خيمت أجواء التوافق على جلسة العمل الأولى للحكومة اللبنانية برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون، بعد نيلها ثقة البرلمان قبل 6 أيام، ما سمح بتمرير مرسومين يتعلقان بإطلاق عملية تلزيم التنقيب عن النفط والغاز واستخراجهما من المنطقة الاقتصادية الخالصة في البحر كانت الخلافات التي سبقت تأييد رئيس الحكومة سعد الحريري انتخاب عون رئيساً للجمهورية أخرت إصدارهما لأكثر من سنتين. (للمزيد) ويعيد إقرار المرسومين اللذين يوزع أحدهما بلوكات الثروة الغازية التي ينوي لبنان تلزيم استخراجها إلى عشرة ويتضمن الثاني دفتر الشروط ونموذج الاتفاقية بين الدولة اللبنانية وبين الشركات المفترضة، إطلاقَ مشوار لبنان الطويل للإفادة من هذه الثروة لمصلحة اقتصاده المتعثر وتسديد دينه العام المتنامي. إلا أن المراقبين يطرحون أسئلة حول مدى الشفافية التي ستتم فيها عملية التلزيم المعقدة هذه التي يرتبط بها مستقبل الأجيال القادمة في بلد أنهكته الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتزايد الفساد والرشوة نتيجة المحاصصة بين القوى السياسية والطائفية، خصوصاً أن عدداً من الخبراء يتحدث عن تفريخ عدد كبير من الشركات في الآونة الأخيرة تم تأهيلها للاشتراك في عروض التلزيم مع الشركات العالمية. وعلى رغم ملاحظات متفاوتة تقدم بها 5 وزراء حول المرسومين، وهم مروان حمادة وأيمن شقير عن «اللقاء النيابي الديموقراطي» برئاسة وليد جنبلاط، وحسين الحاج حسن ومحمد فنيش عن «حزب الله»، ووزير المال علي حسن خليل عن حركة «أمل»، لم يبق من المعترضين عند اتخاذ القرار إلا حمادة وشقير، فيما أيد المرسومين 28 وزيراً من أصل 30. وأكدت مصادر وزارية ل «الحياة» أن «هناك تناغماً وزارياً أكثرياً حول إقرار المرسومين، من ضمنه وزيرا «حزب الله» اللذان أبديا مرونة في النقاش وسهّلا إقرارهما». وأشارت إلى أن جلسة أمس عكست توجه أكثرية مكونات الحكومة نحو مواصلة سياسة التسويات والتفاهم. وأوضحت المصادر الوزارية أن الملاحظات والاعتراضات تمحورت، خصوصاً من وزيري «اللقاء الديموقراطي»، حول وجوب إعطاء مزيد من الوقت لدراسة المرسومين وحول ربط كل العمليات النفطية بوزير الطاقة وعدم وجود شركة وطنية للنفط مملوكة من الدولة تتولى الاتفاقات مع الشركات، وعدم إنشاء صندوق سيادي للأجيال المقبلة فيما هناك صندوق خاص بالوزارة، وحول اشتراك الدولة مع المستثمرين في الإنتاج بدل اقتصاره على الأرباح، وانخفاض نسبة الإتاوات التي تتقاضاها الدولة من الشركات على ما تستخرجه وتعيين مفوض للحكومة لمراقبة أعمال هيئة إدارة القطاع البترولي. وقالت المصادر إن وزير الطاقة رد على هذه الملاحظات، مؤكداً أن القانون الأساسي ينص على إنشاء الشركة الوطنية وعلى اشتراك الدولة في الإفادة من الإنتاج وليس الأرباح فقط. وانسحبت أجواء التوافق الحكومي والسياسي على تعيينات إدارية في وزارة الاتصالات، فأعفي رئيس مجلس إدارة شركة «أوجيرو» التابعة لها، المهندس عبد المنعم يوسف، الذي يشغل منصباً ثانياً هو المدير العام للاستثمار والصيانة، وعُين مكانه مديران جديدان، على رغم أن اقتراح اسميهما جاء مخالفاً لقاعدة عرض أسماء عدة ليختار مجلس الوزراء واحداً منها لكل منصب، في وقت كان «تيار المستقبل» يتمسك بيوسف في السابق.