منية شكري ممثلة تونسية الجذور مقيمة في مونتريال منذ صباها، إثر هجرة عائلتها من مسقط رأسها إلى «العالم الجديد». كان ذلك منذ عشرين سنة. وتبلغ شكري من عمرها الآن ربع قرن، كرست الأعوام الخمسة الأخيرة إلى المسرح على أشكاله، وإلى قراءة النصوص المختلفة الجنسيات والألوان من عربية وغربية كلاسيكية كانت أم حديثة. عرفت موهبتها مسارح مونتريال الكبيرة المرموقة والصغيرة ذات الطابع التجريبي التي تجذب جمهوراً ملمّاً بالثقافة المسرحية العريضة. لم تتعلم شكري كل هذه الاتجاهات المسرحية في معهد الدراما الذي تخرجت منه في مونتريال في العام 2005، إذ أنه اكتفى بتلقينها أصول وقواعد الفن المسرحي الكلاسيكي العالمي. وترى شكري أن تدريب المعهد أدى مهمته وأنها لم تنتظر أكثر من ذلك من قبل مدرسة رسمية. فانصرفت الى تثقيف نفسها حول المسرح العالمي، وانغمست في قراءة نصوص المسرح العربي وكذلك الشعر العربي القديم. قرأت هذه النصوص بالعربية أولاً لأنها حرصت دائماً وبمساعدة أهلها على تعلم لغتها الأم وإن كانت في الغربة، وثم مرة ثانية في كتب مترجمة من العربية إلى الفرنسية في شكل ممتاز يراعي المعاني ويعيدها في أدق طريقة ممكنة. هكذا أسست شكري فرقة مسرحية أطلقت عليها «دو بانكر» لتتمكّن من اختيار النصوص التي تجذبها وتقدمها في اللغة التي تعجبها وفي صحبة مجموعة من الفنانين يشاركونها حبها للمجاذفة ولتعريف المسرح والشعر الأجنبي إلى الكنديين. غير أن مونتريال مدينة تزخر بالعرب وبالتالي يتوافر فيها الجمهور الكافي لحضور أمسيات شعرية ومسرحية باللغة العربية. وبين النصوص العربية التي تخصصت شكري إلى حد ما في تقديمها تلك العائدة إلى أبو نواس، فهي صارت خبيرة فيها وكونت لنفسها شهرة كسفيرة رسمية له في كندا. وعلى هذا الأساس تنظم مناسبات أطلقت عليها «أمسيات أبو نواس» تجلس فيها على خشبة قاعة مسرحية متوسطة الحجم، وتقرأ هذه النصوص أمام حضور عربي كثيف مكون من لبنانيين ومصريين وبعض أفراد جاليات المغرب العربي. ولكن الطريف يكمن في كون هؤلاء العرب ينجحون بفضل الدعاية الحسنة التي يصنعونها لشكري، في إحضار أصدقاء لهم من الكنديين غير الملمين باللغة العربية. إلا أن موسيقى اللغة تثير انتباههم وتداعب حاسة السمع لديهم. واحتراماً لهؤلاء تقرأ شكري بعض المقاطع بالفرنسية في وسط إجمالي النص العربي الذي تقدمه في خلال الأمسية. أما العنصر الثاني الذي يجذب الجمهور الكندي إلى أعمال فرقة «دو بانكر»، فهو شهرة شكري كممثلة سينمائية سطع نجمها بسرعة. فصار وجهها معروفاً في كندا وتستضيفها المهرجانات الأوروبية العريقة مثل مهرجان «كان» للترويج للأفلام التي تتولى أداء بطولتها النسائية وأحدثها «الحب الخيالي» الذي أخرجه السينمائي الكندي الشاب كزافييه دولان والمقدم في مسابقة «نظرة محددة» في مهرجان «كان» 2010. وبين الأفلام الأخرى التي شاركت فيها شكري، «فريديريك في الوسط» للمخرجة آن إيموند، و «أمس والغد وثم أمس» لكزافييه روندو بوشين، و «عصر الظلام» للسينمائي المرموق دينيس أركاند. وإضافة الى المسرح والشعر العربي لا تزال شكري تشارك خارج إطار فرقتها الخاصة، في عروض كلاسيكية وحديثة تقدم بنجاح على خشبات القاعات المسرحية المرموقة ليس فقط في مونتريال بل في سائر مدن منطقة كيبيك الكندية الناطقة باللغة الفرنسية.