أنهى آلاف النزلاء في السجون السعودية الخميس الماضي ، أداء الاختبارات في مراحل التعليم المختلفة، ومنحت جامعات سعودية شهادات البكالوريوس سجناء وسجينات أكملوا دراستهم خلف القضبان، بينهم نحو 20 محكوماً بالقصاص. وعلى رغم قساوتها، إلا أن تجربة السجن قد تكون بداية حياة جديدة لسجناء، ينطلقون من خلالها لتعلم حرفة أو الحصول على شهادة جامعية، الأمر الذي أتاحته السجون لنزلائها عبر نظام «التعليم عن بعد». وتتيح المديرية العامة للسجون لأكثر من 47 ألفاً من نزلائها فرصة إكمال تعليمهم ورفع مستواهم المعرفي، من خلال التنسيق مع جامعات عدة لقبولهم، وفتح باب الانتساب لهم لمواصلة تعليمهم، كما أنشأت أيضاً مدارس إصلاحية داخل السجون. ورأى نزلاء سجون في إكمال دراستهم فرصة لبدء حياة جديدة تسهّل اندماجهم في المجتمع بعد خروجهم، وبإمكان السجناء مواصلة تعليمهم الجامعي، من خلال الانضمام إلى اختبارات «برنامج التعليم عن بعد المُطور للانتساب»، الذي عقدت في شأنه اتفاقات بين جامعات وسجون سعودية عدة لتأهيل النزلاء بواسطة برامج تعليمية لإلحاقهم بالجامعات. وبحسب بيان إحصائي عن الملتحقين بمدارس «السجون» في العام الدراسي 1431-1432، ضمت المديرية 127 مدرسة تشمل مراحل التعليم كافة، و581 فصلاً، فيما بلغ عدد المعلمين 641. وعلى رغم جهد «السجون» في حض نزلائها على التعلّم، إلا أن هناك من ينقطع منهم ولا يكمل، إذ بلغ عدد المنقطعين في العام 1430 485 نزيلاً، تنوعت أسبابهم، فبعضهم أطلق سراحهم لانقضاء عقوبتهم، فيما استفاد آخرون من العفو، بينما توقف آخرون لأسباب «غير معلومة». وفي 2014، بلغ عدد المتقدمين لأداء الاختبارات 3.643 نزيلاً ونزيلة، بينهم 738 في مرحلة تعليم الكبار (محو الأمية)، و1070 في المتوسطة، فيما بلغ عدد طلبة الثانوية أكثر من 1.500، وقدر عددهم في الجامعات ب842، بينما بلغ عدد الدارسات في التعليم النسوي نحو 260 نزيلة. ويلاحظ ازدياد أعداد الملتحقين بالتعليم الجامعي داخل السجون، إذ أشار آخر إحصاء نقلته وكالة الأنباء السعودية (واس) عن أعداد الملتحقين بالتعليم في السجون العام الماضي، إلى ارتفاع أعداد طلبة التعليم الجامعي إلى 1.186 نزيلاً ونزيلة، وبلغ عدد الدارسين في تعليم الكبار ومحو الأمية 634، والمتوسطة 955، والثانوية 1.558، بينما بلغ عدد الدارسات في تعليم الكبيرات ومحو الأمية 46 نزيلة. ورأى متخصص أن زيادة المستوى التعليمي للسجناء يعد إحدى الوسائل الناجعة في مكافحة الجريمة، إذ كشف أستاذ علم الجريمة الدكتور يوسف الرميح عن وجود علاقة عكسية بين التعليم والجريمة في السجون، مشيراً إلى أن أكثر نزلاء السجون أميون، فيما يندر الجامعيون بينهم، مؤكداً أنه كلما ارتفع التعليم قلّت الجريمة. وكشفت وزارة الداخلية في 2011 عن دراستها لتخفيف محكومية جميع النزلاء الذين ينهون تعليمهم أثناء فترة محكوميتهم داخل السجن، بخفضها بنسبة 15 في المئة من الفترة المتبقية لهم، بما يتناسب مع الفترة والمستوى للنزلاء الدارسين. وشهد شباط (فبراير) الماضي تخريج سبعة سجناء يمثلون الدفعة الأولى من «جامعة الإمام» عبر «التعليم عن بعد» من سجن الخبر، حاز بعضهم شهادة «بكالوريوس إدارة الأعمال»، وتخرج في جامعة الملك فيصل من نزلاء سجن الأحساء خمسة طلاب، من إجمالي 70 طالباً ملتحقين ب«التعليم عن بعد». ووقّعت «جامعة الإمام» وإدارة سجون حائل اتفاقاً يتيح للنزلاء إكمال دراستهم، وأدى أخيراً أكثر من 100 من طلبة سجون حائل من المنتظمين والمنتسبين في «جامعة الإمام» الاختبارات النصفية للفصل الدراسي الأول، بحسب وكالة الأنباء السعودية (واس). وقال مدير العلاقات والإعلام في سجون حائل الرائد نواف العبطان، إن «إدارات السجون جندت طاقاتها لاستقبال النزلاء، وتهيئة القاعات الدراسية، وتوفير الجو المناسب، ليؤدي السجناء اختباراتهم بكل يسر»، مضيفاً أن «شُعب التأهيل والإصلاح في سجون المنطقة تتابع سير الاختبارات النصفية للنزلاء في الجامعات الأخرى». في السياق، خصصت جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل ثلاثة مراكز لطلبة التعلم عن بعد، من أصل 11 مركزاً لنزلاء السجون في كل من الدماموالخبر والقطيف، لأداء اختباراتهم ضمن مشروعها لتعليم نزلاء السجون.