لندن - أ ف ب - دافعت الحكومة البريطانية عن نفسها أمس أمام اتهامات بأن إجراءاتها لخفض الإنفاق الحكومي ستلحق ضرراً كبيراً بالفقراء وقد لا تكون كافية لمعالجة العجز العام الهائل. وأكد وزير المال جورج ازبورن ان خططه عادلة، وذلك غداة كشفه عن إجراءات ستلغي 490 ألف وظيفة حكومية وتخفض خُمس نفقات الدولة ونفقات الرعاية الاجتماعية الحكومية. وقال ل «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي) ان العملية «شملت بعض الخيارات الصعبة، ولكنني أعتقد ان هذه الخيارات كانت عادلة». وأضاف ان «أغنى 10 في المئة في البلاد سيكونون أكثر المتضررين إذ سيدفع الأغنياء معظم التكلفة، لكن الجميع سيساهمون». ورفض انتقادات معهد الدراسات المالية، اكبر مؤسسة بحثية اقتصادية في بريطانيا، والتي حذرت من ان الخفض قد لا يكون كافياً لتحقيق هدف الحكومة المتمثل بالتخلص من العجز العام في الموازنة خلال أربع سنوات. وتسلمت الحكومة البريطانية المؤلفة من ائتلاف بين المحافظين والديموقراطيين الأحرار السلطة في أيار (مايو) وأعلنت أنها ستضطر إلى اتخاذ إجراءات صارمة للتخلص من العجز القياسي في الموازنة الذي وصل إلى 154.7 بليون جنيه استرليني. وقال اوزبورن ان إجراءات الخفض ستنقذ بريطانيا من «الدمار الاقتصادي» ملقياً باللوم على الحكومة العمالية السابقة التي اتهمها بسوء الإدارة. وانتقد حزب العمال إجراءات خفض الإنفاق العام، معتبراً إياها مقامرة يمكن ان تعيد الدولة التي تُعد سادس اكبر اقتصاد في العالم إلى الركود. ورفض اوزبورن دعوات معهد الدراسات المالية الحكومة إلى وضع خطة ثانية تقضي بزيادة الضرائب وخفض الإنفاق في شكل اكبر في حال فشلت الخطة التقشفية الحالية في سد عجز الموازنة. وبموجب خطة التقشف، التي ستوفر نحو 81 بليون جنيه استرليني، بحسب أرقام الحكومة، سيخفض الائتلاف الحكومي نحو نصف مليون وظيفة من القطاع العام خلال اربع سنوات من إجمالي ستة ملايين وظيفة. وتواجه الدوائر الحكومية خفضاً بمعدل 19 في المئة باستثناء دوائر الصحة والمساعدات الخارجية. أما نفقات الرعاية فكانت الأكثر تضرراً إذ تعتزم الحكومة خفض 70 مليون جنيه استرليني، فقد أكد اوزبورن ان مخصصات الأطفال ستُخفض بالنسبة إلى ذوي الدخل المرتفع بينما سيُرفع سن التقاعد في الوظائف الحكومية الى 66 سنة. ورأت الصحف البريطانية ان خطة التقشف ستغير بريطانيا إلى الأبد وتنذر ببداية تراجع الدولة عن مساعدة المواطنين. واعتبرت صحيفة «فاينانشال تايمز» الخطة «اكبر مقامرة اقتصادية تقوم بها بريطانيا منذ جيل». واعتبرت صحيفة «الغارديان» ان المستقبل قاتم والاقتطاعات في المساعدات الاجتماعية ستضرب «المريض والفقير والوالدين اللذين يعملان». لكن بالنسبة إلى صحيفة «ديلي تلغراف» اليمينية، فاعتبرت ان الدولة «تقلص دور خطة التقشف» بفضل «سلسلة من الإجراءات الذكية والمنهجية والشجاعة»، مؤكدة ان وزير المال «قام بالاختيار الصائب». اما صحيفة «صن» الشعبية القريبة من المحافظين، فرأت ان اوزبورن يمنح بذلك البلاد فرصة «القيام بتحول تاريخي عبر الابتعاد عن ثقافة المساعدة لمصلحة ثقافة العمل والاعتماد على النفس». لكن صحيفة «اندبندنت» اليسارية أدرجت هذه الإجراءات في اطار التوجه العام للدول المتطورة التي يجب على حكوماتها «محاولة فعل المزيد لكن بتكلفة أقل»، لكن الحكومة البريطانية «لا تستطيع ان تفعل ذلك.