قتل مدنيون في قصف مدفعي لقوات النظام السوري على منطقة وادي بردى شمال غربي دمشق بعد ساعات من اغتيال مسؤول ملف التفاوض وتبادل دمشق والمعارضة الاتهامات بالمسؤولية عن ذلك، الأمر الذي أدى إلى تجميد تنفيذ اتقاق شمل إصلاح مضخات المياه في نبع الفيجة الذي يزود دمشق بمياه الشرب. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» الأحد: «قتل سبعة مدنيين على الأقل في قصف مدفعي لقوات النظام على قرية دير قانون في وادي بردى، في حصيلة هي الأعلى خلال يوم واحد في المنطقة منذ بدء الهدنة» في 30 كانون الأول (ديسمبر). وتسبب القصف بإصابة أكثر من 20 آخرين بجروح بعضها خطرة، متوقعاً ارتفاع حصيلة القتلى. ووفق الهيئة الإعلامية في وادي بردى، وهي شبكة أنباء محلية، استهدف القصف «تجمعاً للنازحين». وأوضح «المرصد»: «إن ما لا يقل عن 30 شخصاً استشهدوا وأصيبوا نتيجة قصف لقوات النظام على أماكن في منطقة دير قانون بوادي بردى وسط استمرار الاشتباكات بين قوات النظام والمسلحين الموالين وحزب الله اللبناني من طرف، والفصائل الإسلامية والمقاتلة من طرف آخر، في محيط عين الفيجة من جهة عين الخضرة ومن جهة رأس الصيرة، بعدما كانت قوات النظام تقدمت في رأس الصيرة المشرفة على دير مقرن وعين الفيجة وسيطرتهاعلى قرية عين الخضرة». وتجددت الأحد الاشتباكات في وادي بردى، بعد ليلة عنيفة أعقبت إقدام مسلحين مجهولين على اغتيال رئيس لجنة التفاوض في المنطقة اللواء المتقاعد أحمد الغضبان، وفق «المرصد». وتم تكليف دمشق للواء المتقاعد بإدارة شؤون المنطقة والإشراف على عملية إعادة ضخ المياه إلى العاصمة دمشق، وتنسيق الأمور مع كل الجهات المتواجدة في الوادي، وأن يجري تطبيق بنود الاتفاق، على أن يدخل عناصر من شرطة النظام بسلاحهم الفردي إلى منطقة نبع عين الفيجة للإشراف على الأمور الأمنية، كما عدلت سلطات النظام في أحد شروط الاتفاق وهي إتاحة المجال لل المقاتلين السوريين الموجودين في وادي بردى من داخل قراها وخارجها، والراغبين في «تسوية أوضاعهم»، بتنفيذ التسوية والبقاء في وادي بردى، في حين من لا يرغب في «التسوية»، يحدد مكان للذهاب إليه وتسمح له قوات النظام بالخروج إلى المنطقة المحددة، فيما يقوم أهالي الوادي من المنشقين والمطلوبين لخدمة التجنيد الإجباري، بأداء خدمتهم في حراسة المباني الحكومية ومحطات ضخ المياه ونبع الفيجة. ونص الاتفاق ايضاً أن يتم لاحقاً البدء بإعادة تأهيل المناطق المتضررة نتيجة القصف الجوي والمدفعي والصاروخي والعمليات العسكرية التي شهدتها قرى وبلدات وادي بردى، اضافة الى إخراج عناصر غير سوريين غير مشمولين باتفاق «تسوية الأوضاع والمصالحة» الى مناطق خارجها. وإثر اغتيال الغضبان، تدهور الوضع الميداني بعد هدوء نسبي أعقب اعلان التوصل الى اتفاق يتيح دخول فرق الصيانة لإصلاح الأضرار اللاحقة بمصادر المياه في عين الفيجة، مقابل وقف العمليات العسكرية وخروج المقاتلين الراغبين في مغادرة الوادي. وعلى رغم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في 30 كانون الأول لم تتوقف المعارك المتواصلة في وادي بردى منذ نحو شهر، ما تسبب بانقطاع المياه عن معظم دمشق بعد تضرر إحدى المضخات الرئيسية. وقال مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن إن «معارك عنيفة اندلعت بعد منتصف الليل (السبت - الأحد) بين قوات النظام وعناصر من حزب الله اللبناني من جهة والفصائل المقاتلة من جهة ثانية، بعد إقدام مسلحين مجهولين على اغتيال رئيس لجنة التفاوض في المنطقة اللواء المتقاعد الغضبان اثناء خروجه مع فرق الصيانة