قال رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري انه تحدث مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي «عن حل لبناني عام»، في شأن ملف شهود الزور، واتفق معه على ابقاء التواصل مفتوحاً بينهما في هذا الشأن، كاشفاً أن الرئيس الفرنسي أبدى «استعداده لزيارة لبنان». وكان بري يتحدث أمس، عقب لقاء استغرق نحو ساعة مع ساركوزي الذي أعد له استقبالاً جديراً برئيس دولة، مع وجود الحرس الجمهوري عند مدخل القصر لدى دخوله وخروجه. وحضر اللقاء من الجانب اللبناني السفير اللبناني بطرس عساكر وشقيق الرئيس بري محمود، ومن الجانب الفرنسي الأمين العام للرئاسة كلود غيان ومستشار الرئيس جان دافيد ليفيت ومساعده للشرق الأوسط نيكولا غالي. وأوضح بري ان اللقاء كان «مناسبة لتوجيه الشكر لفرنسا وخصوصاً للرئاسة على العناية الدائمة والحرص على الاستقرار والسلام في لبنان والدعم الاقتصادي الذي تمثل في باريس 1 و2 و3». ولفت الى دور فرنسا الى جانب لبنان «عندما يتعرض للاعتداءات»، مؤكداً انها لذلك شاركت دوماً في قوة «يونيفيل». وأضاف أنه كان هناك حرص «في هذه الظروف الدقيقة التي يمر فيها لبنان على أن نتبادل الآراء حول كيفية حماية السلم الأهلي والوحدة اللبنانية التي هي جزء لا يتجزأ من الوحدة في المنطقة». وتابع بري: «كان هناك نقاش محدد حول موضوعي السلام والقضية الفلسطينية ونقاش مفصل حول الموضوع اللبناني وأعتقد ان النتائج كانت ممتازة». وعما إذا جرى تناول موضوع المحكمة الدولية، قال بري: «تكلمنا عن كل شيء طبعاً المحكمة والتحقيق الدولي ومساره وكل هذا كان موضوع نقاش». وسألته «الحياة» عما اذا كان تكلم عن طرحه حلاً لقضية شهود الزور، فقال: «لم أتكلم عن موضع معيّن تكلمت عن حل لبناني عام واتفقنا على إبقاء التواصل (مفتوحاً) مع الرئيس ساركوزي حول هذا الأمر». وعما إذا كان مرتاحاً لموقف الرئيس الفرنسي من المحكمة الدولية، قال بري: «نعم وأعتقد ان الرئيس لديه نية لزيارة لبنان ان شاء الله. كان هناك توافق في الآراء، ولا أحد ضد العدالة لكن المهم هو كيفية الوصول الى العدالة». الى ذلك، قال غالي ان ساركوزي أكد «استعداده للذهاب الى لبنان ولكن لم يحدد موعد لهذه الزيارة، وان ساركوزي وبري لديهما موقف متطابق حول وجود مخاطر وحول ضرورة أن تكون هناك اتصالات مع المؤسسات اللبنانية، والرئيس كثّف هذه الاتصالات أخيراً من خلال لقائه مع الرئيس (اللبناني) ميشال سليمان في مونترو ومع رئيس الحكومة سعد الحريري خلال الصيف الماضي». ورأى ان هذا ما يؤكد «نيات الرئيس الفرنسي بدعم المؤسسات اللبنانية ودعوة جميع اللبنانيين لدعم المؤسسات والسلطة الشرعية في لبنان». وعن المحكمة الدولية قال غالي ان «موقف الرئيس وموقف فرنسا من هذه القضية معروف وواضح، وهو دعم المحكمة واستمرار المدعي العام الدولي دانيال بلمار في عمله مع الأمل بألا يؤدي ذلك الى اضطرابات في لبنان وان تكشف الحقيقة حول اغتيال الرئيس رفيق الحريري كما تمنى اللبنانيون أنفسهم عند انشاء المحكمة». وأضاف غالي ان بري كرر موقفه من المحكمة وشهود الزور وان