أترك إسرائيل فتتبعني بجرائمها ودجل دعاتها في كل مكان، وأجد العالم يسعى الى نزع الشرعية عن هذه الدولة الفاشستية والعرب يسبغون عليها غطاء من الشرعية عبر المفاوضات والاتصالات المعلنة والسرية. إسرائيل يمثلها من هم على شاكلتها ولا شيء أسوأ شكلاً أو أكثر تطرفاً من مايكل أورين، سفيرها في واشنطن، وهو في الأصل اميركي من نيوجيرسي، ذهب الى إسرائيل ليسرق بيتاً فلسطينياً، وعاد ليمثل ليكود في بلاده التي لم يُكنّ لها أي ولاء يوماً. منذ أسابيع وأنا أقرأ ردود فعل أميركية على خطابات للسفير في كُنُس العاصمة الأميركية بمناسبة عيد الغفران اليهودي، وهو حثّ اليهود الأميركيين على موالاة إسرائيل، أي على خيانة بلدهم، لأن دعم الأميركي لإسرائيل جعل الولاياتالمتحدة مكروهة حول العالم، وعرّض مصالحها للخطر، وهذا مع ما تكلفه «العلاقة الخاصة» من أموال دافعي الضرائب الأميركيين على شكل مساعدات عسكرية واقتصادية، وتبرعات معفاة من الضرائب. طلبت خطاب أورين، ووجدته يكذب في كل سطر فيه، غير أنني أختار أن أبدأ بالنبي يونان الذي بدأ به السفير الليكودي، وما فهمت من كلامه هو أن يونان وضع في موقف سواء نفذ أوامر الرب أو عصاها فهو خاسر، وهذا وضع حكومة نتانياهو فسواء مضت في عملية السلام الى نهايتها أو رفضت دفع ثمن السلام فستخسر. كتاب يونان قرب نهاية التوراة، وهو في أربعة فصول في صفحتين فقط، والنبي هذا ينتمي الى مجموعة من أنبياء اليهود يسمونهم الأنبياء الأقل أهمية، ومنهم بلعام الذي كان الرب بحسب رواية التوراة يوحي له من فم حماره. وأرى أن الحمار كان يجترّ، وأن بلعام ضربته الشمس، وأن قصته خرافة توراتية أخرى. يونان رفض أوامر الرب أن يذهب الى نينوى ويبلغهم ان الرب سيدمرهم إذا لم يتوبوا عن المعاصي، وهو حاول الفرار الى ترشيش في آخر الدنيا إلا أن البحر هاج وبلع الحوت يونان فبقي في جوفه ثلاثة أيام ولفظه الحوت بعدها الى البرّ بأمر الرب. وذهب يونان الى نينوى فانصاع أهلها فوراً الى أوامر الرب وتابوا. يونان لسبب غير مفهوم ساءه الأمر مساءة كبيرة وطلب من الرب أن يأخذ نفسه «فإنه خير لي أن أموت من أن أحيا»، وهناك كلام عن أن الله «ندم» عن الشر الذي قال إنه يصنعه بأهل نينوى ولم يصنعه، وملك نينوى يأمر شعبه بالرجوع عن الشر لعل الله «يندم». الله يندم؟ الله يخطئ ويندم؟ الله يصنع الشر؟ هذا ليس ديناً كما أعرف الدين. أورين تحدث تكراراً عن إسرائيل كدولة ديموقراطية، وهي ليست دولة بل مستوطنة غير شرعية في أراضي الفلسطينيين أصحاب الأرض، والحق لهم وحدهم في إعطائها شرعية على أرضهم في عملية سلام، وهي ليست ديموقراطية لأنها لا تساوي بين مواطنيها وعصابة الحكم فيها تريد إعلانها دولة يهودية، ما يعني حرمان غير اليهود من حقهم في المساواة. أهم من هذا الكذب الصفيق هو أن أورين يقول إن إسرائيل تواجه قرارات مصيرية، مثل يونان، وقد تخسر بغض النظر عن القرار المتخذ. هو يقول إن مخزون حزب الله من الصواريخ زاد أربعة أضعاف، وقد سمعت شخصياً أن عند الحزب 30 ألف صاروخ وأتمنى أن يكون عنده 40 ألفاً. وهو تحدث عن 15 ألف صاروخ أطلقتها حماس على إسرائيل، ولكن لا يقول إن هذه الصواريخ قتلت إسرائيليَيْن اثنَيْن فقط، وإن إسرائيل في الفترة نفسها قتلت خمسة آلاف فلسطيني بينهم 1350 قاصراً. ويكمل أورين بعملية السلام ويكذب مرة أخرى ويقول إن إسرائيل أعادت أرضاً ولم تحصل على السلام، وأقول إن الأرض كلها فلسطين، وإسرائيل لم توجد في التاريخ ولا آثار لممالكها المزعومة في أرضنا على الإطلاق. وإذا كان من أخذ وعطاء فالفلسطينيون هم الذين يعطون من أرضهم للصوص. وينتقل أورين الى إيران ويصبح تل الكذب جبلاً، وهو يقول إن إيران راديكالية وسياستها إبادة الجنس. كيف هذا؟ هو يقول إن زعماءها يكررون الحديث عن إبادة إسرائيل وهذه كذبة غوبلزية تكرر حتى يصدقها الناس، فما قال محمود أحمدي نجاد نقلاً عن آية الله الخميني هو أنه يجب تغيير النظام في إسرائيل، لا إبادة. وفي حين أن لي الف اعتراض على سياسات الرئيس الإيراني فإن ليس بينها حصول إيران على أسلحة نووية طالما أن إسرائيل تملكها. إسرائيل دولة إرهابية، وحكومتها فاشستية مجرمة، وسفيرها في واشنطن متطرف حقير، ولا سلام ممكناً مع هؤلاء اللصوص فهم من الوقاحة أن يكذبوا على ما يحدث اليوم، بعد أن كذبوا على الله وزوروا التاريخ ووجدوا من يصدقهم. وإذا كان رأيي يمثل طرفاً واحداً، فغداً رأي جنوب أفريقيا في دولة التفرقة العنصرية (الأبارتهيد) الوحيدة الباقية في العالم. [email protected]