نجحت القوات الحكومية السورية، بمساندة من «حزب الله» اللبناني، في تحقيق تقدم ميداني أمس في منطقة وادي بردى قرب دمشق، في مؤشر جديد إلى نيتها استكمال المعركة في هذه المنطقة الاستراتيجية التي تقول فصائل المعارضة إنها مشمولة بوقف النار الساري منذ ستة أيام، وهو أمر ينفيه النظام بحجة أن هناك وجوداً ل «جبهة فتح الشام» («النصرة» سابقاً) التي تستثنيها الهدنة إلى جانب تنظيم «داعش». وأوضح «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، في تقرير أمس، أن «منطقة وادي بردى بريف دمشق تشهد تجدداً للضربات» التي تشنها الطائرات المروحية للحكومة السورية و «التي استهدفت أماكن في جرود بسيمة وعين الفيجة وعين الخضرة وأماكن أخرى في الوادي، بالتزامن مع تجدد الاشتباكات في شكل متفاوت العنف بين قوات النظام المدعمة ب «حزب الله» اللبناني والمسلحين الموالين من جنسيات سورية وغير سورية من طرف، والفصائل المقاتلة والإسلامية وجبهة فتح الشام من طرف آخر، في محاولات متلاحقة من قوات النظام التقدم في وادي بردى بغطاء من القصف المكثف والعنيف والاستهداف المتواصل لقرى الوادي وبلداته». وأشار إلى «معلومات عن تمكن قوات النظام من تعزيز نقاط سيطرت عليها قرب بسيمة ومحاور أخرى في الوادي». وأوردت شبكة «شام» الإخبارية المعارضة معلومات مشابهة، إذ قالت إن قرى وادي بردى تعرضت أمس ل «قصف عنيف من طيران النظام الحربي وراجمات الصواريخ، الأمر الذي أدى إلى تقدم بسيط للنظام وحلفائه في منطقة بالقرب من بسيمة». ولفتت إلى أن جنود الجيش النظامي وعناصر «حزب الله» اللبناني نجحوا «بعد اتباعهم سياسة الأرض المحروقة (في) التقدم والسيطرة على مجمع كفتارو» في قرية بسيمة، مضيفة أن الفصائل تواصل «عمليات الصد والدفاع عن المنطقة التي تضم أكثر من 100 ألف مدني». ولفتت «شام» إلى أن «منطقة مجمع كفتارو تُعتبر نقطة اشتباكات بين كتائب الثوار وقوات النظام، وليست ضمن المناطق الاستراتيجية»، بعكس ما تقول صفحات مؤيدة للحكومة السورية. وأشارت الشبكة أيضاً إلى أن الفصائل نصبت أول من أمس مكمناً لعناصر من «حزب الله» وميليشيا «قوات درع القلمون» التابعة للقوات النظامية حين «حاولت التقدم على محور قرية الحسينية ومحور وادي بسيمة» وقتلت «مجموعة كاملة» من المهاجمين. وذكرت «فرانس برس» أن القوات النظامية كانت قد بدأت في 20 كانون الأول (ديسمبر) هجوماً باتجاه وادي بردى الذي يقع على بعد 15 كيلومتراً شمال غربي دمشق. وتسببت المعارك الجارية هناك بتعرض إحدى مضخات المياه في عين الفيجة النبع الرئيسي في وادي بردى لانفجار، ما أدى إلى قطع المياه عن العاصمة. وتبادلت الحكومة والفصائل الاتهامات بالمسؤولية عنه. وجددت الأممالمتحدة الثلثاء تحذيرها من أن «أربعة ملايين شخص في مدينة دمشق ما زالوا محرومين من المياه منذ 22 كانون الأول جراء المعارك في منطقة وادي بردى». ويهدف هجوم قوات النظام، وفق «المرصد»، إلى السيطرة على منطقة وادي بردى المحاصرة منذ منتصف 2015، أو الضغط على الفصائل للتوصل إلى اتفاق مصالحة على غرار اتفاقات مشابهة أجريت في محيط دمشق خلال الأشهر الماضية. ولم يصدر أي موقف سوري رسمي حول العملية العسكرية في وادي بردى تزامناً مع إعلان الجيش الروسي الثلثاء رصده 27 خرقاً لوقف النار خلال الساعات الأربع والعشرين الأخيرة. وقال مدير «المرصد» رامي عبدالرحمن ان الهدنة دخلت «مرحلة حرجة»، محذراً من أنها تواجه «خطر الانهيار» ما لم يتدخل راعيا اتفاق وقف النار، روسيا وتركيا، لإنقاذها. في غضون ذلك، ذكر «المرصد» أن تظاهرة خرجت في مدينة دوما بالغوطة الشرقية، ندد المشاركون فيها ب «الخروقات المستمرة لوقف إطلاق النار» وعبّروا عن «تضامنهم مع أهالي منطقة وادي بردى». ولفت إلى اشتباكات بين القوات النظامية والمسلحين الموالين من جهة، وفصيل «فيلق الرحمن» من جهة أخرى، في محور المتحلق الجنوبي بمنطقة عين ترما في الغوطة الشرقية، فيما تتواصل الاشتباكات بين القوات الحكومية والفصائل الإسلامية في منطقة كتيبة الصواريخ بحزرما في منطقة المرج وعند أطراف بلدة الميدعاني بالغوطة الشرقية. وفي محافظة حمص (وسط البلاد)، أشار «المرصد» إلى اشتباكات تدور على محور جب الجراح بالريف الشرقي بين تنظيم «داعش» من جهة، وقوات النظام والمسلحين الموالين من جهة أخرى، إثر محاولة جديدة من الطرف الأول لتحقيق تقدم في المنطقة. وفي إطار مرتبط، تحدثت صفحات إخبارية موالية للحكومة السورية عن انسحاب كبير لعناصر «داعش» من محيط مطار «تيفور» في ريف حمص الشرقي بعد فشل سلسلة هجمات على هذا المطار الذي تتحصن فيه حامية من الجيش السوري وعناصر من «حزب الله». وكان هذا المطار على وشك السقوط بعدما انهارت دفاعات القوات الحكومية حول مدينة تدمر ما اضطرها إلى انسحاب سريع غرباً في اتجاه مطار «تيفور» الذي تعرض بالفعل لسلسلة هجمات ضخمة لكن حاميته تمكنت من صدها.