دعا الموفد الدولي إلى نزاع الصحراء كريستوفر روس الأطراف المعنية إلى اجتماع غير رسمي في مانهاست بضواحي نيويورك يومي الثامن والتاسع من الشهر الجاري. وكشفت المصادر أن الجولة التي تجمع المغرب وجبهة «بوليساريو» كطرفين رئيسيين إضافة الى الجزائر وموريتانيا، ستركز على البحث في آليات جديدة لمعاودة تفعيل المفاوضات. أقربها تشكيل مجموعات عمل للانكباب على درس الملفات الخلافية. وربطت المصادر بين إبداء الأطراف ذات الصلة موافقتها المبدئية على الذهاب إلى جولة ثالثة غير رسمية، وبين نتائج زيارة الموفد الدولي كريستوفر روس الى المنطقة للمرة الرابعة منذ توليه المهمة، خلفاً للوسيط الدولي السابق بيتر فان فالسوم، وقالت إنه جاء الى المنطقة لعرض تصور حول آليات ومسار المفاوضات، وإن كان أبدى مخاوفه من استمرار التوتر الذي يعرقل جهود الأممالمتحدة، ما يعني وفق ذات المصادر انه يرغب في أن تكون الجولة المقبلة مختلفة عما سبقها من محادثات، بخاصة لناحية معاودة بناء الثقة والحؤول دون تدهور الوضع الأمني الذي بات على شفا حفرة من الانهيار. ورجحت المصادر أن تكون المحادثات التي أجراها العاهل المغربي الملك محمد السادس والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون مرتين في أقل من بضعة أسابيع، سيما بعد زيارة الأمين العام للمغرب الشهر الماضي، قد تركت أثراً إيجابياً في قرار العودة الى المفاوضات من منطلقات جديدة تحت شعار «حسن النية ومن دون شروط مسبقة». بيد أن الملك محمد السادس أكد في غضون ذلك التزام بلاده المضي قدماً في المفاوضات، لكن وفق مرجعية الحكم الذاتي الذي لا يرى المغرب بديلاً منه. وحرص العاهل المغربي في أثناء تلك المحادثات على تأكيد أن تنظيم استفتاء بخيارات متعددة «غير قابل للتنفيذ»، وأن تقرير المصير يمكن بلورته في خيارات بديلة عن الاستفتاء تعكس الإرادة الحقيقية للسكان. وأكدت المصادر أن الجولة المرتقبة ستكون الأولى من نوعها التي يغيب عنها رئيس وفد «بوليساريو» السابق الى المفاوضات محفوظ علي بيبا الذي غيّبه الموت اخيراً. فيما اقام أفراد من ذويه جنازة رمزية له في المحافظات الصحراوية الواقعة تحت نفوذ المغرب وطالبوا بمعاودة دفنه هناك. ويرجح أن يعكس اختيار رئيس الوفد المعين جانباً من التوصيات العامة بين دعاة الانفتاح على المغرب والإفادة من الفرصة التاريخية التي تتيحها خطة الحكم الذاتي، وبين التيار المتشدد الذي يهدد بمعاودة حمل السلاح. وسيكون لاختيار الوفدين الجزائري والموريتاني دلالات سياسية، على خلفية التوتر السائد، فيما يرجح أن يشارك المغرب بوفد يضم وزير الخارجية الطيب الفاسي الفهري، ورئيس إدارة المستندات والوثائق محمد ياسين المنصوري. واعترضت جبهة بوليساريو في وقت سابق على إشراك رئيس المجلس الاستشاري الملكي الصحراوي خلي هنا ولد الرشيد الموالي للمغرب. لكنها قبلته، في ضوء دعم الاختيار الحر لأعضاء الوفود. غير أن أهم العقبات التي لا تزال تحول دون تعبيد الطريق أمام بلورة الحل السياسي للنزاع عبر المفاوضات، تكمن في تمسك كل طرف باقتراحه. وكانت الجولة السابقة غير الرسمية الأولى من نوعها لجهة عرض كل طرف لمضمون اقتراحه، فقد دافع المغرب عن خيار الحكم الذاتي الذي قال إنه جاء استجابة لطلب مجلس الأمن، ووصفته القرارات ذات الصلة ب «الصدقية والجدية»، فيما طالبت بوليساريو بتنظيم استفتاء يكون الحكم الذاتي أحد الخيارات فيه إلى جانب الاستقلال أو الانضمام النهائي للمغرب. وعلمت «الحياة» أن تداعيات الخلافات الإقليمية في ملف الصحراء، بخاصة بين الرباطوالجزائر، انسحبت على آليات التعاطي والتحديات الأمنية في منطقة الساحل والصحراء. وقد دعت الولاياتالمتحدة الأميركية وعواصم أوروبية البلدان المغاربية ودول الساحل والصحراء إلى اجتماع أمني مطلع الشهر المقبل في مالطا، غير أن حضور كل من المغرب والجزائر لا يزال يكتنفه صعوبات، ليس أقلها تباين وجهات النظر إزاء الدول التي تنتمي إلى هذه المنطقة قبل التعاطي والتحديات التي تواجهها.