طرحت الحكومة المصرية على شريكي الحكم السوداني، حزب «المؤتمر الوطني» و «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، أمس، أفكارا لتجاوز القضايا العالقة المرتبطة بالاستفتاء على تقرير مصير جنوب السودان المقرر بداية العام المقبل، ورؤيتها في شأن مستقبل السودان، وسط معلومات عن اقتراح مصري بإرجاء الاستفتاء شهوراً من أجل تأمين إجرائه بعيداً عن التوتر وتسوية المسائل الخلافية التي يمكن أن تعيد الحرب الأهلية مجدداً. وعُلم أن القيادة المصرية تسعى إلى إقناع رئيس حكومة جنوب السودان سلفاكير ميارديت بإرجاء موعد استفتاء الجنوب بين ثلاثة إلى ستة أشهر من أجل تسوية القضايا العالقة ولتفادي إجرائه في ظل أجواء متوترة. لكن مسؤولاً في «الحركة الشعبية لتحرير السودان» التي تحكم الجنوب استبعد موافقة الجنوبيين على إرجاء الاستفتاء، وقال ل «الحياة» إن تأجيله ثلاثة أشهر سيؤدي إلى تعطيله نحو عام بسبب ظروف فصل الخريف الذي يُقفل الطرق في الجنوب ويجعل التحرك براً شبه مستحيل في إقليم لا توجد به طرق مرصوفة. وكشفت مصادر مطلعة أن زيارة وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط ورئيس الاستخبارات الوزير عمر سليمان إلى الخرطوموجوبا عاصمة جنوب السودان جاءت بهدف ترويج هذا المقترح، مشيرة إلى اقتناع الخرطوم بالمقترح المصري. لكنها قالت إن القيادة السودانية التي تتهمها دوائر في الجنوب بالسعي إلى تعطيل الاستفتاء، لا ترغب في ارجاء الاستفتاء بقرار سياسي وانما بترتيبات فنية من المفوضية الوطنية التي ستشرف على العملية. ونقل الوزير أبو الغيط والوزير سليمان أمس رسالة من الرئيس المصري حسني مبارك إلى نظيره السوداني عمر البشير تتعلق بالأوضاع في السودان والسلام والأمن وإجراء الاستفتاء، كما أجرى المسؤولان المصريان محادثات منفصلة مع نائب الرئيس علي عثمان محمد طه ووزير الخارجية علي كرتي. وقال أبو الغيط للصحافيين إن الرسالة التي نقلاها من مبارك الى القيادة السودانية تحمل رغبة مبارك في الاطمئنان الى أوضاع السودان «خصوصاً ونحن نقترب من مرحلة حساسة هي العلاقة بين الشمال والجنوب بجانب الاستفتاء والاعداد له»، موضحاً انهما استمعا إلى رؤية القيادة السودانية في شأن الاستفتاء وموعد اجرائه وما وراء إلى ذلك من تطورات، مشيراً إلى أن المحادثات كانت مفيدة وطيبة. وأضاف أن «السودان يمر بمرحلة صعبة وقمنا بتسليم رسالة من الرئيس مبارك الى الرئيس البشير بهدف محاولة تخطي التوتر الراهن في علاقة شريكي الحكم في السودان». أما وزير الخارجية السوداني علي كرتي فقال إن البشير ونائبه جددا التزام القيادة السودانية باجراء الاستفتاء في موعده واستكمال القضايا المرتبطة به والمسائل العالقة، مؤكداً تعاون حكومته مع مصر من أجل إكمال اتفاق السلام في شكل واضح وقوي. وأثنى على الاهتمام والمتابعة المصرية «المستمرة والقوية». وأوضح أن أبو الغيط وعمر سليمان يحملان «أفكاراً جادة» لتجاوز العقبات التي تهدد اجراء استفتاء جنوب السودان، مشيراً إلى أن الجهود المصرية تتضافر مع الجهود السودانية لايجاد حلول للقضايا العالقة. وانتقل أبو الغيط وسليمان من الخرطوم إلى جوبا عاصمة جنوب السودان، لاجراء محادثات مماثلة مع رئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت. الى ذلك، قال رئيس هيئة أركان «الجيش الشعبي لتحرير السودان» الذي يسيطر على جنوب السودان الفريق جميس أوث إن موازنة جيشه تصل إلى 40 في المئة من مجمل موازنة حكومة الجنوب. واعترف بتسليح الجيش كماً ونوعاً خلال الفترة الأخيرة استعداداً للسيناريوهات المقبلة». وقال: «سنشتري السلاح حتى ولو من الشيطان»، مشدداً على أن جيشه يمتلك الآن كميات كبيرة من الأسلحة الثقيلة والخفيفة. غير أنه جزم بأن عقيدة الجيش القتالية دفاعية وليست هجومية، مؤكداً في الوقت ذاته أن الجيش الجنوبي «جاهز تماماً».