دانت محكمة عسكرية إسرائيلية الأربعاء جندياً إسرائيلياً بتهمة القتل غير العمد بعدما أجهز على الفلسطيني الجريح عبد الفتاح الشريف، في ختام محاكمة استمرت عدة أشهر وأثارت انقساماً عميقاً في الرأي العام الإسرائيلي، فيما أعلنت عائلة الشهيد الشريف أنها ستتوجه إلى محكمة الجنايات الدولية لمحاكمة الجندي الإسرائيلي الذي قتل ابنها بدم بارد. ويحاكم الجندي إيلور عزريا، الذي يحمل الجنسية الفرنسية أيضاً، منذ أيار (مايو) 2016 أمام محكمة عسكرية بتهمة الإجهاز على الفلسطيني عبد الفتاح الشريف برصاصة في الرأس في 24 آذار (مارس) الماضي، بينما كان الأخير ممدداً على الأرض ومصاباً بجروح خطرة إثر تنفيذه هجوماً بالسكين على جنود إسرائيليين، ولا يبدو أنه يشكل خطراً ظاهراً. ومن المتوقع أن يستغرق اتخاذ القضاة الثلاثة لقرار العقوبة على الجندي أسابيع عدة قبل صدورها. ويواجه الجندي عقوبة بالسجن قد تصل إلى عشرين عاماً. ويثير الحكم في قضية الجندي إيلور عزريا الانقسامات العميقة داخل الرأي العام، بين الذين يدعون إلى التزام الجيش بشكل صارم بالمعايير الأخلاقية، والذين يشددون على وجوب مساندة الجنود في وجه الهجمات الفلسطينية. وكان الانقسام في ملف الجندي واضحاً بين هيئة الأركان، التي تطرح نفسها الضامن للمثل العليا العسكرية ومارست ضغوطاً كي يخضع للمحاكمة، وبين جزء كبير من اليمين وشخصيات سياسية بارزة. وقالت وزيرة الثقافة ميري ريغيف إن «هذه المحاكمة لم تكن واجبة أصلاً»، وأضافت أن «إيلور عزريا هو ابننا، طفلنا» مشيرة إلى أنه كان ينبغي أن يخضع لتدابير انضباطية في وحدته. وكان أفيغدور ليبرمان قبل تعيينه وزيراً للدفاع أبدى تأييده الجندي عبر حضوره أولى جلسات محاكمته، أما الآن، فإنه يحمل إحدى الحقائب الوزارية الأكثر أهمية وعبّر عن عدم تحبيذه الحكم، لكنه دعا إلى احترامه و «ممارسة ضبط النفس». ودعا «السياسيين إلى التوقف عن مهاجمة رؤساء الأجهزة الأمنية والجيش ورئيس أركانه». وكان ناشط مؤيد للفلسطينيين قام في مدينة الخليل بالضفة الغربية في 24 آذار 2016 بتصوير إطلاق عزريا رصاصة في رأس الشريف الذي هاجم مع زميل له الجنود بسكين، لكنه أصيب بجروح خطيرة جراء الرصاص وكان ممدداً على الأرض ولم يكن يشكل أي خطر على ما يبدو، في حين قضى زميله فعلاً. وتبدو هذه القضية من أكثر الحالات الصارخة للاستخدام المفرط للقوة الذي تتهم القوات الإسرائيلية به في التعامل مع الفلسطينيين. وقد دفع الجندي الشاب المحوط باستمرار من عائلته خلال أشهر المحاكمة ببراءته. وأعرب عن اعتقاده أن الفلسطيني كان يخبئ تحت ملابسه حزاماً ناسفاً، كما أوضح محاموه. ومع ذلك، دحضت رئيسة المحكمة خطوط وكلاء الدفاع واحداً تلو الآخر محتفظة بشهادات تفيد بأن الجندي قال في مكان الحادث إن الفلسطينيين يستحقون الموت. وقالت إن إيلور عزريا كان يعرف ماذا كان يفعل، إذ إنه أطلق النار على الفلسطيني بدافع الانتقام، مضيفة أن وفاة الفلسطيني كانت «من دون جدوى». وقالت المحكمة في نص حكمها: «لا يمكن المرء استخدام هذا النوع من القوة وإن كنا نتحدث عن عدو. ندين بالإجماع المتهم بالقتل غير العمد والسلوك غير اللائق (لجندي)». ورداً على هذا الحكم المخفف نسبياً، وصف المتحدث باسم عائلة الشهيد الشريف المحاكمة بأنها كانت «صورية وهزلية، كبقية محاكمات الجرائم