واصل البرلمان التركي عمله «الماراثوني» لاستكمال المصادقة في قراءة أولى على مشروع تعديل 18 مادة دستورية لتغيير نظام الحكم من برلماني إلى رئاسي، وتوقع الرئيس رجب طيب أردوغان الانتهاء من المصادقة بالقراءة الأولى على جميع المواد خلال هذا الأسبوع. وعلى رغم أن الأمور تسير وفق ما تريده حكومة «حزب العدالة والتنمية» الحاكم، فان ذلك لم يبدد شعوراً بالقلق لدى أردوغان من حصول طارئ يفسد الأمر برمته. وعزز هذا القلق آمال معارضي مشروع الرئاسة التنفيذية، لكنه يستفز «العدالة والتنمية» ويدفعه إلى اتخاذ تدابير احتياط، خصوصاً أن دعم شريكه حزب «الحركة القومية» التعديلات التي تعزز صلاحيات الرئيس، تراجع من 34 صوتاً إلى 15 فقط، وبالتالي بات الفارق بين تمرير مادة أو سقوطها لا يتجاوز العشرة أصوات. في هذا الإطار، شكا «حزب الشعب الجمهوري» من ضغوط للحزب الحاكم شاركت فيها قيادة «حزب الحركة القومية» وبلغت حد «ابتزاز» نواب المعارضة، من خلال تلويح باللجوء إلى انتخابات مبكرة في حال فشل مشروع التعديلات الدستورية. وبدا أن الحكومة تعتمد أسلوب «العصا والجزرة» مع النواب. ولم يخف دولت باهشلي زعيم «الحركة القومية» هذا الواقع، إذ قال للصحافيين إن فشل البرلمان في هذه المهمة سيستدعي اللجوء إلى الناخبين لاستفتائهم من جديد. وقال دنيز بايكال الزعيم السابق ل «حزب الشعب الجمهوري» إن «البعض يساوم نوابه ويهددهم بحرمانهم من إكمال فترتهم النيابية وعدم ترشيحهم في الانتخابات المقبلة من أجل دفعهم للتصويت لهذا المشروع، وهو موقف مخجل». ووجه الرئيس التركي تحذيراً مبطناً بالقول إن «موضوع الانتخابات المبكرة أمر غير مطروح حالياً، لكنه يمكن أن يطرح في حال فشل البرلمان في أداء مهماته». وفي وقت عبر وزير العدل سعد الله أرغيل عن ثقته التامة بأن مشروع التعديلات سيمر بأصوات 340 نائباً، وأن تركيا ستشهد استفتاء شعبياً في ربيع هذا العام على التعديلات، أعربت أوساط معارضة عن أملها بحصول مفاجأة في آخر لحظة، خصوصاً بعد أسبوع، خلال التصويت بالقراءة الثانية والأخيرة على المواد كل على حدة، أو في التصويت النهائي بعد ذلك على مجمل المشروع، ذلك أن عدم توافر 330 صوتاً في أي من هذه المراحل، يهدد بإفشال المشروع وعدم طرحه على الاستفتاء الشعبي. وأوردت صحيفة «حرييت» أن حزب «العدالة والتنمية» وضع آليات لمراقبة رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو والنواب المقربين منه، للتأكد من «إخلاصهم في عملية التصويت»، كما تعتبر المعارضة أن إصرار الحزب الحاكم على التصويت بشكل علني، على رغم سرية الاقتراع، تؤكد انعدام الثقة بين قيادة الحزب والنواب، وكلها أمور تشير إلى «أن احتمال وقوع مفاجأة ما خلال الأيام المقبلة ليس مستبعداً». ولم يخل ماراثون التعديلات من طرائف، تجسدت في توبيخ أردوغان النواب الأتراك بعد عراك «بشع» في البرلمان خلال التصويت أدى إلى إصابة العديد بجروح. وقال أردوغان في تصريحات نقلها التلفزيون إن «أمراً بشعاً للغاية، مثل كسر أنف صديقنا النائب وعض ساق آخر لا يليق بأي عضو في البرلمان».