من وادي بردى». وأشار «المرصد» الى أن «قوات النظام وحلفاءها حاولت التقدم الى بلدة عين الفيجة التي تضم مصادر المياه الى دمشق، كما قصفت بعد منتصف ليل السبت - الأحد بالرشاشات الثقيلة مناطق الاشتباك». وتبادل طرفا النزاع الاتهامات بالمسؤولية عن اغتيال الغضبان الذي كان قد تولى مهماته قبل 24 ساعة من مقتله وفق «المرصد»، اثر التوصل الى اتفاق يتيح دخول فرق الصيانة لإصلاح الأضرار اللاحقة بمصادر المياه المغذية لدمشق في مقابل وقف العمليات العسكرية وخروج المقاتلين الراغبين في مغادرة الوادي. وذكرت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) ليل السبت الأحد إن «إرهابيين أطلقوا النار» على الغضبان «بعد خروجه من اجتماع مع متزعمي المجموعات الإرهابية المسلحة في قرية عين الفيجة». في المقابل، اتهمت المؤسسات والفعاليات المدنية في قرى وبلدات وادي بردى في بيان مشترك ليل السبت الأحد «يد الغدر» باغتيال الغضبان «عند حاجز للنظام (...) لتقضي على كل امل بحل سلمي يحقن الدماء». وناشدت الفصائل «عدم التوجه الى آستانة» للمشاركة في المفاوضات في 23 الشهر الجاري، مطالبة بدخول «مراقبين امميين الى وادي بردى لمراقبة وقف اطلاق النار وانسحاب (قوات) النظام» ومقاتلي حزب الله اللبناني. ومع بدء وقف اطلاق النار على الجبهات الرئيسية في سورية بموجب اتفاق تركي - روسي نهاية الشهر الماضي، لم تتوقف المعارك المستمرة في وادي بردى منذ 20 كانون الأول. وأدت المعارك الى انقطاع المياه عن معظم دمشق وتبادل الطرفان الاتهامات بالمسؤولية عن ذلك. وقال «المرصد»: «تجددت الاشتباكات العنيفة في محاور أخرى بمحيط وأطراف عين الفيجة في وادي بردى، بعد تمكن قوات النظام وحزب الله من السيطرة على قرية عين الخضرة القريبة من عين الفيجة حيث تمكنت من التقدم في منطقة رأس الصيرة الواقعة في شمال وادي بردى والمشرفة على عين الفيجة ودير مقرن مباشرة وسط انباء معلومات مؤكدة عن سيطرتهم على أجزاء واسعة من المنطقة». وأشار الى ان «عناصر قوات النظام وحزب الله سيطروا على قرية عين الخضرة وتقدموا نحو عين الفيجة بعد كسر حزب الله والنظام للتهدئة في وادي بردى، وقصفهم لأماكن في منطقة عين الخضرة بوادي بردى». وإذ اشار «المرصد» الى خروق اضافية لاتفاق وقف النار منذ انجازه نهاية الشهر الماضي، قالت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» ان «ما لايقل عن 318 خرقاً بين عمليات قتالية وعمليات اعتقال حصلت منذ دخول اتفاق أنقرة بينها 277 خرقاً نفذتها قوات النظام و34 من الجيش الروسي». تقدم ل «داعش» في دير الزور بالتزامن مع عشرات الغارات حقق تنظيم «داعش» تقدماً على الأطراف الجنوبية لمدينة دير الزور شرق سورية، على رغم شن قوات النظام عشرات الغارات على مواقع المتطرفين الذين يسعون إلى السيطرة على كامل المدينة، في وقت احتدمت المعارك بين التنظيم وقوات النظام السوري في ريف حمص. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» الأحد: «تمكن تنظيم داعش منذ بدء هجومه السبت من التقدم غرب مطار دير الزور العسكري وفي الأطراف الجنوبية للمدينة، حيث سيطر على عدد من التلال المشرفة على المطار» الذي يحاول المتطرفون السيطرة عليه منذ فترة طويلة. وأوضح «المرصد» أن تقدم التنظيم المتطرف جاء «على رغم شن قوات النظام أكثر من 120 ضربة جوية على مواقع المتطرفين منذ صباح السبت، عدا عن القصف المدفعي العنيف»، مشيراً إلى «معارك عنيفة مستمرة الأحد بين الطرفين». وبدأ تنظيم «داعش» السبت هجوماً «هو الأعنف» منذ عام وفق «المرصد»، من محاور عدة