ساركوزي أكد له موقف فرنسا المعروف وسبق ان قاله لسليمان في مونترو وهو «دعم المحكمة واستقلالها». ولفت الى ان من «المهم جداً ان تكون البيئة الإقليمية مواتية لاستقرار لبنان، وتم في هذا الإطار تناول الوضع الإقليمي من سورية الى المملكة العربية السعودية الى ايران وزيارة الرئيس محمود أحمدي نجاد، واسرائيل، فكل هذه البيئة يمكن أن تلعب دوراً مواتياً أو غير موات، والمهم بذل الجهود لكي لا تؤثر خلافات اللاعبين على الاستقرار اللبناني». وذكر ان ساركوزي «أكد دعمه للجيش اللبناني، واهتمام فرنسا بأن يكون حسن التجهيز وقوي، ويعبّر مثل كل جيوش العالم عن سلطة الدولة». وعلمت «الحياة» من مصادر فرنسية ان بري حرص على التأكيد في كل لقاء «ان التفاهم السوري - السعودي أساسي لاستقرار لبنان وأنه طالما كان هناك تفاهم طالما الاستقرار موجود». وذكرت المصادر ان بري قال أيضاً في جميع لقاءاته ان «من الضروري حل موضوع شهود الزور، لأن من المهم معرفة من هم هؤلاء الأشخاص الذين أدلوا بشهادات أدت الى سجن الضباط الأربعة أربع سنوات، ومعرفة من يقف وراءهم». وأضافت ان بري أكد أيضاً «ضرورة استكمال تنفيذ بنود الطائف من القانون الانتخابي الى اللامركزية وغيرها من البنود التي لم تطبق». وكان سفير لبنان لدى فرنسا بطرس عساكر أقام مساء أول من أمس حفلة استقبال على شرف بري شارك فيها أكثر من 3 آلاف من أبناء الجالية اللبنانية من مختلف الأطياف والإنتماءات وحضرها سفير فرنسا في لبنان دوني بييتون وأعضاء السلك الديبلوماسي المعتمدين في باريس ومسؤولون فرنسيون. وبعدما رحب عساكر ببري مشيداً «بدوره ومواقفه الوطنية»، ألقى بري كلمة شكر فيها السفير عساكر «على انتباهه الشديد لكل حركة أو همسة تتعلق بلبنان في كل المهمات التي تولاها «، منوهاً «بدعم فرنسا اليومي المستمر للبنان، وهو الدعم الذي نريده متفهماً لرأي كل الاطراف لكي يؤدي هدفه في دعم استقرار النظام العام وترسيخ السلم الاهلي». كما شكر لفرنسا «دعمها الذي تميزعبر عقد مؤتمرات باريس1 و 2 و 3 وعبر المساعدات الفرنسية للنهوض الاقتصادي في لبنان، والمساعدات التنموية الموجهة، والمساعدات العسكرية والفنية للجيش اللبناني والمشاركة الطليعية للقوات الفرنسية في قوات الأممالمتحدة العاملة في جنوب لبنان»يونيفيل»، وهي مساعدة تشير الى رغبة فرنسية دائمة في تحصين لبنان ودعم استقراره وترسيخ السلم الاهلي فيه والحفاظ على صورته وحضوره ودوره في نظام منطقته وضرورته اللبنانية والعربية والدولية». وتابع: «أراد الرئيس الشهيد رفيق الحريري أن يستعيد ألق لبنان وأن يراه، وقد عاد ليكون سويسرا الشرق مزدهراً إلا أن الأيدي والجهات التي تريد شراً بلبنان اغتالت هذا الحلم. اننا جميعاً في لبنان، كل القوى السياسية والبرلمانية نريد الحقيقة والعدالة ولأننا كذلك فإننا نرفض الاستمرار في حرق الوقت وصرفه على النحو الذي جرى تحت ستار التحقيقات التي استبعدت الكثير من المستفيدين من الجريمة، من اجل وضع لبنان امام احتمال الفوضى والفتنة ومنعه من ان يكون منافساً اقتصادياً في نظام المنطقة «. وزاد :«إنني وعلى