التي ارتكبها جنود الاحتلال ومستوطنوه بحق أبنائنا. منذ ساعات الصباح واليمين المتطرف الإسرائيلي يحشد نفسه للدفاع عن هذا الجندي». وتابع: «سنسير خلف قيادتنا السياسية ونحمل ملف الشهيد عبد الفتاح الشريف إلى محكمة الجنايات الدولية لمحاكمة الجندي الإسرائيلي الحاقد، وسنلاحقه في المحافل الحقوقية الدولية كافة». جاء ذلك خلال اعتصام نظم على دوار ابن رشد وسط مدينة الخليل، بمشاركة المئات وممثلين عن القوى والفاعليات السياسية والوطنية، تزامناً مع محاكمة الجندي الإسرائيلي. وطالب يسري الشريف، والد عبد الفتاح، بإنزال عقوبة السجن المؤبد بحق الجندي الإسرائيلي قاتل ابنه، وقال أن «الحكم العادل يجب أن يكون مثل أحكام المؤبد التي يحكم فيها على أولادنا في السجون الإسرائيلية. يجب أن يحكم عليه مثلما يحكمون على أولادنا». لكنه أشار إلى أن «إسرائيل ستحكم على ابنها، وهناك احتمال أن يكون الحكم مخففاً». أما آلام رجاء التي حملت صورة ابنها، فأكدت أن «المحكمة ليست عادلة» مشيرة إلى أن الجندي «دين منذ تصويره. لماذا قاموا بتأجيل المحكمة. لا نريد أن تتأجل، نريد أن يحكم عليه». وأكدت الحكومة الفلسطينية في بيان أن إدانة عزريا جاءت «بسبب توثيق الجريمة بالصورة وبثها تلفزيونياً تحت سمع العالم وبصره، وهذا دليل على أن هذه الجريمة تمثل واحدة من مئات الجرائم التي اقترفها جنود الاحتلال وتم خلالها إعدام مواطنين عزل». وأضافت أن «مسؤولين حكوميين إسرائيليين كباراً جاهروا بدعمهم ووقوفهم إلى جانب القاتل منذ اللحظة الأولى، وتحت سمع وبصر العالم أيضاً، الأمر الذي يدل على مدى عمق التحريض الذي تصر عليه جهات حكومية إسرائيلية». واعتبرت أن «نتائج التحقيق كافة في جريمة إعدام الشريف، والتي أقرت بها إسرائيل، أثبتت صدق الرواية الفلسطينية وأكاذيب الرواية الإسرائيلية». من جهة أخرى، قال عماد أبو شمسية، الذي وثق بالفيديو عملية إعدام الشريف في حي تل ارميدة وسط الخليل، انه تلقى «المئات من رسائل التهديد والوعيد من المستوطنين الإسرائيليين، بالإضافة إلى محاولاتهم تقديم الرشوة المالية لي كي أتراجع عن شهادتي أمام المحكمة وأغير في أقوالي بخصوص عملية توثيق إعدام الشريف من قبل الجندي الإسرائيلي». السجن سنتين لصبيين فلسطينيين رام الله - "الحياة" - أصدرت المحكمة المركزية الإسرائيلية، أمس، حكماً بالسجن على صبيين في الثالثة عشرة من العمر لمدة عامين، إضافة إلى عام قضياه في السجن بتهمة حيازة سكين لغرض الطعن. وقال المحامي محمد محمود من فريق الدفاع عن الطفلين شادي أنور فراح وأحمد رائد زعتري، وكلاهما من مدينة القدس، أن قضاة المحكمة المركزية حكموا على الطفلين بالسجن الفعلي لمدة 24 شهراً، يقضيانها في مؤسسات داخلية. وأضاف أن المحكمة لم تحتسب فترة العام الذي قضاه الطفلان في السجن من ضمن فترة الحكم. وكانت السلطات اعتقلت الطفلين نهاية 2015 وهما في الثانية عشرة من العمر، في أحد شوارع القدس، بعد أن عثرت بحوزتهما على سكين. ووصفت فريهان فراح، والدة شادي الذي يعد أصغر أسير في السجون الإسرائيلية، أن الحكم على الطفلين بأنه «ظالم». وأردفت: «هذان طفلان كانا يلهوان، وهذا كل ما في الأمر». وزادت «لو أن الشرطة الإسرائيلية أوقفت طفلاً إسرائيلياً في هذا العمر وعثرت في حوزته على سكين فهل كانت ستعتقله؟ بالتأكيد لا».