أكد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز خلال افتتاحه أعمال السنة الأولى من الدورة الخامسة لمجلس الشورى في مقر المجلس في الرياض أمس، أن «التحديات التي تواجه أمتكم سواء على صعيد الوطن، أو الأمة العربية والإسلامية تفرض علينا جميعاً يقظة لا غفلة معها، وصلابة لا تقبل الضعف، وصبراً لا يخالجه اليأس، وقبل ذلك كله إيمان بالله لا قنوط معه، وكل ذلك يستدعي منا مسؤولية مضاعفة لمواجهة التحديات التي يأخذ بعضها برقاب بعض، فمن عدوان إسرائيلي عبث بالأرض فساداً، إلى خلاف فلسطيني بين الأشقاء هو الأخطر على قضيتنا العادلة من عدوان إسرائيل، يوازيه خلاف عربي وإٍسلامي يسرُّ العدو، ويؤلم الصديق، وفوق هذا كله طموحات عالمية وإقليمية، لكل منها أهدافه المشبوهة». وخاطب الملك عبدالله الحضور قائلاً: «وفي هذا الجوّ الملبّد بالسواد، ترى الشعوب العربية مصيرها مهدداً من الآخر، وشعرت بأن آمالها مبعثرة ومستقبلها مظلم. لكن الأمة المؤمنة لا تيأس من روح الله، فمن عمق المعاناة والجراح استذكرت تاريخها الحافل بالانتصارات، فانتصرت على يأسها، وانطلقت من سفح الواقع المرير إلى قمة التحدي، متجاوزة ذاتها، ساعية إلى جمع الشمل، وتوحيد الصف والكلمة، وسوف نستمر - بإذن الله - حتى يزول كل خلاف، مدركين بأن الانتصار لا يتحقق لأمة تحارب نفسها، وأن العالم لا يحترم إلا القوي الصابر، وإننا لأقوياء بالله صابرون متوكلون عليه جل جلاله». وتابع: «لقد كان من نعم الله على دولتكم أن قامت بدورها في هذه الانتفاضة المباركة على الشقاق والهوان، ويعلم الله بأننا كنا في كل خطوة اتخذناها نضع نصب أعيننا شعبنا العريق، مدركين إيمانه العميق بربه، وتمسكه بعروبته، وحرصه الشديد على وحدة أمته العربية والإسلامية وعزتها، فالحمد لله الذي هدى ويسّر، ثم الشكر للشعب الذي أيّد وساند». وزاد قائلاً: «وخلال تلك الأجواء الصعبة، هبت علينا رياح أزمة مالية عاتية، لم يكن لنا يد في صنعها، ولكن آثارها امتدت لتهدد العالم كله، وكان لا بد لنا من أن نتصدى لها بحزم وأن نعالجها بحكمة، واستطعنا - بفضل الله - تجنيب الوطن أسوأ عواقبها، ولا نزال نراقب الموقف بحذر ويقظة. ولا شك أن بلادكم تشارك مع بقية دول العالم الرئيسية في إيجاد الحلول لهذه الأزمة، وبخاصة دورها في مجموعة العشرين». وأضاف: «وفي غضون هذا كله كان لا بد لمسيرة التطوير أن تواصل انطلاقها في الوطن الغالي، وكان لا بد من قرارات تدفع بعجلة التطور، وضرورة التعامل مع المتغيرات، لما فيه رفعة الوطن، وتحقيق كل أسباب الحياة الكريمة للمواطن». وقال خادم الحرمين: «هذا سبيلنا، وهذا نهجنا، وسوف نمضي بحول الله وقوته، مستلهمين منه - عز ّو جلّ - القوة والعزم، عاملين بلا كلل ولا ملل لصناعة الغد السعودي المشرق بالرفاه، المزدهر بالمحبة والتسامح، الفخور بعقيدته وإيمانه».