 41 في المئة، والعاملين 10 في المئة. وشهدت المنشآت الصحية السعودية سلسلة حوادث خلال السنوات القليلة الماضية، وتواصل المشهد مع مطلع العام 2017، وشهد مركز الجنينة الصحي شمال محافظة بيشة محاولة اعتداء بحسب مقطع مصور تم تداوله بشكل واسع في مواقع التواصل الاجتماعي. وأظهر المقطع تهجم شبان على المركز ما نتج منه «فوضى عارمة»، ومحاولة أحدهم كسر أحد الأبواب للوصول إلى طبيب عربي إثر خلافه مع مراجع من أقارب المهاجمين، بحسب ما تداول ناشطون على مواقع التواصل، ثم ظهرت الشرطة في المكان وسط تجمهرٍ من المتخاصمين. ومن بين الاعتداءات، أطلق رجل النار في أيار (مايو) الماضي على طبيب نساء وولادة (عربي) قام بتوليد زوجته في مدينة الملك فهد الطبية بالرياض. وأكد الناطق الرسمي لشرطة منطقة الرياض العقيد فواز الميمان إيقاف المتورط في القضية. وتفاعل مستخدمو «تويتر» مع الحدث بإطلاق وسم «إطلاق نار على طبيب نساء وولادة»، استهجنوا فيه تصرف الرجل «الذي أقدم على فعلته بداعي الغيرة»، ودعا بعضهم إلى تعيين طبيبات وممرضات بدل الذكور في المستشفيات والعيادات النسائية، لتجنب مثل هذه الموقف. وتفاعل وزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة مع الوسم وقتها، وأطلق تغريدة جاء فيها: «اتصلت اليوم بالطبيب المصاب. وحاله مستقرة. سلامة الأطباء أولوية لنا. فسلامتهم مهمة لسلامة المجتمع». وقبل حوالى سنة، تعرض طبيب في طوارئ مستشفى الصحة النفسية في حفر الباطن إلى طعنات عدة سددها مريض نفسي بسكين، فيما كان يراجع قسم الطوارئ، قبل أن يلوذ الأخير بالفرار. وقال الناطق باسم المديرية العامة للشؤون الصحية في حفر الباطن عبدالعزيز العنزي إن المريض حضر إلى الطبيب بصفته رجل أمن وأثناء الحديث وجه طعنات عدة إليه. وتقدمت إدارة المستشفى ببلاغ رسمي لدى الجهات الأمنية ضد الجاني. وأوقفت شرطة منطقة حائل في العام 2015 مواطناً في العقد الثاني، بعد اعتداءه على طبيب مناوب في مركز الرعاية الصحية الأولية في مدينة تربة (200 كيلومتر شمال شرقي مدينة حائل)، بواسطة آلة حادة تسببت بإصابته بكسر مضاعف في عضده اليمنى، ما استدعى تحويله إلى مستشفى الملك خالد العام لإجراء جراحة له وتنويمه. وقال المُعتدى عليه الدكتور عبدالغني سعيد (40 عاماً) إنه أثناء دخوله العيادة قادماً من دورة مياه مجاورة فوجئ بوجود شابين في العقد الثاني داخل العيادة، أحدهما كان غاضباً جداً ويردد بصوت عالٍ: «لماذا تتأخر»؟ لافتاً إلى أنه حاول أن يشرح له أنه كان مضطراً للوضوء لأداء صلاة العشاء، وأنه لم يتأخر عن العيادة لأكثر من دقيقتين، إلا أنه قام بضربه، وحينما حاول الدفاع عن نفسه ومقاومته خرج الجاني من العيادة، وعاد بعد دقائق وفي يده آلة حادة «غليظة». وقال سعيد ل«الحياة»: «حاول ضربي بها على رأسي لكن الله رحمني، وتمكنت بأعجوبة من تحاشي الضربة، لتستقر في عضدي اليمنى بعدها فقدت الوعي». وأكد مصدر طبي في مستشفى الملك خالد العام ل«الحياة» أن المريض وصل إلى قسم الطوارئ في المستشفى، وهو يعاني من نزف في عضده اليمنى، وتبين من الأشعة أنه يعاني من كسر مضاعف فيها، وخضع لجراحة عاجلة ووضعت له الجبيرة (الجبس). لحق ذلك حادثة مماثلة في محافظة الشملي (180 جنوب غربي مدينة حائل)، بعد تعرض طبيب طوارئ (عربي) يعمل في مستشفى المحافظة إلى اعتداء بالضرب والتهديد بالسلاح الأبيض (سكين) من أربعة شبان، ما تسبب في إصابته بكدمات ورضوض في منطقتي الرقبة والوجه. وأوضح أحد العاملين في مستشفى محافظة الشملي (فضل عدم الكشف عن اسمه) ل«الحياة»، أن شاباً في العقد الثاني حضر إلى قسم الطوارئ في المستشفى لتلقي العلاج، وكان يشتكي من صداع وأعراض «أنفلونزا»، إلا أن الطبيب المناوب اعتذر عن عدم الكشف عليه، بحجة أن قسم الطوارئ في المستشفى مخصص لاستقبال الحالات الطارئة والحرجة، وأن عليه مراجعة المركز الصحي الموجود في المدينة المخصص لاستقبال هذه الحالات. ولفت إلى أن المراجع تلفظ على الطبيب بألفاظ نابية قبل أن يخرج من قسم الطوارئ ويعود بعد فترة بسيطة وهو يحمل سلاحاً أبيضاً، وبصحبته ثلاثة شبان آخرين، وهددوا الطبيب وتناوبوا على الاعتداء اللفظي والجسدي عليه، موضحاً أن الطبيب سجل لدى شرطة الشملي بلاغاً ضد المعتدين الذين فروا من الموقع. يُذكر أن وزير الصحة رئيس المجلس الصحي وافق في أيلول (سبتمبر) الماضي، على توصية قدمتها المبادرة الوطنية للوقاية من السلوك العدواني داخل المنشآت الصحية في رفع مستوى الاعتداء على العاملين الصحيين إلى مرتبة «جريمة كبرى».