بعد ست سنوات من الجمود الاشتراعي والمنازلات بين إدارة الرئيس باراك أوباما والأكثرية الجمهورية في الكونغرس، طوى الجمهوريون الصفحة في أول دورة اشتراعية للسنة الجارية عقدوها أمس، ووضعوا أجندة طموحة للعمل مع الرئيس المنتخب دونالد ترامب لخفض الضرائب وإلغاء برنامج «أوباما كير» للضمان الصحي، وتخفيف الضوابط المالية والبيئية. وأبدت القيادة الجمهورية للكونغرس، قبل 16 يوماً من تسلم ترامب الحكم، تفاؤلها بالعمل معه، في ظل سيطرتها على مجلسي النواب بغالبية مريحة (241 مقابل 194)، والشيوخ بعدد أقل (52 مقابل 48)، حيث سيلتزم الجمهوريون العمل مع الديموقراطيين. لكن ترامب اختار في اليوم الأول من الكونغرس 115، انتقاد الجمهوريين، والظهور بموقع أكثر استقلالية يتماشى مع حملته الانتخابية، إذ عارض في تغريدات على «تويتر» تقويض الجمهوريين عمل لجنة «الأخلاق» التي جرى تشكيلها عام 2008 لملاحقة الفساد في الكونغرس، وسأل: «هل كان يجب أن يضعفوا لجنة الأخلاق المستمرة؟ أتمنى أن يركزوا على الإصلاح الضريبي والضمان الصحي والأمور الأكثر أهمية». ثم قرر الكونغرس إبقاء لجنة الأخلاق. وسيتصدر الشأن الداخلي والاقتصادي وليس السياسة الخارجية، جدول أعمال ترامب والكونغرس، مع تركيز الرئيس الجديد منذ انتخابه على رغبته في الانتقال سريعاً لتنفيذ الاقتراحات التي وضع خطوطها العريضة أثناء الحملة الانتخابية، مثل تيسير قانون الضرائب وخفض معدلات ضريبة الشركات وإلغاء برنامج «أوباما كير» ووضع برنامج بديل منه. ويسعى الجمهوريون منذ وقت طويل إلى التخلص من برنامج «أوباما كير» الذي يصرّون على أنه «غير عملي، ويعرقل نمو الوظائف». لكنهم يواجهون معضلة توفير تأمين صحي ل 13.8 مليون شخص يشملهم البرنامج، وقد يفقدون التأمين، وربما يؤدي ذلك إلى رد فعل عكسي، خصوصاً في ولايات ريفية كانت محورية في فوز ترامب، والتي لا يريد الجمهوريون أن يجازفوا بمقاعدها النيابية في انتخابات 2018 النصفية، لذا يُتوقع أن يبدأ الكونغرس في تشريعات أسهل، بينها تخفيف أو إلغاء ضوابط تهدف إلى التحكم في الانبعاثات الصناعية التي تلعب دوراً في تغير المناخ، والتراجع عن إصلاحات بالقطاع المصرفي أجريت بعدما كادت بورصة «وول ستريت» أن تنهار في 2008. وستشهد الأسابيع المقبلة أيضاً جلسات استماع ساخنة حول تعيينات إدارة ترامب، خصوصاً المرشح لوزارة الخارجية ريكس تيليرسون الذي تربطه علاقة جيدة مع روسيا في ميدان الأعمال وصفقات النفط. كما ستكون الجلسات حامية حول تعيين جيف سيشنز وزيراً للعدل وتوم برايس وزيراً للصحة، وأقل سخونة لمنصب وزير الدفاع الذي سيتولاه الجنرال جايمس ماتيس. وسينتهج الديموقراطيون استراتيجية أكثر حذراً في التعاطي مع ترامب، مع تولي السناتور تشاك شومر زعامة الأقلية الديموقراطية في مجلس الشيوخ. وستستند مقاربة شومر إلى العمل مع ترامب حول بنود وتشريعات اقتصادية تساعد الطبقة العاملة والريفية، في مقابل الاعتراض على سياسات أخرى قضائية واجتماعية وضريبية. وسيسعى الديموقراطيون إلى الخروج من قمقمة المدن واستعادة شعبيتهم وسط الأرياف التي خسروها بهامش واسع في الانتخابات الأخيرة.