شهدت الأوضاع في السودان تطورات متسارعة. فبعد يوم من عودته من العاصمة الاريترية أسمرا، أفيد أن الرئيس عمر البشير سيتوجه اليوم إلى القاهرة في زيارة قصيرة تعتبر تحدياً جديداً لقرار المحكمة الجنائية الدولية بتوقيفه. لكن تسريب نبأ الزيارة للعاصمة المصرية ربما يؤدي إلى ارجائها. واستقبل البشير أمس رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني وناقشا مشاركة الأول في قمة الدوحة وتداعيات قرار توقيفه وعقد جولة محادثات جديدة لإقرار السلام في دارفور. ونقلت وكالات الأنباء أمس أن الرجل الثاني في تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري دعا الشعب السوداني إلى الاستعداد لحرب شوارع، والرئيس عمر البشير إلى التوبة. واعتبر الظواهري في رسالة نقلتها مراكز أميركية تراقب مواقع إسلامية على الانترنت، أن النظام السوداني «يحصد ما زرع»، في إشارة الى مذكرة التوقيف الدولية التي اصدرتها المحكمة الجنائية بحق البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم بحق الانسانية في دارفور. وتساءل الظواهري في رسالته التي تستمر 17 دقيقة «هل سيسلك نظام البشير طريق الاسلام والجهاد ويتخلى عن مناوراته السياسية وحيله الديبلوماسية .. التي لم تأت ولن تأتي سوى بالكوارث والمآسي؟». وذكّر الظواهري بأن الحكم السوداني طرد أسامة بن لادن و «جهاديين» آخرين في منتصف التسعينات، لكن الغرب لم يرض عنه. ودعا الشعب السوداني إلى «الاستعداد .. لحرب شوارع طويلة .. لأن الحملة الصليبية المعاصرة اظهرت مخالبها». ونقلت عنه «فرانس برس» ان «النظام السوداني أضعف من أن يدافع عن السودان، وعليكم إذاً أن تقوموا بما قام به اشقاؤكم في العراق والصومال الذين دافعوا عن بلادهم حين كانت الانظمة القائمة ضعيفة جداً». ووصل إلى الخرطوم عصر أمس الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني في زيارة قصيرة غير معلنة استغرقت ساعات. وقال مسؤول سوداني ل «الحياة» إن الشيخ حمد ناقش مع البشير الاستعداد لجولة المحادثات المقبلة بين الحكومة ومتمردي دارفور التي تستضيفها الدوحة، والتحضير للقمة العربية التي تعقد هناك، والأزمة بين الخرطوم والمحكمة الجنائية عقب اصدارها قرار توقيف البشير. وعلم أن المسؤول القطري نقل إلى القيادة السودانية نتائج اتصالات أجرتها الدوحة مع عواصم غربية في شأن قضايا السودان. وقال الشيخ حمد للصحافيين إنه جدد دعوة بلاده إلى البشير للمشاركة في القمة العربية. وكشف انهم يتعرضون لضغوط لعدم استقبال البشير أو تسليمه إذا وصل إلى الدوحة، مؤكداً أنهم لن يستجيبوا إلى أي ضغوط. وأضاف انه درس مع البشير جولة محادثات السلام بين حكومته ومتمردي دارفور التي ستستضيفها الدوحة خلال أسابيع، موضحاً أن «حركة العدل والمساواة» التي أعلنت قبل أيام مقاطعة الجولة ما لم تعد الخرطوم المنظمات الاجنبية التي طردت من دارفور، تراجعت عن موقفها ووافقت على المشاركة. وكشفت مصادر مطلعة في الخرطوم أن الرئيس عمر البشير قد يتوجه اليوم الى القاهرة في زيارة قصيرة تتحدى قرار المحكمة الجنائية الدولية بتوقيفه، وذلك بعد يوم من زيارته اسمرا. وقالت ل «الحياة» إن البشير سيناقش مع الرئيس المصري حسني مبارك نتائج زيارة مدير مخابراته عمر