تواجه مبادرة «التسوية التاريخية» التي أطلقها رئيس «التحالف الوطني» الشيعي عمار الحكيم عقبات عدة، فقد رفضتها الحكومة، والزعيم الديني مقتدى الصدر الذي يتمتع بنفوذ كبير في الشارع والبرلمان، فضلاً عن اعتراض «الاتحاد الوطني» السني على المثير من بنودها، وجاء رفض المرجع الشيعي علي السيستاني استقبال الحكيم ليشكل ضربة قوية للمبادرة، ما يهدد بتقويضها من الأساس. الذي يرعى المبادرة، الحصول على ضمانات أكبر خلال زيارته إلى المراجع الدينية في مدينة النجف. وأكد مكتب الحكيم الذي زار النجف، على رأس وفد من «التحالف»، أنه «التقى المراجع: محمد الفياض وسعيد الحكيم وبشير النجفي، والشيخ محمد اليعقوبي، لإطلاعهم على آخر التطورات السياسية والخدمية والأمنية ومشروع التسوية السياسية واستمع إلى توجيهاتهم لما فيه خدمة الدولة والمواطن». وأعلن مكتب النجفي أن «المرجع استقبل وفد التحالف المكون من عدد القياديين والنواب، وقدم الحكيم شرحاً لأَهم مجريات الساحة السياسية، وقدم إليه وثيقة التسوية». وأضاف أن «المرجع شدد على وحدة أَرض العراق وشعبه وسيادتهما، والعمل على استراتيجيات حفظ الأَمن والإصلاحات الشاملة وتحصين البلاد من دنس كُل معتد آثم»، وطالب العراقيين ب «السعي إلى بناء وطنهم، بعدما دنس داعش أَرضه وما تعرض له من إِفساد المفسدين». وشدد على أن « العراق لا بد أَن يعيش بسلام وأمان، وفي خيمة واحدة موحدة، وأَن لا تكون على حساب الأَبرياء ودمائهم وأَموالهم» وصرح مصدر من مكتب المرجع اليعقوبي، بأنه «رحب بالوفد الزائر، مؤكداً أهمية بناء الدولة على أسس صحيحة»، ودعا إلى «جعل العراق الخيمة التي يستظلها جميع العراقيين على اختلاف انتماءاتهم وقومياتهم وطوائفهم، وأن يكون التعامل مع العراقيين كافة على أساس المواطنة والحقوق والواجبات». وفي مؤشر إلى أن «التسوية التاريخية» التي عرضها الحكيم على مراجع النجف مهددة بالفشل، أكد الناطق باسم مكتب السيستاني حامد الخفاف، في بيان مقتضب، أن «رئاسة التحالف الوطني والوفد المرافق طلبت موعداً للقاء سماحة السيد الذي اعتذر عن لقائهم، كما هي عادته منذ سنوات للأسباب ذاتها (الفساد وعدم الإصلاح) التي دعته إلى مقاطعة القوى السياسية. وذكرتها المرجعية العليا في بيان شهير إبان الحركة المطلبية الأولى، وأعادت تكرارها مرات إبان الحركة المطلبية الأخيرة، ولكن دون جدوى». وانتقد تحركات الحكيم مشيراً إلى أن «التحالف الوطني أراد زج المرجعية في موضوع التسوية وسماحة السيد السيستاني لا يرى مصلحة في ذلك». واعتبر مراقبون تصريحات الخفاف ضربة قاسية لجهود الحكيم، ومبرراً إضافياً للجهات الشيعية التي أعلنت رفضها «التسوية»، مثل العبادي والصدر اللذين أكدا خلال مؤتمر صحافي مشترك الأسبوع الماضي عدم جدواها، ودعوَا إلى «مصالحة مجتمعية» لمعالجة تأثير اجتياح «داعش» المحافظات السنية وما تلاه من عمليات تحرير. ولفت سامي الجيزاني، وهو عضو في «التحالف الوطني»، إلى أن «التسوية كانت محل خلاف داخل مكونات التحالف قبل التوصل إلى المسودة النهائية التي ستكون وثيقة للعمل السياسي وإدارة العراق بعد داعش، ما يستوجب تشريعات في البرلمان وقرارات إصلاح جريئة».