أكد متحدثون في ندوة الطاقة الدولية، أن منظمة أوبك أسهمت بشكل فاعل في دعم الاستقرار العالمي، ودعم الازدهار في الدول المنتجة، وتمكينها من الاستفادة من ثرواتها وتوظيف عائداتهاوأوضحوا في أوراق العمل التي قدموها في الجلسة الأولى من اليوم الأول للندوة أمس بعنوان «السعودية ومنظمة الأوبك... البعد التاريخي»، وترأسها السفير السعودي لدى مصر هشام محيي الدين ناظر، أن المملكة تدعم توجهات المنظمة المنسجمة مع حقائق السوق، وكانت ولا تزال تسعى دوماً إلى إيجاد توافق وإجماع داخل المنظمة، بهدف تحقيق الاستقرار في الأسواق لمصلحة المنتجين والمستهلكين والصناعة البترولية. وشدد وزير البترول والثروة المعدنية السعودي المهندس علي النعيمي على حرص خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الرئيس الحالي لقمة «أوبك» وحكومة المملكة على استمرار الدور المسؤول والرائد للمنظمة في توفير الطاقة للعالم، ودعم ما تتخذه المنظمة من قرارات لمصلحة النمو والرخاء العالميين. ولفت النعيمي إلى أن «المنظمة عندما أنشئت كانت احتياطات دولها من البترول نحو 300 بليون برميل، وأنتجت خلال ال 50 عاماً الماضية أكثر من 400 بليون برميل، ولا تزال تمتلك الآن أكثر من تريليون برميل، ما يجعلها في موقع مميز من حيث الاحتياط للاستمرار سنوات طويلة مقبلة في توفير البترول للعالم، واستغلاله لمصلحة الأجيال الحالية والمقبلة». وأوضح أن المملكة عملت منذ اكتشاف البترول فيها على تأهيل السعوديين، إذ اشترط الملك عبدالعزيز لدى توقيع اتفاق الامتياز مع الشركة الأميركية أن تقوم بتوظيف وتدريب السعوديين، واستمر هذا النمط طوال تاريخ الصناعة البترولية في المملكة، مشيراً إلى أن السعودية أدركت مبكراً أهمية العمل على بناء الكوادر البشرية، واكتساب المهارات الفنية والتقنية لإدارة صناعة بترولية وطنية ذات كفاءة عالية قادرة على استغلال الموارد البترولية، والحصول على أفضل عائد ممكن من إنتاج وتصدير البترول، وانتهاج سياسات إنتاج وتسعير وتطوير تحقق أفضل عائد للمملكة من مواردها الهيدروكربونية، إضافة إلى التعاون والتنسيق مع الدول المنتجة الأخرى ذات الظروف المماثلة. من جانبه، قال رئيس شركة أرامكو السابق عبدالله صالح بن جمعة، إن المملكة عززت بشكل كبير من مسيرة المنظمة من خلال دعم قراراتها، ما شكل قوة للمنتجين وأرسى قاعدة صلبة للدول المستهلكة تبني عليها مزيداً من الرخاء لشعوبها، مستعرضاً مسيرة «أرامكو»، وما حققته من إنجازات خلال السنوات الماضية. ولفت إلى أن «أرامكو» قدمت للعالم ما يزيد على 100 بليون برميل من الزيت الخام من دون أن تخفق مرة واحدة في تلبية حاجات أي من عملائها لأسباب تشغيلية. من جهته، قدم كبير المحررين في نشرة «بتروسترتيجي» بيير تيرزيان، لمحة عن الإعلام الذي صاحب قيام «الأوبك» ومراحل تطوره، ليواكب القفزات التي حققتها «أوبك»، في حين قدم الرئيس التنفيذي نائب الرئيس للاستراتيجية الدولية للاستكشاف والإنتاج في شركة «ستات أويل» النرويجية إيفان ساندريا، لمحة عن تاريخ الاستكشافات النفطية والحقب الزمنية التي مرت بها، والتطورات