سليمان إلى واشنطن التى اجرى خلالها محادثات مع المسؤولين في الإدارة الأميركية في شأن ازمة دارفور وقرار توقيف البشير وتوصل الى تفاهمات مع وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون، بجانب المؤتمر الدولي الذي اقترحته مصر وتحفظت عنه الخرطوم. وكان معلناً أن نائب الرئيس السوداني علي عثمان محمد طه هو من سينقل اليوم رسالة من البشير إلى مبارك لاستكمال جولة بدأت في الرياض. ولم ينف وزير الدولة للخارجية السودانية السماني الوسيلة أو يؤكد زيارة البشير للقاهرة اليوم، وقال للصحافيين «إن غداً لناظره قريب». وفي تطور آخر، أكد مسؤول سوداني تقارير نشرت أمس عن انتهاكات مقاتلات أميركية سيادة السودان وشن غارة جوية استهدفت قافلة شاحنات صغيرة يمتلكها تجار سلاح مهربون كانت محملة بالأسلحة في شرق السودان ومتجهة إلى الحدود المصرية ويرجح أنها في طريقها إلى قطاع غزة. وقال وزير الدولة للطرق مبروك مبارك سليم في مؤتمر صحافي في كسلا عاصمة ولاية كسلا المتاخمة للحدود الاريترية، قبل يومين، إن «دولة عظمى» قصفت شاحنات صغيرة كانت محملة بالأسلحة ما أدى إلى احتراقها ومقتل سودانيين واريتريين واثيوبيين كانوا على متنها واصابة آخرين. كما قال الخبير فى شؤون القرن الافريقي ومدير مركز الدراسات الافريقية في جامعة افريقيا الدكتور حسن مكي ل «الحياة» إن أميركا ارتكبت جريمة بقصفها قافلة شاحنات صغيرة في منطقة شلاتين قرب الحدود المصرية، ما أدى إلى مقتل 37 من الأبرياء، مؤكداً أن هذه القضية اذا اثيرت في الرأي العام الأميركي فستجر على الإدارة الأميركية ما لا ترجوه، لأنها تعاملت مع القتلى بوصفهم إرهابيين وهم ابرياء، مؤكداً أن واشنطن تعلم ذلك ولن تصعد الأمر. وكشفت التقارير أن القافلة ضمت 17 سيارة، وأن عدد ركابها كانوا 39 شخصاً، وكان القصف قوياً لدرجة أن السيارات جميعها تفحمت. وقالت إن الصواريخ التي أطلقت خلّفت 18 حفرة تراوحت أقطارها ما بين 160 و430 متراً. ووقع الحادث في نهاية كانون الثاني (يناير) الماضي، في منطقة صحراوية تقع شمال غربي مدينة بورتسودان، قرب جبل الشعنون، وتكتمت عليه الخرطوم. ورُجّح أن تكون المقاتلات الأميركية التي نفّذت العملية تحركت من قاعدة «كامب ليمونير» الأميركية في جيبوتي التي تضم 1800 جندي ومكلفة مكافحة الارهاب في سبع دول تشمل اليمن والصومال وكينيا والسودان وإثيوبيا وأريتريا وجيبوتي. من جهة أخرى، قالت منظمة إغاثة كندية تعمل في دارفور إن موظفاً سودانياً يعمل لديها قتل الاثنين برصاص مسلحين مجهولين طالبوا بالحصول على هاتف محمول يعمل بالأقمار الصناعية كان يحتفظ به في منزله. وقال مارك سيمونز مدير فرع منظمة «زمالة لإغاثة افريقيا» في السودان في تصريح إن مسلحين مجهولين نصبوا للموظف السوداني فى المنظمة آدم خاطر مكمناً قبل يومين وطلبوا هاتفاً محمولا يعمل بالأقمار الصناعية، ثم ضربوه لأن الهاتف لم يكن يحمله ووصلوا إلى منزله مساء الاثنين وحين لم يجدوا الهاتف أطلقوا عليه الرصاص قبل ان يهربوا. واضاف ان الحادث وقع في منطقة نائية في ولاية غرب دارفور المتاخمة للحدود التشادية، موضحاً أن منظمته تعمل في السودان منذ 24 عاماً ويعمل لديها نحو 200 سوداني ولم يحدث أن قتل احد موظفيها في حادث مسلح.