في مدينة دير الزور التي يسيطر على أكثر من ستين في المئة من مساحتها ويحاصر مئتي ألف من سكانها في شكل مطبق منذ عامين. واعتمد التنظيم عند بدء هجومه وفق «المرصد»، على «تفجير أنفاق وإرسال انتحاريين». وقال مصدر عسكري سوري في دير الزور ل»فرانس برس» السبت إن «تنظيم داعش حشد قواته لمهاجمة دير الزور بهدف تحقيق خرق ميداني فيها»، في محاولة ل «قطع الطريق بين المدينة والمطار العسكري». وأضاف أن «الطيران الحربي استهدف خطوط إمداد داعش في كل محاور المدينة». وقتل 12 عنصراً على الأقل من قوات النظام وعشرون متطرفاً خلال المعارك السبت، تزامناً مع مقتل ثلاثة مدنيين على الأقل نتيجة قذائف أطلقها «داعش» على أحياء تحت سيطرة قوات النظام، وفق حصيلة ل «المرصد». وتشهد الجبهات الرئيسية في سورية منذ 30 كانون الأول (ديسمبر) وقفاً لإطلاق النار بموجب اتفاق روسي - تركي. ويستثني الاتفاق في شكل رئيسي التنظيمات المصنفة «إرهابية» وعلى رأسها تنظيم «داعش» الذي يسيطر منذ عام 2014 على أجزاء واسعة من محافظة دير الزور النفطية والحدودية مع العراق. وكان «المرصد» قال في تقرير: «تستمر الاشتباكات العنيفة في محيط مطار دير الزور العسكري ومحور قرية الجفرة ومحاور أخرى في أحياء الرصافة والعمال والموظفين، وفي الجبل المطل على مدينة دير الزور، بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من طرف، وتنظيم «داعش» من طرف آخر، حيث يسعى التنظيم خلال هجومه الذي ينفذه منذ فجر السبت في مدينة دير الزور ومحيط اللواء 137 ومحيط المطار، إلى تحقيق تقدم في المنطقة وتقليص مناطق سيطرة قوات النظام المتبقية في محافظة دير الزور». يذكر أن هذا الهجوم يعد الأعنف في دير الزور منذ هجوم تنظيم «داعش» في منتصف كانون الثاني (يناير) 2016، على المدينة، والذي سيطر التنظيم خلاله على أجزاء واسعة من منطقة البغيلية شمال غربي مدينة دير الزور، وقتل وأعدم نحو 150 عنصراً من قوات النظام والمسلحين الموالين لها ومن عوائل عناصر من قوات الدفاع الوطني والجيش الوطني وأعضاء في حزب البعث من المدينة، بالإضافة إلى اختطاف أكثر من 400 شخص حينها من الحي ومن شمال غربي دير الزور، كانوا من المدنيين وعوائل المسلحين الموالين للنظام. وفي 8 من كانون الثاني الجاري، أدخل «داعش» كميات كبيرة من النفط الخام والإطارات إلى أحياء يسيطر عليها، في مدينة دير الزور، حيث جرى توزيعها من قبل عناصر التنظيم على الساحات والمناطق الخالية في المدينة. ورجحت مصادر بأن يعمد التنظيم إلى إضرام النيران في النفط الخام والإطارات في المدينة، خلال الهجوم الذي يعتزم تنظيم «داعش» تنفيذه على مواقع لقوات النظام والأحياء التي يسيطر عليها في المدينة ومحيطها. في وسط سورية، أفاد «المرصد» ب «تصاعد وتيرة الاشتباكات بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جانب، وعناصر تنظيم «داعش» من جانب آخر، في شمال مطار التيفور العسكري ببادية تدمر الغربية في الريف الشرقي لحمص، حيث تحاول قوات النظام في الهجوم الذي نفذته أمس بريف حمص الشرقي تحقيق تقدم بغية استعادة السيطرة على المناطق التي خسرتها لمصلحة تنظيم «داعش». وترافقت الاشتباكات مع تفجير التنظيم عربة مفخخة في محور قرية التياس في محاولة لوقف تقدم قوات النظام التي تسعى إلى استعادة السيطرة على المنطقة ومناطق أخرى، بغية تأمين مطار التيفور في شكل أكبر وسط «أنباء مؤكدة عن مقتل وجرح عناصر من قوات النظام والمسلحين الموالين»، وفق «المرصد». أنقرة تستعجل تشكيل وفد المعارضة إلى آستانة قالت مصادر في المعارضة السورية ل «الحياة» أمس، إن أنقرة لا تزال تضغط على الفصائل المقاتلة كي تشكل وفدها إلى مفاوضات آستانة في 23 الجاري لبحث شروط وضعتها للمشاركة، في وقت أشارت موسكو إلى «رضاها ودمشق عن سير وقف النار». وواصل مسؤولون أتراك لقاءاتهم مع قادة فصائل مسلحة في أنقرة لحضهم على الذهاب إلى آستانة بعد ظهور ثلاثة اتجاهات ضمن هذه الفصائل: «الأول ضد المشاركة في شكل مطلق. الثاني لفصائل تربط مشاركتها بموافقة حركة أحرار الشام الإسلامية. الثالث يربط المشاركة بوقف فعلي للنار، وخصوصاً في ريف دمشق». وأفادت المصادر بأن أنقرة «هددت الفصائل بوقف الدعم المالي والعسكري وإغلاق الحدود إذا قررت عدم المشاركة، وأنه بإمكانها طرح شروطها في المفاوضات». وأوضح قيادي في المعارضة: «الأتراك يراهنون على إضعاف النفوذ الإيراني في سورية عبر التعاون مع روسيا ويراهنون على إضعاف الأكراد الموالين لحزب العمال الكردستاني، لذلك فإن الجانب التركي يريد من الفصائل الذهاب بأي ثمن». ولا تزال القائمة النهائية لقائمة المشاركين في آستانة قيد التفاوض بين موسكووأنقرة. ونقل موقع «روسيا اليوم» أمس، عن مصدر روسي قوله إن الإدلاء بأي تصريحات حول تشكيلة المشاركين في مفاوضات آستانة «أمر غير مناسب، لأن المحادثات حول إطار المفاوضات في آستانة لا تزال متواصلة، ولم تنته بعد، والعمل عليه حالياً في ذروته، لذلك فإن الإدلاء بأي تصريحات بخصوص المشاركين فيها أمر غير مناسب». وقالت «روسيا اليوم» إن هذا جاء «تعليقا على تصريحات وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، من أن موسكووأنقرة قررتا دعوة الولاياتالمتحدة للمشاركة في مفاوضات آستانة». وزاد: «أي تصريحات من هذا القبيل يجب أن تتم عبر الإعلان الروسي- التركي- الإيراني المشترك لا غيره». وقال: «نود أن نذكر بأن الأطراف الضامنة للاتفاقيات حول وقف إطلاق النار (في سورية) والتي شكلت أساساً للاجتماع في آستانة هي روسيا وإيران وتركيا، لذلك يجب أن يكون أي من التصريحات من هذا القبيل عبر الإعلان المشترك». وكان نائب وزير الخارجية الروسي المبعوث الخاص لرئيس روسيا إلى الشرق الأوسط وأفريقيا ميخائيل بوغدانوف، ورئيس دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الخارجية الروسية سيرغي فيرشينين، ونائب وزير الخارجية الإيراني حسين جابر أنصاري، ونائب وزير الخارجية التركي سيدات أونال أجروا مشاورات ثلاثية استعداداً لمفاوضات آستانة. وبحسب بيان روسي، اتفق الممثلون عن روسيا وإيران وتركيا على أن «مفاوضات آستانة، التي تعد استمراراً للاتفاقيات الموقعة بين الحكومة السورية والمعارضة المسلحة في 29 كانون الأول (ديسمبر) والقرار رقم 2336 الصادر من مجلس الأمن الدولي، من شأنها ضمان وقف دائم ومستدام للأعمال القتالية في سورية ومواصلة محاربة الجماعات الإرهابية المدرجة في القائمة الأممية للتنظيمات الإرهابية، إضافة إلى إعطاء الزخم اللازم لعملية التسوية السياسية للأزمة السورية على أساس قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 ومقررات مجموعة دعم سورية». إلى ذلك، بحث بوغدانوف مع السفير السوري لدى روسيا رياض حداد، الاستعدادات لمفاوضات آستانة. وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان، إن الجانبين «تبادلا خلال المحادثات الآراء بشأن الوضع في سورية وحولها»، مضيفة أن المسؤولين «أعربا عن رضاهما عن خلق نظام وقف إطلاق النار فرصاً لازمة لتخفيف الوضع الإنساني في سورية والجهود الرامية إلى تمرير الحل السياسي بناء على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254».