التقنية التي ساهمت في تحقيق معدلات عالية من الإنتاج والاستفادة من الثروات الهيدروكربونية. وفي الجلسة الثانية من الندوة التي كانت تحت عنوان «دور المملكة الحالي والمستقبلي في منظمة الأوبك»، والتي ترأسها وزير المالية الأسبق محمد علي أبا الخيل، فقد ركز المتحدثون على الجهود التي تبذلها المملكة لتقوية كيان منظمة «أوبك» وتعميق رسالتها الهادفة إلى استقرار الأسعار ودفع مسيرة التنمية. وأكد وزير الصناعة والطاقة في آذربيجان ناطق علييف، أن «أوبك» وخلال النصف القرن الماضي من عمرها كان لها الأثر الكبير في أسواق المال والاقتصاد العالمي، لافتاً إلى أن دولة أذربيجان تقوم بدور فعال في تنفيذ مشاريع متعلقة بالزيت والغاز وهي تسهم في تسهيل التكامل الدولي وأمن الطاقة. من جهته، توقع مستشار وزير البترول والثروة المعدنية الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز المهنا، أن تواجه منظمة «أوبك» تحديات ليس لها علاقة مباشرة بسوق وصناعة البترول، منها احتمال عودة بعض الدول ذات الاقتصاد الكبير إلى السياسات الحمائية التجارية، واحتمال نشوب حرب أسعار للعملات، واستمرارية التذبذبات الحادة في أسعار المواد الأساسية بما فيها البترول، والربط غير الواقعي بين قضايا البيئة والبترول، إلا إن المنظمة قادرة على التعامل مع هذه التطورات والتغيرات العالمية، خصوصاً في حال استمرارها في العمل كمنظمة اقتصادية مستقلة واقعية، هدفها مصلحة أعضائها والصناعة والسوق البترولية الدولية حالياً ومستقبلاً. وأشار المهنا إلى أن الفترة الحالية ل«أوبك» تتميز بعدد من النقاط، منها اتخاذ القرارات داخل المنظمة بعيداً عن الجوانب السياسية والأيدلوجية، واختيار القيادات على أساس كفاءتهم، وليس لأي اعتبارات أخرى. وكذلك اتحاد القرارات، وبالذات خلال الاجتماعات الوزارية، على أسس تجارية واقتصادية بحتة، بما يحقق مصلحة المنظمة والدول الأعضاء. أما رئيس مجلس إدارة شركة «وليميري يروبا ايه إن أي للبتروكيماويات» ليناردو موجري، فأبدى تشاؤمه بشأن انتهاء المضاربات بالسوق النفطية وعودة هدوء الأسعار، محدداً ثلاثة أسباب تدفعه إلى هذا التشاؤم هي: القلق بشأن حدوث شح في الإمدادات النفطية، واضمحلال مقولة أن المعادن النفيسة تعد ملجأ آمناً للاستثمارات في حال الأزمات المالية، أما السبب الثالث فهو عدم نجاح أي جهة في الحد من جشع المضاربين مثل البنوك والمستثمرين وصناديق التحوط. بيد أنه بدد هذا القلق في تأكيده أن النفط سيظل المصدر الرئيسي للطاقة في العالم، وأن الوصول إلى ذروة الإنتاج النفطي لا يلوح بالأفق في الوقت الحالي، كما أن العالم سيستمر في حاجته إلى أسعار مستقرة. وشدد البروفيسور في جامعة برنستون السيد بيرنارد هيكل، في ختام الجلسة الثانية على أن المملكة تلعب دوراً محورياً في السياسة والاقتصاد والتقنية المتقدمة بالعالم، مشيراً إلى أنها تلعب دوراً قيادياً ليس في «أوبك» وإنما في عدد من القضايا العالمية المهمة، وهي تسعى دائماً إلى توظيف عائداتها في توسيع استخدامات التقنية الحديثة بما يحقق تعزيز التنمية البشرية بالعالم.