رغم التوترات السياسية والمتنوعة والتي يجري تسليحها لإيقاع لبنان في أتون الفتن أؤكد لكم أن لبنان لا يمكن ان يعود الى الوراء ليتقابل على خطوط تماس، ولن يحتكم الى حروب استتباع صغيرة او كبيرة، ومشروع الدولة في لبنان سينتصر حتماً، وأشقاؤنا العرب وفي الطليعة سورية والسعودية سيستمرون في اقامة مظلة أمان عربية فوق لبنان، وكذلك أصدقاؤنا في الجوار الاقليمي الاسلامي وفي الطليعة ايران وتركيا، وهذا ما يؤكد ضرورة سلوك خريطة عنوانها عنوانان: العدالة والطائف». وتطرق بري الى الوقائع الاقتصادية وقال ان تقارير خبراء الاقتصاد والمال تشير الى ان «حجم الدين العام الذي يبلغ 53 بليون دولار على الناتج المحلي الذي بلغ 37 بليوناً في حده الاقصى هي أعلى النسب في العالم بعد اليابان وزيمبابوي وهذا مؤشر خطير لا يوحي باستقرار مالي»، مؤكداً ان «المشكلة المركزية الأهم في مالية لبنان العامة هي ارتفاع وتيرة الدين العام». شطب الديون وناشد بري: «باسم لبنان الرسمي والشعبي ومن دون مشاورات اشقاء واصدقاء لبنان المبادرة الى شطب ديون لبنان الذي أدى ادواره عبر التاريخ في خدمة الانسانية»، لافتاً الى ان 47 في المئة من ايرادات موازنتنا تذهب لخدمة الدين العام. لقد استدنا على حاضرنا ومستقبل اولادنا، ونحن نحاول ازالة آثار الحرب الاهلية وحروب اسرائيل والنهوض بإقتصادنا»، مذكراً «بحروب إسرائيل اعوام 78 و 82 و 93 و 96 و 99 و 2006، اذ لا يمكن لأي دولة في العالم أن تتحمل كل هذه الحروب وتبقى واقفة «. وقال: «اننا في هذه اللحظة السياسية نستحق مبادرة دولية وعربية لمسح الديون وإلا فإن الوقائع الاقتصادية ستبقى تضغط على لبنان وتفتح ابواباً لأموال تشغيلية لتغذية الارهاب والجريمة المنظمة وتبييض الاموال. هناك عجز كبير في الموازنة يصل الى ثلاثة بلايين دولار، وهذاالعجز يزيد من أصل الدين العام، كما هناك عجز في الميزان التجاري هو من اكبر النسب في العالم». وتابع: «ان الاقتصاد اللبناني يعاني إضافة الى الازمة المالية ازمة اقتصادية ناتجة من شلل القطاعات الانتاجية وعدم تنفيذ القوانين، بدأت إسرائيل بإستخراج النفط حتى من مياهنا، وعلى رغم صدور قانون النفط منذ أشهر لم يصدر مرسوم واحد باتجاه استخراجه. امام هذه الصورة قد تبدو صورة المعالجات معقدة، ولكن دائماً اذا حافظنا على وفاقنا ووحدتنا وعيشنا المشترك واذا حافظنا على استقرارنا السياسي والامني والنقدي والضريبي، واساساً الاستقرار القانوني، فإننا سنشهد قيامة اقتصادية للبنان تعيده الى عصره الذهبي ومن دون ذلك فإننا سنبقى نعيش في دولة التقنين والفتن». ونبّه بري الى «المحاولات المتواصلة لتحويل أنظار اللبنانيين عن الأزمة الحقيقية، فيما تعد اسرائيل لحرب مدمرة ضد لبنان المنافس الاقتصادي الوحيد المحتمل لها في نظام المنطقة»، وقال ان اسرائيل تستخدم المفاوضات لكسب وقت لتنفيذ استراتيجيتها تجاه شطب حقوق الفلسطينيين، والاستعداد للدفع بالامور على المسارين اللبناني والسوري نحو حرب جديدة للانتقام من نتائج حرب 2006 والتي آلت الى فشل استراتيجي كامل لأهدافها الاسرائيلية».