دخلت مفاوضات الدوحة في شأن أزمة دارفور، أمس، «مرحلة حسم القضايا الخلافية». وأعلن رئيس «حركة /جيش التحرير والعدالة» الدكتور التجاني السيسي أن المفاوضات بين حركته والحكومة السودانية «دخلت الآن شوط المباراة الأخير وسنسلّم الراية إلى الوساطة» العربية - الأفريقية - الدولية لتضع وثيقة سلام شاملة، مؤكداً أن ما تم انجازه «عمل كبير» و «اتفقنا على قضايا كثيرة ... والمفاوضات سارت سيراً حسناً بشهادة المراقبين». وقال السيسي في لقاء مع صحافيين حضرته «الحياة» إن «الجانب الحكومي مُطالب الآن باتخاذ قرارات شجاعة تجلب السلام لأهل دارفور». وجدد الدعوة إلى الحركات الدارفورية التي غادرت «منبر الدوحة» للعودة إليه. وقال إن القضايا العالقة الخلافية بين الوفدين أُحيلت على «لجنة الاتفاقية وحل النزاعات» ابتداء من أمس لحسم بعض القضايا لمدة أسبوع، وفي حال عدم حسمها داخل اللجنة ستُحال على الوساطة لتقدم حلاً وسطاً. وأكد أن القضايا العالقة بين الوفدين يأتي في صدارتها «الإقليم الواحد»، إذ تتمسك الحركة بأن تكون دارفور إقليماً واحداً. وقال: «هذه أكبر مشكلة لم تحسم في المفاوضات» ووصفها ب «القضية التي يمكن أن تُنجح المحادثات أو تُفشلها»، مشيراً إلى أنه تم الاتفاق في شأن «ملف السلطة» على مشاركة أهل دارفور في الحكم بمعيار نسبة السكان، لكنه أكد أن هناك قضايا لم تُحسم بعد في إطار المشاركة في الحكم في مستوياته المختلفة. وأوضح أن القضايا الخلافية تشمل أيضاً «صناديق اقترحناها في شأن تعويضات للاجئين والنازحين وفي إطار لجنة العدالة والمصالحات» وتتعلق ب «التعويضات وجبر الضرر والديات»، مؤكداً أن أكثر القضايا الخلافية تتعلق بالمال وأن الحكومة السودانية لم تقرر حتى الآن المبلغ الذي ستدفعه لإعمار دارفور والتعويضات وغيرها من القضايا المرتبطة بهذا الملف. وقال السيسي «اتفقنا في المفاوضات على قضايا كثيرة»، معرباً عن اعتقاده بإمكان حسم الكثير من القضايا الخلافية خلال أسبوع. وشدد على «إصرار حركة التحرير والعدالة» على التوصل إلى «اتفاق سلام شامل وعادل يقفل الباب على الذين يودون المتاجرة بالقضية (الدارفورية) وعلى المغامرين والمزايدات وأي محاولة لإطالة أمد النزاع ويكون مُقنعاً للسواد الأعظم من جماهير دارفور». وقال: «نحن نعطي الفرصة للوساطة لتأتي بوثيقة سلام عادلة وشاملة ولم نمانع في أن تأخذ الوساطة في الاعتبار الاتفاقات الإطارية التي وُقّعت (وبينها اتفاق وقعته مع الحكومة «حركة العدل والمساواة» التي انسحبت لاحقاً من المفاوضات)، إضافة إلى توصيات مؤتمرات عقدت في وقت سابق لتُعرض على الحركات (الدارفورية المتمردة) التي لم تلتحق بمنبر الدوحة». ودعا تلك الحركات إلى العودة للمنبر التفاوضي في قطر. على صعيد آخر، أعلن مستشار الرئيس السوداني الدكتور غازي صلاح الدين أن الوساطة العربية - الأفريقية - الدولية ممثلة في وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية أحمد بن عبدالله آل محمود والوسيط الدولي جبريل باسولي أبلغته في اجتماع أمس أنها بصدد إعداد جدول زمني سيُعلن عنه لتقريب الآراء بين وفدي الحكومة السودانية و «حركة التحرير والعدالة» وصولاً إلى وثيقة سلام نهائية قبل نهاية العام الجاري «حتى لا ندخل في تعقيدات العام المقبل، إذ أن هناك أولويات أخرى»، مشيراً إلى الاستفتاء في جنوب السودان الذي سيجرى في كانون الثاني (يناير) المقبل. وقال: «نرجو أن يجرى (الاستفتاء ) بالصورة العادلة النزيهة التي تؤهله ليكون استفتاء معترفاً به». وكشف غازي «أن أهم شيء أن الوساطة ستُجري مشورة شعبية واسعة في دارفور حتى لا يكون الاتفاق المقبل (مجرد اتفاق) بين حكومة وحركة» دارفورية متمردة. وشدد على أن مشروعية السلام من المجتمع وليس من الحركات، وأكد أن الاتفاق المقبل في الدوحة سيكون مفتوحاً لمن يرغب من الحركات الأخرى وسيكون محمياً من المجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية والدولية». ونوّه المسؤول السوداني المكلّف ملف دارفور، في مؤتمر صحافي عقده في الدوحة أمس، ب «حركة التحرير والعدالة لأنها آثرت المضي على طريق العمل الإيجابي بمخاطبة المشكلات مع اختلاف وجهات النظر التي برزت خلال التفاوض». وأكد التزام الحكومة السودانية نهج التفاوض للوصول إلى حل سلمي بالجدية وصدق العزيمة حتى يتم التوصل لتسوية في دارفور. أما رئيس الوفد الحكومي إلى مفاوضات الدوحة الدكتور أمين حسن عمر فشدد على «أننا نستطيع صنع سلام ناجح لا يستطيع أحد أن يتحداه بغض النظر عن القوى التي ستوقع على الاتفاق». وأكد أن «المؤثرات الإقليمية والدولية تتجه صوب صنع سلام عادل في دارفور قبل نهاية العام الحالي».