يشهد التعاون بين الصين وبنين عودة إلى وتيرة لم يشهد مثيلاً لها منذ سقوط النظام الماركسي – اللينيني (في بنين) نهاية ثمانينات القرن الماضي. بيد أن مستوى هذا التعاون يقلق أوساط المثقفين، خصوصاً أن التجربة الديموقراطية تبدو أقل أهمية بكثير بالنسبة إلى الصين من فرص إرضاء طموحها الاقتصادي والسياسي في القارة الأفريقية. وعلى نقيض فرنسا – القوة الاستعمارية السابقة - وعلى غرار الاتحاد الأوروبي، تضاعف الصين أوجه تعاونها وتنوعه. وتظهر تساؤلات بين النخبة التي تخشى «استعماراً صينياً» أشد ضرراً وخبثاً من الاستعمار الفرنسي الذي عانت بنين منه قبل استقلالها عام 1960. وظهر أن الخشية تلك مبررة حيث انتقد المواطنون في الذكرى الخمسين لاستقلال بنين، حكومة الرئيس بوني يايي لسماحها بافتتاح الاحتفالات بمرور فرقة من حاملات الرايات على غرار ما تفتتح به الاحتفالات في الصين. وكأن هذا لم يكن بكاف، فقد تميزت سهرات عيد الاستقلال برقصات صينية. وأثارت هذه الأمور غيظ الوسط الثقافي والإعلامي في بنين. ففي الزمن الذي كان يحكم البلاد النظام الماركسي اللينيني لحزب الثورة الشعبية بقيادة الجنرال ماثيو كيريكو (حتى نهاية الثمانينات)، كانت الصين واحداً من الرعاة الأهم للبلاد إلى جانب الاتحاد السوفياتي. لكن بعد سير بنين على الطريق الديموقراطية عقب المؤتمر الوطني عام 1990، تكيفت الصين مع المعطى السياسي - الاجتماعي الجديد وأولت اهتماماً أكبر إلى مصالحها من متابعتها اللعبة السياسية. وبينما تبدو فرنسا منسحبة من القطاعات الرئيسة، تكثف الصين تعاونها بكل طاقة ممكنة. ويشهد على ذلك حضور الصينيين المتزايد عدداً في بنين، كما في كل أفريقيا، إضافة الى ارتفاع الاستثمارات والنمو السريع للتجارة الصينية. وستبني الصين في العاصمة كوتونو أكبر محول للطرق في غرب أفريقيا وذلك بعد بناء المقر الضخم لوزارة الخارجية وللمركز التجاري الصيني في كوتونو كرمزين للطموحات الصينية في بنين. وإلى جانب مئة بليون فرنك أفريقي (152 مليون يورو) من المساعدات الحكومية منذ 1972، تعتبر الصين واحداً من الشركاء الأهم في التنمية. وأنجزت الحكومة الصينية ومولت العديد من المشاريع الزراعية والصناعية وفي مجال الأشغال العامة. يضاف إلى ذلك إلغاء الديون وإعادة جدولة القروض. وأخير منحت الصين بنين 24 مليون يورو لتمويل بناء برج يخصص للإدارات في كوتونو. وإذا كان الحكام يرون في الصين شريكاً كبيراً في إطار تنويع التعاون، فإن مواطني بنين يطرحون أسئلة عن هؤلاء الصينيين الذين يأتون بأعداد كبيرة بعد الغربيين. وعلى خلاف الفرنسيين، والأوروبيين عموماً، فإن الصينيين لا يستعينون أبداً بالأيدي العاملة المحلية المؤهلة. ويكتفون ببعض العمال من أجل إعطاء صورة طيبة، في حين أن جميع الخبراء والعمال يأتون من الصين وما يحول دون نقل التكنولوجيا. المشكلة الأكبر هي أن الصينيين قليلو الاختلاط بالسكان المحليين. وذلك باستثناء التجارة التي يبيعون عبرها كل أنواع السلع الصينية بل حتى السلع الأوروبية التي تكون مزورة غالباً، من حواسيب وهواتف محمولة وملابس وغيرها. لكن في مقابل الحاجة الحكومية الى الصين كجهة قادرة على المساعدة في تذليل صعوبات التنمية، يرى العديد من المواطنين أن الصينيين يتصرفون في بلادهم على أنها أراض مفتوحة ما يبرر الاعتقاد أن تدهور العلاقات احتمال قائم. * صحافي، عن «لو بنين أوجوردوي» الصادرة في بنين، 21/10/2010، إعداد حسام عيتاني